استراحة الجمعة: خرج ولم يعد

صباحكم خير

الممثلة العبقرية (ميريل ستريب) مثلت واحداً من أروع أدوارها في فيلم (أغسطس).. جسدت فيه دور امراة (نقناقة) تصب لعناتها على الجميع.. لم يسلم أحد من لسانها.. امرأة ظاهرها القوة والبطش وباطنها هش الى درجة أنها حزنت حد الجنون عندما فتح زوجها الباب ذات يوم.. وخرج منه ولم يعد.. كدا بس.. الحقيقة أن الفيلم يناقش قضايا كثيرة عن العلاقات الأسرية.. فتعرف أن الإنسان هو الإنسان في أمريكا أو جزر القمر.. لكن حزن ميريل ستريب ذكرني مقولة قرأتها قبل زمن.. أن المراة التي تصرخ كثيراً هي أمرأة محبة لزوجها وحريصة عليه.. مما يزيد في افرازات هرمونات القلق والتوتر.. فتكون النتيجة صراخاً و(نقة) ما منظور مثيلها..
كيف يعرف الرجل ذلك وهو الذي يتعامل بظاهر الأفعال وليس عنده وقت لقراءة ما بين السطور؟.. خالص الود عنده.. أن يكون البيت هادئاً ونظيفاً.. والعشاء جاهز.. وريموت التلفزيون بيده اليمنى لا يشاركه فيه أحد!! لو أتينا بكل حكماء الأرض لن نستطيع اقناعهم أن خلف ضجة (النقة) تكمن المحبة والحرص على وجود الرجل سالماً.. من يذهب لسقراط الحكيم ويقول له إن زوجته (أشهر من مارس النقة على مر العصور) وهو الذي (شال حالها).. من يقول له إنها كانت تحبه وأن ذلك الصراخ كان وسيلتها في اظهار المودة؟؟..
المفارقة أن المرأة (النقناقة) تبتغي من نقتها تلك إبقاء الرجل بجانبها في بيتها لأنها لا تحس بالأمان إلا معه.. لكن ويا للحسرة.. اختارت وسيلة غريبة.. فوصلته الرسالة خطأ فما كان منه إلا.. أن فتح الباب.. .وخرج لا يلوي على شيء.
لطالما استوقفتني علاقات أجدادنا وحبوباتنا.. لماذا كانت تسير بسلاسة.. وهدوء.. .لماذا صبر الأجداد على نقة الزوجات.. ولم يستطع الأحفاد أن يحذو حذوهم؟؟.. كنت في حيرة من هذا الأمر.. حتى قرأت مقالاً مطولاً عن (بنك المشاعر).. ذلك الذي يكن لك معزة خاصة في قلبه.. يحتمل منك أخطاء كثيرة.. راجياً أن تبادله الود في أوقات أخرى.. فيرتفع رصيد المحبة.. ومن ثم تخطىء مرة أخرى.. فيسامحك مرة كمان.. ذلك أن رصيدك كاف لعملية السحب هذه.. وهكذا تستمر الحياة.. حبوباتنا كن هكذا.. يسحبن.. ويودعن في بنك المشاعر.. لا يتركن الرصيد يؤول الى الصفر.. يعفن ويرضن.. لذلك لم نسمع بظاهرة (خرج ولم يعد) إلا نادراً.. والزمن كان مبتسم والليالي جميلة حالمة.
اذن يا بنات أمي تفاصيل قولي والمجمل.. أن (النقة).. فن لا تتقنه الكثيرات.. فهو يحتاج الى الكر والفر.. الى السحب والإيداع في بنك المحبة.. والى تخير الوقت المناسب لإفراغ طاقات (النقنقة).. ومن ثم بعد ذلك (تلبسي توب النبي) وتعملي رايحة.. عندما يسألك البعض (المرحوم كان مالو؟).. تجيبي بكل براءة (والله كان شديد.. وما عنده عوجة.. ما قلت ليهو شيتن يزعلو.. ياهو حديث كل يوم.. يعني الزول ما يتونس ولا شنو؟).
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..