حادثة قتل في سياق عنف متواصل .. ما العمل؟

فجرت حادثة مقتل المواطن سامر عبد الرحمن الجعلي قبل يومين على يد الشرطة في شارع النيل بأم درمان، موجه غضب واستياء بالغ، وجعلت البعض ينظر بتمعن لحالات القتل، والعنف المادي، والأذى الجسدي الذي يلحق بمواطنين/ت من قبل أفراد الشرطة ، وإذا كان الغضب قد تركز ضد شرطة النظام العام ، فمن باب أولى أن يقف المجتمع بكل مؤسساته حيال العنف المفضي للحرمان من الحياة، أو المتسبب فى الإعاقة ، وانتهاك الكرامة، والخصوصية، الذي تترتب عليه أضرار نفسية بالغة على الأفراد والأسر والمجتمعات .
حادثة مقتل المواطن سامر غير معزولة من سياق عنف شامل فى كل أنحاء السودان يقع بأشكال ومستويات مختلفة من قبل السلطة ومؤسساتها المحصنة بالحماية، والناجية من المساءلة والمعاقبة، حتى ساد شعور باليأس من الإنصاف والعدالة وسط قطاعات من المواطنين ، فإذا نظرنا للمشهد اليومي فى دارفور وحصرنا حوادث العنف اليومي، من قتل، وخطف، وتشريد، لعرفنا حجم العنف
المؤسسي ، المستشرى، والمحصن ليس بسلطة القانون فقط ، بل بسلطة ضعف الوعي و الذاكرة المجتمعية ، وضعف المتابعة والتضامن ، والأخطر التطبع مع العنف وأخباره المؤلمة.
إذا أردنا حقا أن نقف ضد عنف السلطة ، يجب علينا فى المقام الأول عدم تجزئة القضية ، ووضعها فى إطارها القانوني والحقوقي والسياسي الصحيح،فماذا نتوقع من سلطة تشن الحرب على مواطنيها ، وتعيش ( 9) ولايات فى البلاد تحت قهر الحرب بكل تداعياتها غير الإنسانية ، واقتصاد البلد بحاله موجه لخدمة الحرب ومؤسسات العنف، والثقافة السائدة تتماهى مع العنف بأشكال مختلفة ؟ والأسوأ غض الطرف عن الانتهاكات اليومية المؤلمة التى تبدأ بالحرمان من حق الحياة ..فماذا نتوقع ؟.
ما يحدث الآن أن العنف والقتل وصل قلب العاصمة ، حيث يسهل رصد صحيفة الأحداث ، فى شارع النيل أو صيدلية أو سوق من الأسواق أو منزل من المنازل ، محصلة نهاية للحرب والقهر السياسي والاقتصادي ، فإذا أردنا أن نتصدى للعنف علينا أن ننظر للمشهد فى كل
أنحاء السودان، وان نظر لقضية السلام والقوانين، وارث الحصانات والإفلات من العقاب، والإنصاف والعدالة بكل جوانبها القانونية والحقوقية والإنسانية.
خارج السياق
مديحة محمد عبدالله
الميدان