عبد الغفار الشريف: انا الأعلى..
ما بان من فساد عبد الغفار الشريف هو راس جبل الجليد فقط اما القاعدة فهي مغمورة و(مغتغتة ) تحت الماء ربما يبعث الله بعد زوال هذا النظام من يزيل الغطاء ويكشف المستور.. ليُقَدمْ بعدها (الرجل الاعلى) في الادارة السياسية لجهاز الامن الى عدالة ناجزة ينال جزاء شر اعماله..
في التسعينات من القرن الماضي صدر كتاب احدث ضجة في مصر بصورة مذهلة و(مهولة) اعتقد انني شددت الرحال من الزقازيق الى القاهرة لاحصل على نسخة منه.. اسم الكتاب (شاهدة على انحرفات صلاح نصر).. لا ازال اتذكر اسم المؤلفة انها (اعتماد خورشيد) رغم انني صاحب ذاكرة واهنة وبها خراب تسمى (ذاكرة السمكة).. ففظاعة ما ارتكبه صلاح نصر ?مدير المخابرات- من جرائم تجعل مخزون (محتويات الكتاب) راسخة في ذهني وتأبي التزحزح والمحو والازالة.. ومن الاشياء الغريبة ان (صلاح نصر) أجبر زوج اعتماد على تطليقها وتزوجها هو رغم انها كانت حامل.. بل واجبر زوجها علي التوقيع فى وثيقة الزواج كشاهد.. وهذا قليل من كثير..
في باديء الامر عند اعتقال عبد الغفار الشريف ظننت ان قوش جاء ليمارس ما يعرف بانتقام الكونت دي مونت كروستو.. لان الايادي تشير صوب عبد الغفار قد يكون وراء كثير من المصائب التى حلت بقوش في وقت سابق وانه اي قوش جاء من اجل تصفية حسابات قديمة ومهترئة.. لكن عدم توقف قوش في حربه ضد الفساد عند محطة الانتقام بل وتجاوزها جعلنا نغير الاعتقاد في الرجل ربما جاد وصادق في مسعاه نحو محاربة الفساد.. لكنني اقدم (حلاقة شتبي) رهانا على فشل المهمة فالقطط السمان اكبر من ان يحتويها احد..
ما ابرزته الحكومة عن فساد الشريف لا يهم المعارضة في كثير بل ينظرون اليه من باب (فخار يكسر فخار) كما يقول الشوام.. او من باب (واشغل اعدائى بانفسهم وابليهم ربى بالمرج) كما يقول المتصوفة.. فمطلوب محاربة الذين يسرقون ولاية كاملة مثلما يحاسبون الذين يسرقون ملاية وسفنجة..
حليلك بتسرق سفنجة وملاية..
وغيرك بيسرق خروف السماية..
فى واحد بيسرق تصدق ولاية..
ايها السادة: الجلاد الافظع في تاريخ الامن السوداني لا يزال متهم في نظر القانون والمتهم بريء حتى تثبت ادانته.. هب ان المحكمة حكمت عليه بخمس سنوات قلت او زادت.. فهل يشفي القرار غليل المنكسرين الذين سقاهم الويل؟.. ما يهم الناس محاكمته على تلك الفظائع والانتهاكات التى تسبب فيها ضد اولئك الذين اوقعهم حظهم النحس في براثنه هنا يُمكنْ ماخُفى من قاعدة جبل الجليد.. فهذه الانتهاكات والعذابات البدنية اكبر واعظم وهي التي يجب مساءلته عنها..
ايها السادة : ليس لـ(عبد الغفار الشريف) من يناصره وهو في عزلته الاخيرة.. ينطبق عليه قول الشاعر محجوب شريف..
صحيت بالمؤذن..
وحالتك تحزن..
تبكى الجبال..
اضحى وحيدا بعدما زال بريق السلطة.. انه مثل الكولونيل المتقاعد صديق (دون ساباس) الذي ذكره ماركيز في رواية (ليس لدي الكولونيل من يراسله).. فعلى اللواء المتقاعد ان يرتب ذاته جيدا وان يجعل لنفسه كفاي (قن) يربي داخله الدجاج من اجل الدخول الي حلبة مصارعة الديوك كما فعل الكولونيل في معاشه الطويل.. وعليه ان يُجَوٍع نفسه وزوجته واولاده ليطعم الديوك حتى يكسب رهان السباق كما يفعل الكولونيل ايضا.. ان حياته القادمة ستختلف عن حياته السابقة..
ايها السادة: ليس لدي عبد الغفار الشريف من يعزيه.. فكأنما القدر يريد ان يقول كلمته.. توفت والدته -رحمها الله وادخلها الجنان- في ذات يوم وفاة والد احد السفراء.. ذهب الشيوخ والاعيان ووجهاء السلطة هناك لتعزية السفير الذي ربما لم يقدم للانقاذ عُشر ما قدمه عبد الغفار الشريف.. في حين ان سرادق والدته ظل مجففا إلا من الاهل والجيران واخرين.. لفظوه بعيدا حتى من اصدقاء الامس .. وبات وحيد يستحق الشفقة بعدما خدمهم بكل ما اوتي من قوة من اجل انقاذ المشروع الحضاري..الان هو في الحبس رهن الاعتقال.. رغم ذلك ندعو الله ألّا يكون:
معكّز ملكّز بسيخة ونعال..
مكتّف ملتّف بأغلظ حبال..
كثير من الاسلاميين المعتقلين وجد من يتضامن معهم حتى انا كتبت مقال تضامن عن المعتقل الحاج حداد الذي درس معنا سابقا في مدرسة الدامر وكنا في داخلية (واحدة) بعدما قرات مناشدة من اسرته من اجل تقديمه الى محاكمة عادلة او اطلاق سراحه.. وفيما بعد عرفت ان قيادات من نهر النيل تضامنت معه ايضا.. لكن عبد الغفار الشريف لم يجد الا مناشدة وحيدة ويتيمة من زوجته من اجل تقديمه الى العدالة.. حتى اننى تساءت اين اصدقاؤه؟ اين اولئك الذين درسوا معه في الداخلية؟ لو انه درس في الداخلية.. اين زملاء الجامعة؟ اين رفقاء الدرب لماذا لا يكتبون؟..
ايها السادة: كنت في (عزومة) زواج وجهها لي احد الاسلاميين ممن درسوا معي في الجامعة بينما نحن جلوس في الصالة في ام درمان ظهر صلاح قوش وكان الحدث عقب اعفاءه من منصبه وخروجه من المعتقل وقف لحظات في باب القاعة كأنه يبحث عمن وجه له الدعوة.. ولما طال انتظاره قلت لصديقي: صلاح قوش دا شوف ليهو مكان عشان يقعد..
طلبت من صديقي هذا الطلب لان الرسول يقول ارحموا عزيز قوم ذل.. الظريف الطريف ان صديقي هذا ?قبل شهور- ظل يترجاني ان اقرا كتاب (بيت العنكبوت).. وعندما رانى (مصهين) وغير مبالي.. اتي بفلاش من عنده وعمل (داون لود) للكتاب في اللابتوب الخاص بي مما جعلني اقراه (طوالي) فهذه اللقمة وضعها في فمي اكون غبيا لو لم امضغها وابلعها.. كان الكتاب كما تعرفون جميعكم توثيق لانتهاكات جهاز الامن بقلم فتحى الضو..
الان عبد الغفار الشريف في اوج رحلة ذله يبغي المواساة من رفاق الامس اظن لم ولن يجدها مطلقا.. لكنه مع سوء سجله سيجد كثير ممن يعارض هذا النظام يتضامنون معه وانا واحد منهم اولا من باب (ارحموا عزيز قوم ذل) وثانيا من اجل تقديمه الى محاكمة عادلة تتاح له الفرص الكافية من اجل الدفاع عن نفسه.. اما الانتهاكات الجسدية والنفسية التى احدثها بالشرفاء من ابناء الوطن فانه سيجد عقابه في يوم ما.. فان توفي ربما صفية اسحاق او غير صفية اسحاق ستكتب كتابها (شاهدة على انتهاكات عبد الغفار الشريف).. وسياتي اليوم الذي اقطع انا او احد ابنائي الاميال والكيلومرات -كما فعلت سابقا مع كتاب (شاهدة على انحرفات صلاح نصر)- بغية اقتناء نسخة من الكتاب الذي يوثق لانتهاكات الرجل الذي لم يخش الله وهو يُمعنْ في ايذاء ضحاياه لكن بكل بساطة يخاف من العين او كما قال..
ليس صلاح قوش ولا عبد الغفار الشريق من يستحق قولة (( عزيز قوم)) فهم طغاة غاصبين للسلطة وقد تفننوا في ممارسة تعذيب وقتل أبناء وبنات هذا الوطن وبالتالي لا يستحقون منا أي تعاطف.
أما كتاب الأستاذ/فتحي الضو بعنوان بيت العنكبوت يكشف لنا أهوال جهاز الأمن وعلى قمته قوش وعبدالغفار إضافة إلى جهاز سري آخر يسمى ((الأمن الشعبي)) فجرائمه أفظع تتمثل في إختطافات وتعذيب وتقتيل وإختفاءات قسرية وإغتيالات وأفراده كالسرطان المنتشر في جميع أعضاء الجسم فهم يتنكرون ويشغلون وظائف مدنية بيننا.
ليس صلاح قوش ولا عبد الغفار الشريق من يستحق قولة (( عزيز قوم)) فهم طغاة غاصبين للسلطة وقد تفننوا في ممارسة تعذيب وقتل أبناء وبنات هذا الوطن وبالتالي لا يستحقون منا أي تعاطف.
أما كتاب الأستاذ/فتحي الضو بعنوان بيت العنكبوت يكشف لنا أهوال جهاز الأمن وعلى قمته قوش وعبدالغفار إضافة إلى جهاز سري آخر يسمى ((الأمن الشعبي)) فجرائمه أفظع تتمثل في إختطافات وتعذيب وتقتيل وإختفاءات قسرية وإغتيالات وأفراده كالسرطان المنتشر في جميع أعضاء الجسم فهم يتنكرون ويشغلون وظائف مدنية بيننا.