نهر النيل.. صورة قاتمة..!

نهر النيل.. صورة قاتمة..!
عثمان شبونة
[email protected]
خروج:
من المؤثرات التي تعتقل الوجدان، ما حفظته للروائي البرازيلي باولو كويلهو: “عندما تصبح كل الأيام متشابهة فمعنى ذلك أن الناس كفوا عن أن يلحظوا الأشياء الطيبة، بينما تعبر الشمس إلى سماء أخرى”..!
* وفي حقيقة الأمر أننا نلحظ تشابه الأيام وبؤسها.. وتختبئ “الطيبة” شيئاً فشيئاً في زمان يهون فيه أن يبيع الزميل زميله من أجل “مصلحة شخصية”.. فضعف الإنسان السوداني أمام “مغريات الوجود” يكاد يكون المعادلة الصعبة أمام كفة القيم…!
* لكن الأسوأ من كل ذلك في عالم السياسة، أن تجد “توابع” يعملون بعكس قناعاتهم في “الخير والفلاح”.. يزينون باطل بعضهم، والعيون لا تحدق نحو المقابر، بل باتجاه الكراسي.. تتجشأ الحناجر من فرط الأنانية..!
* ربما أصبحنا مرضى بـ”عدم الثقة” في أية سلطة… ربما نحن على حق، فالواقع “سافل بحق”..!!
النص:
* “أكتب أليكم هذه الرسالة آملاً أن تجد حيزاً لتناولها عبر عمودكم اليومي الذي يتسم بالأمانة”.
* السطر السالف مقدمة لرسالة طويلة جداً، أهملتها لأسبوع مع “زحام الوقت المسروق” وقطار البريد الوارد إلينا..! أما كاتب الرسالة فهو الأخ أسامة حسنين “شقيق الفنان الكبير محمد حسنين”.. وقد ساقته الظروف لزيارة بعض مناطق المناصير بنهر النيل، بصحبة وزير الشؤون الاجتماعية للولاية.. ونعني هنا المناطق التي ــ حسب الخيال ــ ربما غادرتها الشياطين من فرط قسوتها.. فكان صديقنا حسنين يبتهج عندما يشاهد أشجار “العُشر”، فهي توحي لنفسه الرقيقة بالحياة.. “ولا حياة”، إنما أحزان “صافية” لا تتعلق فقط بأبجديات العيش المر في حرور البلاد الجديبة، لكنها تتعدى عواتي الهموم إلى الجهل ــ إذا قلنا إن بعض أهل المناطق المذكورة لا يعرفون صلاة الجنازة..! بل يدفنون عزيزهم دونها، في دولة “المشروع الحضاري”..!!!
* ولم أعجب لهذا.. فنحن نتحدث عن “لا حياة”..!!
* لكن ما أسعد أهل الديار المنسية، فهم لا يعرفون القادم إليهم من المسؤولين.. ولا يدرون شيئاً في تفاصيل السلطة وشخوصها الخربة… لا تلفاز.. ولا “وابو جاز”.. والدنيا تزحف نحو “القيامة”..!!
* ما أهون دفن الميت دون صلاة، إذا كان أهل القرى “التي لا أسميِّها” يسحبون الماء من البئر بواسطة “الدلو”.. ذلك الوعاء الذي كدنا أن ننساه.. فهل يجوز أن نتحدث عن تعليم أو صحة؟!!
* الرسالة طويلة.. كأنها تحكي حال كثير من أرياف السودان اليوم، وليس حال منطقة مقبورة بالإهمال في ولاية “نكد النيل”..! ويختم الكاتب بمناشدة لوالي نهر النيل، تتلخص في ضرورة إرسال معلمين لهؤلاء “المقطوعين” في العراء، يعلمون الناس بعض أمور الدنيا والدين.. ثم إرسال وحدة صحية متنقلة لهم..!!
* الأدهى من ذلك، أن كاتب الرسالة يكشف حال مناطق قريبة من سد مروي ــ على بعد 5 كيلومترات ـــ مثل “أم سرح” وتحتاج إلى الماء والكهرباء..!
أعوذ بالله
ــــــــ
الشاهد