انقذوا الشقيقتين

خطرفات ذاتية

شغلت قضية اجتماعية مثيرة للجدل الاوساط الشعبية والاجتماعية معا هنا في جوبا، وكادت ان تطغي حتى على احداث سير مفاوضات السلام المنعقدة في العاصمة السودانية الخرطوم والتي تعتبر قضية الساعة للراي العام الجنوبي هذه الايام.
تدور أحداث هذه القصة في أروقة محكمة (قوديلي) بمقاطعة لوري غربي مدينة جوبا، ولم يتم الفصل فيها حتى لحظة كتابة هذه السطور، وعليه سنغض الطرف عن بعض التفاصيل.
الحكاية بإختصار كما وردتنا من (مصادر عليمة) وتحرينا دقتها، يقال ان رجلا مسنا “56”عاما، ويعمل ضابطا برتبة محترمة في أحدى وحدات القوات النظامية، تقدم يطلب يد فتاة تبلغ من العمر “19” عاما، من ولى أمرها الذي هو زوج امها، وليس ابوها البيلوجي، وقد وافق الآخير على هذا الطلب مقابل بضعة بقرات، بالرغم ان الفتاة لا يربطها سابق معرفة بزوجها المرتقب، بحكم تواجدها في إحدى الولايات الطرفية.
جرت اجراءات تسليمها الي الزوج بسلاسة كما اتفق عليها الطرفان، والمعلوم بالضرورة في (زواج تقليدي) كهذا لدى معظم قبائلنا الجنوبية هو ان الزوجة ترافقها في الغالب شقيقتها او اي فتاة آخرى لها صلة قرابة لصيقة معها شريطة ان تكون المرافقة “صغيرة السن”، او دون سن اختها الزوجة وهو عرف شائع جدا والهدف منه مساعدة البنت لاختها في الاشغال المنزلية وموازرتها … الخ.
وطبقا للمصادر نفسها الفتاة وصلت الي جوبا حيث يوجد الزوج وبرفقتها شقيقتها الصغرى “17” عاما والحدث ان الزوج عند استلامه لزوجته! راق له منظر الفتاة الصغيرة، فقام باخطار ولي امرهما يخبره انه معجب بالبنت الصغيرة! ويريدها كزوجة له عوضا عن اختها الكبيرة (المتفق عليها مسبقا) وكان له ما اراد، وبهذا أصبحت الرفيقة هي الزوجة والزوجة حلت محل الرفيقة.
مرت ايام وشهور والشقيقتين في بيت هذا الرجل، ولسبب ما شأ الرجل مرة أخرى ان يعطي الاخت الكبيرة التي رفضها الي ابنه الطالب “36” عاما، لتكون زوجته، والمحصلة النهائية هي ان الاب وابنه يتزوجان شقيقتين من اب وام واحد.
بالطبع من السهل الجزم بان الشقيقتين لم تكونا راضيتين بهذا الزواج الجائر ، فطوال مدة تواجدهما في منزل “زوجيهما” كانتا تبحثان في الواقع عن حلول فردية خاصة بهما كفيلة بان تنهي محنتهما التي تعيشانها، فدبرتا امر هروب مع عشقين بديلين، دون علم علم الاب وابنه، وتمكنتا من الهرب بالفعل، الا ان الرجل بقدرة سلطاته الممتدة استطاع ان يمسك بهما ومعهما عشيقيهما البديلين في اقصى حدود ولاية طرفية بعد ان اوشكوا جميعهم مغادرة الاراضي الجنوبسودانية الي دولة مجاورة، وتم نقلهم الي جوبا واودعوا السجن بتهمة “جريمة الزنا” التي ينظر فيها قاضي محكمة قوديلي هذه الايام! انتهت القصة.
عندما نتطرق نحن في كتاباتنا لمثل هكذا قضايا، فهدفنا بالطبع ليس التشهير بقدرما هو لفت انتباه “المعنيين بالامر” في البلاد الي خطورة تلك الممارسات السالبة على المجتمع الجنوبي الذي يعاني اصلا من نكبات لا اول لها ولا آخر، واذا نظرنا الي القصة نجد ان اطرافها بفعلتهم تلك لم ينتهكوا حقوق الفتاتين وحسب بل خرقوا كل المعايير الاخلاقية التي يزخر بها كريم عاداتنا ومعتقداتنا السمحة التي تربينا عليها، وتتنافى كذلك مع الشرائع السماوية المنزلة في الكتب المقدسة، ناهيك من كونها خرق صريح لوثيقة حقوق الانسان التي صادقت عليها جنوب السودان وضمنتها في دستورها، وكلنا يعلم ان هذه المواثيق وجدت كي تحمى الضعفاء والمستضعفين من بطش الاقوياء المتجبرين وتحفظ لهم حق الكريم الحياة الكريم.
من هذه الزاوية نناشد أبائنا ووجها قومنا المحترمين وكل من لايزال يعتقد ان (البنت) ليست سوى مجرد بضاعة تباع وتشترى في سوق النخاسة، ان يعيدوا التفكير فيما يعتقدون، فلقد ولى عهد الرق والاتجار بالبشر ولا مجال لعودته في القرن الواحد والعشرين، كما نناشد منظمات المجتمع المدني وكل الجهات العدلية والحقوقية في البلاد بالتدخل العاجل لانقاذ مستقبل هاتين الفتاتين من الضياع الوشيك.

ألقاكم.

تعليق واحد

  1. المأسي كثيرة وشائكة في مجتمعاتنا شمالها وجنوبها، تواصل الجهود من الحادبين والمستنيرين ستفتح أبواب وتعبد طرق الإصلاح والتغيير.

  2. المأسي كثيرة وشائكة في مجتمعاتنا شمالها وجنوبها، تواصل الجهود من الحادبين والمستنيرين ستفتح أبواب وتعبد طرق الإصلاح والتغيير.

  3. هذا الرجل المسن جشع واستغل رتيته وسلطاته وفقر بقية الناس كعادة اصحاب السلطة… والسبب عدم وجود رجل كفوء لحماية البنات..على القضاء ان يكوم حازم ولا يتهاون.

  4. يا سايمون
    يا سايمون يا اخوي
    سلام عليك
    اسلوبك شيق وسردك للاحداث رصين وسلس
    تمتلك ناصية اللغة .. لو الاخوات مي وابتسام وامنة في جريمة واحداث يتعلموا منك يكون خير لهن والله ما تفهم من كتابتن اي حاجة .

    لو تطرق باب القصة نكون موعودين باديب في قامة الطيب صالح …. اسمع كلامي يا سايمون … انت في داخلك اديب كبير … حرر هذا الاديب ودعه ينطلق ..
    اخوك دكتور جلال محيي الدين عبد الله – مكة المكرمة .

  5. هذا الرجل المسن جشع واستغل رتيته وسلطاته وفقر بقية الناس كعادة اصحاب السلطة… والسبب عدم وجود رجل كفوء لحماية البنات..على القضاء ان يكوم حازم ولا يتهاون.

  6. يا سايمون
    يا سايمون يا اخوي
    سلام عليك
    اسلوبك شيق وسردك للاحداث رصين وسلس
    تمتلك ناصية اللغة .. لو الاخوات مي وابتسام وامنة في جريمة واحداث يتعلموا منك يكون خير لهن والله ما تفهم من كتابتن اي حاجة .

    لو تطرق باب القصة نكون موعودين باديب في قامة الطيب صالح …. اسمع كلامي يا سايمون … انت في داخلك اديب كبير … حرر هذا الاديب ودعه ينطلق ..
    اخوك دكتور جلال محيي الدين عبد الله – مكة المكرمة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..