هل أخطأ المتحالفون مع الصادق المهدي؟

عندما اعلن تحالف نداء السودان عن وثيقته التي اسماها الاعلان الدستوري , كتبنا منتقدين لاجندة تلك الوثيقة لانها لم تشر بصورة صريحة الى خيار الكفاح المسلح الساعي الى اسقاط النظام , ولم تضع بند اللاجئين و النازحين في اولى اولويات ذلك البيان , باعتبار ان اللاجيء و النازح هما المستهدفان بالدرجة الأولى في أي عملية تفاوضية تسعى لارساء دعائم السلام في السودان , وحينما توضع قضية هؤلاء المستضعفين في صدر بنود الاعلان الدستوري , فبالضرورة ان يتبادر الى الذهن مجرموا الابادة الجماعية و التطهير العرقي الذين يحتضنهم النظام , بمن فيهم الرأس الكبيرة , ومن الاهمية بمكان ان يستحضر المتحالفون مع السيد الامام الصادق المهدي , مذكرات الاعتقال التي صدرت بحق اربعة من جاهبذة النظام الانقاذي المتسلط , وحتمية انفاذ الاجراءات القانونية الهادفة الى القاء القبض على هؤلاء المطلوبين , الامر الذي جعل الذين كان حري بهم التمسك بحقوق ضحايا الابادة الجماعية , يركنون إلى اهمال إظهار هذه الحقائق على صدر وثيقة نداء السودان استحياءً ومجاملةً للسيد الامام , هذا الرجل الذي لم يخفي موقفه المعارض لاستكمال استحقاقات المحمكة الجنائية الدولية في الشأن الدارفوري , وهو ذات الشخص الذي شهدت له الميديا المحلية و العالمية على الكثير من التصريحات و الايحاءات و الايماءات , التي تبغض احقاق العدالة الدولية في شأن المطلوبين للمثول امام هذه المحكمة , المتخصصة في مثل هذه الجرائم البشعة المرتكبة بحق الشعوب المستضعفة , فكانت آخر تصريحات السيد المهدي المتململة من ضرورة الايفاء بهذه الاستحقاقات العدلية , ما ورد في لقائه الذي اجرته معه قناة وتلفزيون روسيا اليوم , وكعادته فقد جاءت كلماته ممجوجة ورمادية كرد فعل طبيعي لموقفه وخطه السياسي المتذبذب الذي عهدناه فيه , وخطواته المتأرجحة التي ظل يسلكها طيلة الخمسين سنة من رئاسته لحزب الامة ووجوده في خضم معتركات العمل العام في ربوع الوطن الحبيب.
فحفيد الامام المهدي يعتبر احد اعمدة السودان القديم , التي اقعدت الدولة السودانية عن التقدم و التطور , و حرمتها من مواكبة احقاق الديمقراطية و الحكم الراشد , فجسد من خلال مسيرته السياسية الطويلة اوضح نموذج للكهنوت الديني , فاستغل النزعات الايمانية لمعتقدات الدين الاسلامي الراسخة في وجدان شعبه , و استخدم إرث الثورة المهدية في تغذية مشروعه الطامح الى السلطة التي حاز عليها مرتين , ولم يحقق خلال هاتين الفرصتين انجازاً يستحق الذكر , بل شهدت مدد حكمه الكثير من مظاهر الهلامية و الضبابية و التراخي و اهمال مؤسسات الدولة , وعدم اكتراثه لاعادة صياغة هذه المؤسسات ديمقراطياً , بحيث تصبح صلدة وقوية تسطيع التماسك والوقوف ضد مؤامرات الانقلابيين , فكل الذي عرفناه عن ايام جلوسه على الكرسي هو الضعف و الهوان , ذلك الهوان الذي ما زالت صورته خالدة في ذاكرة الذين عايشوا تلك الايام , فما برحوا يرونه ماثلاً امامهم برغم تقادم السنين و الازمان , فانك لن تجد واحد من الناخبين الشباب بالسودان الحديث المستقبلي , سوف يسمح عبر صوته الانتخابي للسيد الامام بالعودة مجدداً , ليعتلي عرش الحكم في البلاد ويعيد تدوير الفشل مرات ومرات , فجسد الامة السودانية ما عاد يحتمل إعمال مشرطه الصديء , و لا ان يكون فأراً مخبرياً على الدوام , و ان الشأن السياسي السوداني ليس كما كان من قبل , حيث استشراء السذاجة السياسية و التماهي مع الاستعباط والاستعباد الطائفي , ومباركة الفعل الوراثي في شئون ادارة دولاب الدولة و الحزب , فالصادق باختياره للكهنوتية في الممارسة السياسية لا يقل قدراً عن الراحل الترابي او الميرغني , في انتهاج نفس المنهج الميتافيزيقي الذي انتهجه الرجلان في ماراثون الوصول الى الكرسي , فجميعهم استثمر التدين الذي هو السمة الغالبة لاهل السودان , واستغفلوا الناس نتيجة لايمانهم اليقيني و الصادق بالغيبيات , و لم يضعوا نصب اعينهم الواجبات الاساسية للانظمة و الحكومات , الا وهي تجويد الاداء الخدمي المعني بتوفير لقمة العيش والدواء و الكساء و التعليم للمواطن.
إنّ بعض مكونات تحالف نداء السودان قد تواترت بياناتها , مؤكدة على عدم تأييدها لما صرح به المهدي , فبحكم قيادته لمؤسسة هذا النداء السوداني المزعوم قد ادخل شركائه في حرج بالغ , خاصة وان هؤلاء الشركاء يمثلون احرص الجبهات السودانية المعارضة على ملاحقة مطلوبي لاهاي , فقطع حديث الامام قول كل جهيزة من جهيزات تحالف نداء السودان , كانت تدافع عن عملية توليه لرئاسة الجسم الذي انيط به ازاحة الهم و الغم عن صدر شعب البلاد المقهور , لقد أخطأ المتحالفون مع الصادق ايما خطأ عندما قبلوا بالتنازل عن مجرد الحق الاعلامي , في طرح واشاعة المسألة الجوهرية المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية , فلم يدبجوا تلك الوثيقة بالمطالبة بذلك الحق الذي لا يقبل المساومة , و ذلك الهدف الأسمى الذي يتعلق بانصاف الضحايا , فخلطوا ما بين المطالب السياسية و القضايا القانونية , وكما هو معلوم ان مجهودات التحقيق و التقصي التي تقوم بها المحكمة المعنية , قد ادخلت بعض الذين يرفعون شعار الدفاع عن الضحايا في قفص الاتهام , مما يدل على انها قد اتخذت مسلكاً مهنياً صرفاً , في حسم ملف الجرائم المرتكبة بحق الانسان في الاقليم الغربي , ما يؤكد ضحالة حجة الذين يرفعون صوتهم باتهام المحكمة بالتسييس و الميكيافيلية.
فالطائفيون بجمبع مسمياتهم ليسوا برجال للمرحلة المقبلة , ابتداءً من الجبهة العريضة و انتهاءً ببقايا الختمية و الانصار في الداخل السوداني , فجميعهم يمثلون تكتل فكري تقليدي داعم للنسق القديم في تعاطيهم لامر ساس يسوس في الوطن الكبير , وهم ما يزالون يأملون و يمنون النفس بممارسة ذات المماحكة بعد زوال نظام الحكم الانقاذي , تلك المماطلات التي ارهقوا بها هيكل الدولة في آخر ممارسة ديمقراطية , وعلى الرغم من مشاركتهم لهذه المنظومة الاخوانية , الا انهم يظنون ويحسبون أن ناخب اليوم هو ناخب الامس , لعشمهم الفاضح ورغبتهم الجامحة للعب نفس الدور المكرور الذي لعبوه في فترة الديمقراطية الثالثة , فهذه العقلية الديناصورية القديمة ليست مؤهلة لادارة شان الوطن في المستقبل القريب , وعلى الوطنيين و الثوريين من ابناء شعبنا ان يفوتوا عليهم كل سانحة من السوانح التي من شأنها ان تفتح لهم المجال , وتجعلهم يمتطون ظهر قاطرة النظام الجديد كدأبهم , لقد عاس اصحاب الفكر القديم في البلاد تخريباً منذ مؤتمر المائدة المستديرة , و اطفئوا كل شموع الوعي والاستنارة التي اشعلها الخيرون من ابناء هذه الأمة , فمن باب التكرار يعلم الاحرار لا نرى طائل ولا جدوى من تجريب المجرب , و الواجب الأخلاقي يجبر هؤلاء الاحرار ان يغلقوا كل الابواب والنوافذ منعاً لتغول هذه الانتهازية الطائفية , المتمرسة في تبديل جلدها الحربائي المتقلب و المخادع.
اما الذين ما يزالون يتبعون خطوات الامام وقع الحافر بالحافر , من حملة الاجازات العلمية و الخبراء والمهندسين و الاطباء و القانونيين , عليهم ان يقفوا للحظات و يعيدوا تقييم تجربتهم مع حزبهم المتقوقع والمتمترس في محطته الأولى , و ان يتخذوا القرار الذي من شأنه ان يصب في مصلحة الوطن , وذلك بان يخرجوا من غيبوبة التبعية العمياء لمشروع هذا الحزب , الذي اصبح ضيعة و مزرعة لعائلة الامام واصهاره.
اسماعيل عبد الله
[email][email protected][/email]
مقال جيد جداً وتوضيح مناسب جداً لإخفاقات السياسة في السودان …ياليت الجميع يسمع النصح الذي تفضلت به …كما ارجو من الأجيال الحديثة قراءة مثل هذه المقالات لأنها تعينهم على فهم تعقيدات السياسة في السودان وتاريخها المضطرب وتعلمهم كيف يتفادون الأخطاء التأريخية التي أقعدت البلاد من التطور والتقدم ورمت بها في أتون الحروب والصراعان
عفارم عليك كفيت واوفيت
الحكومة تتسول المال على ابواب حكام الخليج وتركيا وقادة نداء السودان يتسولون حل مشكلة السودان على ابواب القوى العالمية التى تعمل وفق مصالحها التى قد تلتقى مع مصالح النظام مثل مواقف امريكا المتغيره يمين يسار حسب المصلحة . ميدان المعركة فى السودان وسط الحماهير والعيش معهم هجير النضال وقسوة الحياة فى الجرى وراء لقمة العيش وتراكم العمل الثورى اليومى على ارض الواقع وليس التنظير عن بعد من فنادق اوروبا وغيرها . موقف قادة نداء السودان الذين صاروا كمبارس للصادق المهدى ومواقفه الضبابية ومسك العصاية من النص. موقف عقار وعمران ومناوى وغيرهم من قادة نداء السودان وهو تعبير عن فشل النخب السودانية فى المسألة الوطنية منذ فجر الاستقلال انحازوا لما يحقق طموحاتهم الشخصية و نسوا الشعب الذى تعلموا على حسابه وحازوا على الجوازات الاجنبية باسم الدفاع عنه وصاروا ينظرون من بروج عاجية والشعب له رب يحميه .الغد للحرية والجمال واطفال اصحاء .
الكلمة التي قالها محمود محمد طه في الكيزان نشوفها تتحقق بام اعيننا واعتقد أن كلمة فاطمة أحمد ابراهيم (تاني الصادق يشمها بصلة) هي الاخرى تتحقق. والكل يدفع ثمن أفعاله واستهتاره بالشعب هاهو الترابي ولا يجد من يترحم عليه وتطارده لعنات الشعب وهو ميت والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني سيكون مصيرهم مصير الترابي وكل بما صنعت يداه.
كفيت ووفيت
مقال جيد جداً وتوضيح مناسب جداً لإخفاقات السياسة في السودان …ياليت الجميع يسمع النصح الذي تفضلت به …كما ارجو من الأجيال الحديثة قراءة مثل هذه المقالات لأنها تعينهم على فهم تعقيدات السياسة في السودان وتاريخها المضطرب وتعلمهم كيف يتفادون الأخطاء التأريخية التي أقعدت البلاد من التطور والتقدم ورمت بها في أتون الحروب والصراعان
عفارم عليك كفيت واوفيت
الحكومة تتسول المال على ابواب حكام الخليج وتركيا وقادة نداء السودان يتسولون حل مشكلة السودان على ابواب القوى العالمية التى تعمل وفق مصالحها التى قد تلتقى مع مصالح النظام مثل مواقف امريكا المتغيره يمين يسار حسب المصلحة . ميدان المعركة فى السودان وسط الحماهير والعيش معهم هجير النضال وقسوة الحياة فى الجرى وراء لقمة العيش وتراكم العمل الثورى اليومى على ارض الواقع وليس التنظير عن بعد من فنادق اوروبا وغيرها . موقف قادة نداء السودان الذين صاروا كمبارس للصادق المهدى ومواقفه الضبابية ومسك العصاية من النص. موقف عقار وعمران ومناوى وغيرهم من قادة نداء السودان وهو تعبير عن فشل النخب السودانية فى المسألة الوطنية منذ فجر الاستقلال انحازوا لما يحقق طموحاتهم الشخصية و نسوا الشعب الذى تعلموا على حسابه وحازوا على الجوازات الاجنبية باسم الدفاع عنه وصاروا ينظرون من بروج عاجية والشعب له رب يحميه .الغد للحرية والجمال واطفال اصحاء .
الكلمة التي قالها محمود محمد طه في الكيزان نشوفها تتحقق بام اعيننا واعتقد أن كلمة فاطمة أحمد ابراهيم (تاني الصادق يشمها بصلة) هي الاخرى تتحقق. والكل يدفع ثمن أفعاله واستهتاره بالشعب هاهو الترابي ولا يجد من يترحم عليه وتطارده لعنات الشعب وهو ميت والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني سيكون مصيرهم مصير الترابي وكل بما صنعت يداه.
كفيت ووفيت