أرض السمر والنيل وبارا (2)

كانت الحلقة “16” من أرض السمر والنيل عن مدينتي أم روابة والرهد، أي عن دار الجوامعة، وكانت تلك الحلقة متوازنة من حيث المحتوى؛ إذ استضافت شخصيات من مكونات اجتماعية مختلفة بمن فيهم الدكتور هارون الطيب هارون، ناظر عموم الجوامعة، وتحدث الجميع في تلك الحلقة عن منطقتهم بكل صدق وواقعية فعكسوا البنية الاجتماعية التي تتكون من مختلف الأعراق بلا تهميش أو إقصاء أو تجاهل لأي طرف أو قمط لحقه التاريخي، ووفقوا أيما توفيق في التعريف بالمنطقة وامكانياتها المتنوعة ولذلك أعتقد أنهم قد حققوا كسباً إعلامياً كبيراً؛ لأن هذا البرنامج عال المشاهدة. وإذا ما قارنا هذه الحلقة بسابقتها يتضح لنا جلياً مدى الإجحاف والخطل الذي وقع فيه كل من مقدم الحلقة وضيفه؛ لأنهما لم يتحريا الدقة والمصداقية فيما أوردا من معلومات جانبت الصواب والواقع وأخلت بهدف البرنامج بشكل واضح كما أثارت جدلاً واسعاً لا تحمد عقباه في أوساط المهتمين بالشأن العام من أهل بارا! وقد حاول الأستاذ خالد حاج محمود الربط بين بارا والحرازة التي تقع إلى الشمال منها، ولكنها لا تتبع الآن لمحليات بارا، مدعياً أن الحرازة كانت العاصمة الثانية لمملكة كوش النوبية، بينما الحرازة هي منطقة في واقع الأمر وليست مدينة، وأن بارا هي عاصمة مملكة العباسيين المزعومة في كردفان، وهذا لي لرقاب الحقائق، ليخلص المتحدث جزافاً إلى أن هذه المنطقة هي امتداد لممالك النوبة القديمة! عموماً، هنالك شبه إجماع بين معظم المؤرخين والباحثين الذين كتبوا عن شمال كردفان أنها لم تشهد قيام أي كيان سياسي فيما عدا دولة المسبعات، وحتى هذه لم تكن سلطنة مستقرة أو مستقلة إذ كانت الحرب سجالاً بينها وبين سلطنة الفور من الغرب في أحيان كثيرة، وبينها وبين سلطنة سنار أو الفونج ومشيخة الغديات في أحيان أخرى! ولم يرد ذكر لأي كيان للعباسيين في كافة المراجع التي تحدثت عن شمال كردفان قديماً وحديثاً، ما عدا ما ذكره المؤلف الفحل الفكي الطاهر في كتباه الموسوم” تاريخ وأصول العرب بالسودان” وقد ورد فيه ما نصه: ?أما الأمير إدريس فلم يقم بمصر أكثر من عامين؛ إذ أنه هاجر منها إلى السودان سنة 658 هجرية. وعرف أن في صحاري غرب النيل جماعة من بني قحطان وعرب فزارة من بني عدنان، فارتحل إلى أسيوط. ومنها أجّر الجمال والأدلاء إلى أن نزل على العرب في الخيران فاستقبل بالسرور، وجعلوه إماماً وحكماً بعد أن علموا أنه من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بني العباس، أهل الخلافة والشرف. وانقاد له العرب، وأصبح بينهم سيداً مطاعاً. فاستوطن الصحراء، واقتنى الماشية، وصار مع البادية في الحل والترحال، وطاب له المقام. وكان أكثر مقامه بالخيران. وعاش بالسودان تسع سنوات، حتى توفى ودفن بمقبرة يقال إنها اليوم بين بارا وخرسي”! وهذا كلام له عدة دلالات منها أولاً أن عرب فزارة، أي دار حامد، لهم وجود قديم في هذه المنطقة التي كان يقال عنها في بعض المراجع “بر الزنج وفزارة”! ومن المعلوم بالضرورة أن الخيران تمتد من بارا شمالاً حتى شرشار وكجمر والفيلية أي ما يعرف حالياً بمنطقة دار حامد. ومما يستفاد من هذا النص أيضاً أن عرب فزارة لم ينصبوا الأمير إدريس حاكماً أو ملكاً عليهم وإنما جعلوه حكماً وبالطبع فإن ثمة فرق واضح بين ” الحكم والحاكم” مما يدل دلالة لا يرقى إليها الشك أن الرجل حل ضيفاً على أصحاب الدار الذين أكرموا مثواه لما علموا أنه من آل بيت رسول الله فأقام بينهم وصار مثلهم يرعى الإبل ويرتحل حيثما كان الكلأ مثل بقية السكان، ولما أراد الرحيل ودعه مضيفوه بمثل ما أستقبل به من حفاوة مواصلاً سيره نحو الشرق. وفي طريق رحلتهم حفر هؤلاء النفر الكريم بئر سرار بالقرب من جبل المليسة ولهم مقابر في جبل العرشكول. وثمة سؤال يطرح نفسه في هذا المقام ألا وهو: لو أن العباسيين أقاموا مملكة في بارا فلماذا تركوها وغادروا المنطقة دون أن ينازعهم أحد في الملك أو يدخل معهم في حرب؟ وحتى عندما ذكر السيد الفحل أمراء وملوك بني العباسي لم يذكر يقيناً أن بارا هي عاصمتهم في شمال كردفان! ومما يلاحظ على هذا الكتاب أنه يعتمد على الروايات الشفوية بالدرجة الأولى ويركز على أنساب العباسيين خدمة لغرض المؤلف، ولذلك فهو لا يعد من المراجع المعتبرة في تاريخ العرب في السودان مثل كتابات هارولد ماكمايكل أو يوسف فضل حسن. وتحدث الأستاذ خالد أيضاً عن السيد الهادي ود صبر الدولابي الذي كان يشغل منصباً إدارياً مهماً ويحكم منطقة تمتد من بارا حتى بحري كردفان شمالاً وحتى تخوم النيل الأبيض شرقاً، في محاولة أخرى لإثبات أن دار حامد ليسوا هم أصحاب الأرض وإنما هم مكون طارئ عليها كما يبدو، ناسياً أن المناصب الإدارية لا تثبت حقاً لأحد وإلا لما تكلم عن هذا الجانب مطلقاً.
[email][email protected][/email]
هذه الأرض اذا لم تكن لقبائل فزاره فمن يا ترى يكون أهلها? هذه القبائل العربيه استوطنت هذه الأرض منذ الأزل وهي أرضهم مارسوا بها حياتهم البدويه بطوله وعرضها ولم يكن بها أي شعوب أخرى اللهم إلا بعض الجيوب الصغيره يحلون عليهم فيرحبون بهم ويتركوهم يعيشون بينهم في كرم ونخوه واضحين .. وهذا المؤرخ الذي ذكره الكاتب يحاول أن يلوي عنق الحقيقه ونسبة هذه الأرض الطيبه لشعوب أخرى لا يمتون اليها بأدنى صله .
هذا رأي المؤرخ وحده يتحمل مسؤوليته ولكن في الواقع وعلى الأرض نجد شعوب المنطقه جميعا يعيشون في تناغم وحب وسلام وإخاء وحدث بينهم تداخل وانصهار عجيب فصار الجميع شعبا واحدا لا تهمهم الأسماء والنعرات والقبليات وغيرها لهم التحيه جميعا أولئك الناس الطيبين ..
هذه الأرض اذا لم تكن لقبائل فزاره فمن يا ترى يكون أهلها? هذه القبائل العربيه استوطنت هذه الأرض منذ الأزل وهي أرضهم مارسوا بها حياتهم البدويه بطوله وعرضها ولم يكن بها أي شعوب أخرى اللهم إلا بعض الجيوب الصغيره يحلون عليهم فيرحبون بهم ويتركوهم يعيشون بينهم في كرم ونخوه واضحين .. وهذا المؤرخ الذي ذكره الكاتب يحاول أن يلوي عنق الحقيقه ونسبة هذه الأرض الطيبه لشعوب أخرى لا يمتون اليها بأدنى صله .
هذا رأي المؤرخ وحده يتحمل مسؤوليته ولكن في الواقع وعلى الأرض نجد شعوب المنطقه جميعا يعيشون في تناغم وحب وسلام وإخاء وحدث بينهم تداخل وانصهار عجيب فصار الجميع شعبا واحدا لا تهمهم الأسماء والنعرات والقبليات وغيرها لهم التحيه جميعا أولئك الناس الطيبين ..