عابدين اسماعيل و19 يوليو: أنا سفير السودان

[CENTER]
سيد أحمد الحاردلو[/CENTER]

قصيدة سيد احمد الحاردلو التي استبدت بي هي نثر خالص. وتلك كلمته التي كتبها عن ذكرياته عن الأيام الثلاثة من يوليو 1971 في سفارتنا بلندن التي كان فيها سكرتيراً ثالثاً. وهي قصيدة أو معلقة عن شجاعة سفيرنا عابدين إسماعيل المحامي ونقيب المحامين لدورات كثيرة. وصف إرنست همينجواي الشجاعة بأنها الوسامة عند الشدائد. وأسفر عابدين عن وسامة غراء في تلك الأيام بما يشرف به كل سوداني.

وقع انقلاب 19 يوليو المنسوب إلى الشيوعيين واثنين من قادته بلندن وهما العميد بابكر النور، رئيس مجلس قيادة الثورة الجديد، والرائد فاروق حمد الله.

ولم تكن شجاعة عابدين عند شدائد الهول فحسب بل شدائد الكسب. فسأله الحاردلو يوم 20 يوليو إن كان قد قابل بابكر وفاروق. فقال له: “لا. ولا ماشي. الدايرني يجيني في سفارتي”. وكان الانقلاب بكل المقاييس مما قد يفرح عابدين. فهو من “إندنا” في نطاق الجبهة الديمقراطية. وربما كان بابكر وفاروق من أصدقائة أو معارفه. وهم رفاقه على أية حال. وربما كانوا من وراء ترشيحه ليكون في السلك الدبلوماسي اصلاً. ولكنه تنزه من أن يسعى لهم لا كِبراً بل لحفظ كبرياء المنصب والوطن.

أما وسامة عابدين في الشدة فقد جاءت حوبتها في 22 يوليو بعد اختطاف القذافي لطائرة الخطوط الجوية البريطانية من فوق سماء ليبيا لتسليم راكبين منها للسلطات السودانية، وهما بابكر وفاروق. وكان عابدين قد طلب من الحاردلو أن يرتب لمؤتمر صحفي في الخامسة مساء لإدانة قرصنة القذافي. وفي الأثناء كان النميري قد عاد وأنهزم الانقلاب. فدلف الحاردلو لمكتب السفير ليطلب منه إلغاء المؤتمر بعد عودة الرئيس المخلوع. فقال له عابدين:

-لا.. لن نلغيه، إن ما حدث خطير ولابدّ من إدانته.

وأسمعو بقية الشعر عما حدث على لسان الحاردلو:

نهض السفير وخرج أمامي. لم يكن المصعد موجوداً فدلف يهبط بالسلالم في عنفوان شاب في الثلاثين. يمشي كجنرال والرقبة متكية لليسار. كان السفير المغربي يعتقد أن عابدين إسماعيل جنرالاً بالجيش ومن يومها كنتُ، ومحمد أحمد ميرغني، نسميه فيما بيننا بالجنرال. كان الجنرال يهبط الدرج أمامي وليست في يده ورقة واحدة. قبل يومين قال “ما مشيت لبابكر وفاروق ولا حامشي”. وكانا في قمة السلطة. واليوم هما في محنة وبدون سلطة. وهاهو يهبط الدرج ذاهباً لإدانة العملية والدفاع عنهما. أي عظيم هذا الرجل!

كانت القاعة مكتظة بالصحفيين. تقدّم السفير نحو المقدمة. ناداني الملحق الإعلامي في السفارة المصرية وكان صديقاً عزيزاً. “يا سيد!” هكذا كان ينده اسمي. “ده نميري رجع!” قلت: “عارف”. “والسفير عارف!” قلت: “نعم”. “وحتعملو المؤتمر!”. قلت: “نعم”. وصفّق يديه وهو يقول: “عجبي عجب!” أدان السفير العملية، وقال: “إنها قرصنة غير مسبوقة”. وحين سألوه: “سفير مَنْ أنتَ؟ نميري أم بابكر؟”. قال: أنا سفير السودان!”. وخرج وخرجت الكاميرات وراءه حتى السيارة.

وترك السفير حبل الشجاعة السودانية لغيره. فقد اجتمعت مظاهرة أمام السفارة تحتج على قرصنة القذافي فيها السفير يعقوب عثمان. وكان يحب أن يُعَرف نفسه بأنه من فرط يمنيته “حزب أمة جناح الامام الهادي”. فسأله الحاردلو، بالنظر إلى يمنيته، عن سببه على التظاهر.قال:

-نحن السودانيين قادرون على حل مشاكلنا فلماذا يتدخّل بيننا الآخرون؟ كنتُ أريدهما أن يصلا الخرطوم وأن نتداوس هناك. جئت أُدين هذه العملية.

قال الشاعر الحاردلو عن مساء لندن ذاك:

“كانت لندن تنوح مطراً: خرجتُ من السفارة. قصر سنت جيمس على اليمين والسفارة على اليسار.كانت زخات المطر تتناثر عبر الظلام. أين هما في الزحام الآن! رجلان من أميز الرجال . . . إنني سعيدٌ بإنتمائي إلى وطن هؤلاء الرجال. كان المطر يزخ عنيفاً يجلد الظلام وينهال على الأرض. وكانت لندن كَمَنْ يبكي وينوح!
سينما ياحردلو يا خي!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تقول أعلاه:
    【وقع انقلاب 19 يوليو المنسوب إلى الشيوعيين واثنين من قادته بلندن وهما العميد بابكر النور، رئيس مجلس قيادة الثورة الجديد، والرائد فاروق حمد الله】

    بينما يفتتح تاج السر عثمان مقاله الحالي بالراكوبة بهذه الجملة:

    【كان انقلاب 19 يوليو 1971م ظهر الأثنين 19 يوليو 1971م الذي خطط له ونفذه الضباط الشيوعيون والديمقراطيون، حلقة مهمة في مقاومة ديكتاتورية نظام جعفر نميري،】

    ما بالكم يا أيها الشيوعيون الأحياء لا تتحملون مسؤلية هذا الإنقلاب بنفس الجسارة التي تحملها بها رفاقكم الذين فقدوا حياتهم في يوليو 1971 وتتباكون كل عام بهم وتتفتخرون كما لو ان كل منكم خنساء فقدت صخرا؟!

  2. رجل
    1. يدعو أصدقاء الي منزله مبيتا خيانة وشرا ، ثم يستفزهم ليقولوا ما يدينهم عند سيده النميري ، ثم يشي بهم، فينهي بذلك حيوات وأسر و حزبا سياسيا (تنتمي انت اليه) وكان يعول عليه الكثيرون في السودان
    ثم
    2. يتآمر مع الليبين (بشهادة زوجته والتي قالت أن الليبيين كانوا على إتصال تلفوني بزوجها، سفير السودان في لندن _ أرجع وأصغ السمع مليا يا عبد الله) لخطف رئيس بلده! من قبل دولة أجنبية
    رجل عظيم!؟

    شخص كهذا في رإيك ? عظيم يا عبد الله؟
    ما كنت أظنك أن تعريفك للعظمة بهذا القدر من التفاهة!

  3. تقول أعلاه:
    【وقع انقلاب 19 يوليو المنسوب إلى الشيوعيين واثنين من قادته بلندن وهما العميد بابكر النور، رئيس مجلس قيادة الثورة الجديد، والرائد فاروق حمد الله】

    بينما يفتتح تاج السر عثمان مقاله الحالي بالراكوبة بهذه الجملة:

    【كان انقلاب 19 يوليو 1971م ظهر الأثنين 19 يوليو 1971م الذي خطط له ونفذه الضباط الشيوعيون والديمقراطيون، حلقة مهمة في مقاومة ديكتاتورية نظام جعفر نميري،】

    ما بالكم يا أيها الشيوعيون الأحياء لا تتحملون مسؤلية هذا الإنقلاب بنفس الجسارة التي تحملها بها رفاقكم الذين فقدوا حياتهم في يوليو 1971 وتتباكون كل عام بهم وتتفتخرون كما لو ان كل منكم خنساء فقدت صخرا؟!

  4. رجل
    1. يدعو أصدقاء الي منزله مبيتا خيانة وشرا ، ثم يستفزهم ليقولوا ما يدينهم عند سيده النميري ، ثم يشي بهم، فينهي بذلك حيوات وأسر و حزبا سياسيا (تنتمي انت اليه) وكان يعول عليه الكثيرون في السودان
    ثم
    2. يتآمر مع الليبين (بشهادة زوجته والتي قالت أن الليبيين كانوا على إتصال تلفوني بزوجها، سفير السودان في لندن _ أرجع وأصغ السمع مليا يا عبد الله) لخطف رئيس بلده! من قبل دولة أجنبية
    رجل عظيم!؟

    شخص كهذا في رإيك ? عظيم يا عبد الله؟
    ما كنت أظنك أن تعريفك للعظمة بهذا القدر من التفاهة!

  5. علي ما صاحب الانقلاب من فجوات كانت واضحة للمشاهدين من البيان الذي القاه الراحل هاشم العطا رغم كل الهنات لو لا الدخل الخارجي /ليبيا ومصر/بشهادة السادات لتغير الوضع كثيرا ولما وصلنا لهذه الحالقه من الانهيار كانت نهاية حياة في وطن وبداية موت بطئ نتجرعه الان !!!لست يساريا لكن توازن السياسة كان قائما اما الان كما تري ……………….

  6. اريد ان اتحدث عن عابدين اسماعيل فى مجال أخر…اذكر ابان فترة الديمقراطية التعددية الثالثة كنت دبلوماسيا فى الخارجية السودانية .. الادارةالافريقية ..و كان علينا السفر الى اديس ابابا لحضور اجتماع لمنظمة الوحدة الافريقية.( الاتحاد الافريقى ). و ان لم تحنى الذاكرة كان من ضمن اجندة ذاك الاجتماع نتاقشة موضوع الديون الحارجية على الدول الافريقية .. و سبل معالجتها .. كان الراحل عابدين من ضمن الوفد . و درجت الخارجية على اعطاء نثريات بالعملة الحرة لاعضاء الوفد لمقابلة مصاريف الاقامة …و عند عودتنا للوطن اصر عابدين على اعادة المبلغ الذى صرف له قائلا بأن هناك من استضافه … و لم يصرف فلسا …—قارن هذا التصرف مع جشع من ادعو بانهم جاءوا لحماية الدين … ما لدتيا قد عملنا …….!!!!

  7. علي ما صاحب الانقلاب من فجوات كانت واضحة للمشاهدين من البيان الذي القاه الراحل هاشم العطا رغم كل الهنات لو لا الدخل الخارجي /ليبيا ومصر/بشهادة السادات لتغير الوضع كثيرا ولما وصلنا لهذه الحالقه من الانهيار كانت نهاية حياة في وطن وبداية موت بطئ نتجرعه الان !!!لست يساريا لكن توازن السياسة كان قائما اما الان كما تري ……………….

  8. اريد ان اتحدث عن عابدين اسماعيل فى مجال أخر…اذكر ابان فترة الديمقراطية التعددية الثالثة كنت دبلوماسيا فى الخارجية السودانية .. الادارةالافريقية ..و كان علينا السفر الى اديس ابابا لحضور اجتماع لمنظمة الوحدة الافريقية.( الاتحاد الافريقى ). و ان لم تحنى الذاكرة كان من ضمن اجندة ذاك الاجتماع نتاقشة موضوع الديون الحارجية على الدول الافريقية .. و سبل معالجتها .. كان الراحل عابدين من ضمن الوفد . و درجت الخارجية على اعطاء نثريات بالعملة الحرة لاعضاء الوفد لمقابلة مصاريف الاقامة …و عند عودتنا للوطن اصر عابدين على اعادة المبلغ الذى صرف له قائلا بأن هناك من استضافه … و لم يصرف فلسا …—قارن هذا التصرف مع جشع من ادعو بانهم جاءوا لحماية الدين … ما لدتيا قد عملنا …….!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..