أهلاً به وسهلا!

بعد أمطار الأمس ظهرت بواكير الثورة الصحية التي تم تفجيرها في ولاية الخرطوم و(انبطحت) على المحك عبقرية التخطيط العمراني وثمار الإستعداد المبكّر للخريف والتوقي الذكي لإمداد العاصمة بالخبز عبر الخطة التي تسهر عليها قيادة الولاية، والتي اكتمل فيها التنسيق بين المطاحن والإدارة المالية وإتحاد المخابز والهيئة القومية للكهرباء، فلم تكن هناك أزمة رغيف ولا أزمة غاز أو جاز.. وسار الناس بين (الخبوب والطين) وهم يسبّحون بحمد الولاية التي تحسّبت للطوارئ وأبرمت خطوط الإتصال بين غرفة العمليات وهيئة الإرصاد الجوي.. ومضى اليوم هانئاً يستمتع فيه المواطنون بزخّات المطر و(البرك الطبيعية) في الشوارع الرئيسية وداخل الأحياء، وقد رأينا- إذا صدقت الكاميرا- البحيرات التي حزمت مداخل صالات القدوم والمغادرة في مطار الخرطوم الدولي!

ليس الأمر (تريَقة) أو سخرية..فمَنْ يسخر مِن مَنْ؟ والحقيقة أن الخدمة العامة قد هجرت مقاعدها منذ سنوات طويلة، فمن المسؤول مباشرة عن ردم البرك أو فتح المصارف؟ ومَنْ الذي يملك حق مساءلة الآخر عن القصور؟ ومن أين للمسؤولين الكبار أن يكون من همهم توفير التمويل البسيط الخاص بأعمال الحفر والردم وفتح المصارف.. ولقد صدق من تعجّب في حال السودان وقال عن حال (البنوك والمجاري): من المدهش أن تشتكي المصارف من “السيولة” بينما تتوفر السيول في الشوارع ولا تجد “المصارف”!

نظرة واحدة للعاصمة بعد الأمطار تجعلك تتعجّب كيف يكون هذا هو حال عاصمة في العشرية الثانية من القرن الواحد وعشرين! العاصمة مركز الحكومة ومقر الإدارة ومكان سكن المسؤولين وطريق سياراتهم.. (ولا تسأل عن كسلا والنهود)! كل جهة ترمي التبعة على الآخرى مع أن المشكلة مشكلة في الإدارة المتكاملة التي تشمل الكهرباء والمياه والتخطيط العمراني والطرق

والجسور والإرصاد والدقيق والمطاحن والاستيراد والمخابز والغاز إلخ ومع ذلك يهل القائم على قطاع الاقتصاد في ولاية الخرطوم ويتحدث بالهاتف للقنوات التلفزيونية (من منازلهم) وهو يحلق بالناس عن الاستراتيجيات التي يسهرون على إعدادها لحل مشكلة الخبز (من جذورها) وبينما الناس يخوضون في الطين (من مخبز إلى مرفأ) بحثاً عن رغيفة واحدة.. يتحدث الرجل عن المقترح العبقري الذي قال انهم يفكرون في تقديمه (للجهات المختصة) وهو أن يتم إنتاج الخبز من الذرة لا القمح، حتى يستطيع هو وإدارته تمزيق فاتورة القمح الذي قال إن التجارب أثبتت أنه اقل قيمة غذائية من (الفتريتة).. ويضيف إنهم سيجتهدون في أن يجعلوا رغيف الذرة قابلاً لتطويعه كـ (سندوتشات)!

هذه هي الإدارة وهذا هو حال ولاية الخرطوم وليس هناك شئ جديد أو مفاجئ.. فهي ذات هذه المناظر في الخريف السابق والذي سبقه والذي كان قبله! ولا مشكلة أن يدوخ المواطنون بين إنقطاع الكهرباء وغياب الغاز والرغيف والمياه الراكدة والجارية، فلدينا إدارات القطاع الاقتصادي للولاية ولدينا مفجرو الثورة الصحية.. فماذا تستطيع الأمطار أن تفعل في الإداريين المحنكين.. وهاهم: (في الميدان مارقين سوا .. شافُن العدو إنكوى)!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..