معراج سيدي الرئيس: الملهم ميلس تيكلي (3)..

سجى جثمان مليس تيكلي امامنا بناءا على اوامر ديكتاتور الحبش حتى نتعظ ونعتبر.. وحتى نعرف ان طريق المروق على طاعة نظام الديرغ مكلف للغاية.. رايت نفسي تسحب سحبا ناحية الجثمان.. قوة مجهولة تدفعني لا ادري من اين اتت .. كان هناك صوت داخل الغرفة يردد ما قاله مليس تيكلي في لحظة سابقة عندما درسنا سويا بالجامعة (في يوم ما وفي زمن ما سينتفض قلبك مثل ديك مذبوح.. هذه اللحظة لا يعرفها سوى الله لانه من زرع بذرة الخلاص داخل اخشائك.. فاذا جاءت اللحظة تأكد انك نضجت مثل لحم دجاج طري.. فعليك العواء مثل الذئاب تماما.. وعليك ان ترفع راسك كأنك تنظر الى نجوم (بنات النعش).. ثم تحمل السلاح وتصيح مجدا للوطن تبا للحاكم المتسلط سحقا للديكتاورية.. في ذلك الوقت سيمنحك الله قوة الف غول).. اوصلتني القوى الخفية التى تدفرني دفرا الى رأس جثمان مليس تيكلي.. في تلك اللحظة قال الديكتاتور زعيم الديرغ وهو يعنيني: اتركوه لننظر ايهتدي ام لا يهتدي..
ثم امر اعوانه بحزم مصطنع:
– بعدما يشبع هذا المأفون من رؤية جثة استاذه.. احرقوا جثة هذا الشيوعي الافاك الاثم.. انثروا رماده تحت شجرة الاودا.. كل اعدائي اجعلوهم سمادا لشجرة حاكم الاورمو (بيفولى)..
قال (التقراوي العظيم) كنت ارمق وجه الجثة بعدما سمح لي الديكتاتور زعيم الديرغ.. كنت ارمق وجه الجثة بكل ما اُوتيت من قوة لم يكن هذا وجه مليس تيكلي الذي اعرفه منذ سنين عددا.. كان الوجه مصادما ويحمل بعض تعابير القسوة والاقدام معا.. كانت سحنته بيضاء مائلة الى الاصفرار مثل لبن ابقار وركو تيدس. له لحية بيضاء متناسقة وغير مبعثرة لمحت نتوءات على الوجنات كانت غريبة علي.. رمقت حواجب كثة تعلو عيون جسورة تحمل قلب ينتفض سألته غاضبا:
– من انت ..
ظل الرجل الغريب يردد ذات قول مليس تيكلي (في يوم ما وفي زمن ما سينتفض قلبك مثل ديك مذبوح.. هذه اللحظة لا يعرفها سوى الله لانه من زرع بذرة الخلاص داخل اخشائك.. فاذا جاءت اللحظة تاكد انك نضجت مثل لحم دجاج طري.. فعليك العواء مثل الذئاب تماما.. وعليك ان ترفع راسك كأنك تنظر الى نجوم (بنات النعش).. ثم تحمل السلاح وتصيح مجدا للوطن تبا للحاكم المتسلط سحقا للديكتاورية.. في ذلك الوقت سيمنحك الله قوة ألف غول)
– من انت ياسيدي؟
– انا البارون ويليام دي لانفالي، لورد قلعة ستاندوي..
– ما خطبك ..
– قلبي الان يتنفض مثل ديك مذبوح لقد نمت بذرة الخلاص التي زرعها الله بداخلي.. لقد هزمتنا جيوش بلاد الغال في معركة معركة بوفين.. السبب ان ملكنا الملك جون ابن الملك هنري الثاني أدار المعركة وحده وبأنانية مفرطة دون ان يشركنا معه بالمشورة.. كان متسلطا لا يأبه لراي احد لذا انهزما.. التسلط دوما يجلب الهزيمة.. جمعت البارونات وكونا جيشنا غليظا اطلقا عليه (جيش الحرية) واتفقنا على انه يجب الحد من سلطات الملك بالقوة ان لزم الامر ومن ثم اشاعة الحريات العامة.. لقد صغنا ميثاق من 63 مادة سنجبر الملك على التوقيع في الوثيقة عنوة وهو صاغر..
صمت (التقراوي العظيم) ثم قال لي: رايت ويليام دي لانفالي يحث الخطى نحو الكنسية في سانت ألبانز.. قابل هناك عددا من البارونات قال لهم بصوت حاسم ان جيوشنا جيوش البارونات تحيط بالمدينة وهي اكثر عددا وعدة من جيوش الملك ثم نظر الى ناحية رئيس أساقفة كانتر بيري ستيفين لانجتون الوسيط بينهما وبين الملك وقال : سيدي الاسقف ليس امام الملك جون مجال سوى التوقيع على هذه الوثيقة.. والا فاننا سنعلن الحرب.. لن نظل عبيدا للملك الى الابد.. سنطيح به ان رفض.. ان لنا نحن التواقين للعيش الحر قوة ألف غول ..
تناول رئيس أساقفة كانتر بيري العريضة وقراها بصوت جهير ثم خاطب البارونات: اطلقتم على هذه الوثيقة اسم العهد الاعظم ال(ماجنا كارتا)..
اجاب البارون ويليام دي لانفالي نعم اطلقنا عليها ال(ماجنا كارتا) وفيها إقرار بميثاق الحريات والحد من انفراد الملك بالسلطة.. ان هذه الوثيقة ستكون اساسا لكل التواقين للحرية والعيش الكريم من بعدنا.. سيدون التاريخ ان العام 1215م عاما مميزا في تاريخ البشيرية.. هذا (العهد الاعظم) سيجعلنا سادة العالم في وقت ما..
بعدها سرت غيمة او كسوف لا ادري.. ثم رايت الملك جون وهو يوقع ذليلا على وثيقة (العهد الاعظم) وجواره رئيس أساقفة كانتر بيري ستيفين لانجتون كما وقع 25 بارونا على الوثيقة يسار توقيع الملك.. اما الشهود فكانوا بعض الاساقفة و رؤساء الاديرة..
عندها صاح البارون ويليام دي لانفالي وهو يقرأ المادة2 (نحن الملك جون هنري نمنح جميع الأحرار في مملكتنا، عنا وعن ورثتنا إلى أبد الدهر، جميع الحريات المدونة في وثيقة الماجنا كارتا)..
تنبهت الى صوت احد الجنود وهو يشد كتفي ويرفعي رفعا من على الجثة التى احتضنتها.. قلت للجندي هذا ليس مليس تيكلي انه البارون ويليام دي لانفالي..
قال الجندي: انت تهذي لقد حدث لدماغك هطل.. اترك لنا الجثة لاننا نود احراقها كما امر زعيمنا المهاب.. تبا لك ولهذا الشيوعي الميت المارق..
انتزع منى الجندي الجثة انتزاعا لم اكن ارغب في مفارقتها.. لحظتها شعرت انه انتزع مني جزءا عزيزا من تاريخ حياتي قضيته برفقة الملهم مليس تيكلي..
هذا ما قاله لي (التقراوي العظيم) ونحن جلوس تحت شجرة العرديب.. حولنا الاطفال.. امامنا تنبسط غابة من شجر الدوم.. فوقنا في الاعالي تحوم صقور الاوفامبو التى قال القس بنجامين اسيفا عند رؤيتها لأول مرة: (ربما هناك خطب ما قادم من السماء)..
صمت خليفة بعشوم ثم نظر ناحية الجموع الهادرة.. بينما الاعراب يهربون ناحية النهر مكان اقامة الحاج دورو بحثا عن مخدر الشاشمندي.. بغية ارتواء نفوسهم المعذبة بدخانه الكثيف المتعاظم .. لتصعد اجسادهم الى سحب المامتوس فرحين معانقين الارواح الهائمة والغاضبة لضحايا حرب الانجليز والطليان.. يلتقون في طريقهم الى البرزخ بروح القائد الشجاع وليام ثيسيجر ليعرفوا كيف كانت تحرض روحه بقية الارواح الهائمة على فتح صناديق الاسرار المغلقة ونشرها في البلدتين ابتداءا من حي (قوندر بر) المتمة الى (شيخ عكاش) في القلابات ثم تحط الاسرار المكشوفة رحالها أخيرا في حي (جنقرة) عند المومسات الخمسة.. قيزاش مارشا ومسرات اقيزي ومهاليت ووديد وزيني هبتو واخيرا ناتي تيزازو التي يقول عنها العسكري ابو جاكوما (انها مثل الشجر (الكبار) الذي يعلق به اجود انواع صمغ)..

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..