مقالات سياسية

الفساد مرّ من هنا

تلك اللافتة الكبيرة التي تشير إلي مقر لجنة التحقيق في جرائم الفساد تبدو كدعاية للنظام أكثر من كونها دلالة على الجدية في محاربة الفساد والأسباب معروفة ..هل نذكر بعضاً منها ؟ نعم
قال المراجع العام في تقرير منشور أن اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام لا تورد أموال بيع المنشآت العامة للخزينة العامة ..واللجنة بحسب تكوينها على رأسها وزير المالية ..والمؤسسات العامة ظلت تباع لعشرات السنين ..والأموال في خبر كان ..لكن الذين فعلوا هذا لم يسألهم أحد ولن ؟!!
ولمن يريد الاستزادة فالمراجع كان قد قال إن بعض الوحدات الحكومية بيعت بأقل من أثمانها المقدرة،وأن الذين بيعت لهم لم يسددوا ما عليهم وأن العقود لم تكن موثقة من الجهات الرسمية ..وهذا ما عرفه المراجع من واقع المستندات وما خفي أعظم .
في فبراير 1991 صدر قرار تم بموجبه تحويل الأرض الزراعية التي تحمل اسم الساقية 33 مطري الجريف غرب، الواقعة جنوب شرق الخرطوم والمكونة من 354.32 فدانا بمساحة مليون وأربعمائة ألف متر مربع من أراض زراعية إلى سكنية، وتخصيصها للمدينة الرياضية، على أن تسجل باسم وزارة الشباب والرياضة دون تعويض لأصحابها،فإذا كانت مساحة المدينة الرياضية الآن تعادل 414 ألف متر فإن قرابة المليون متر مربع خرجت ولم تعد وتفرق دم الأرض المفقودة على مخططات سكنية في الأزهري ولمسميات أخري مثل مصحف افريقيا وأصحاب الميمنة وجامعة افريقيا …ووراء ماجرى منافع وأموال ذهبت إلي أفراد أو جهات ..متي تسترد الأموال المنهوبة ؟ الإجابة يوم القيامة العصر
وتورط نافذون في بيع خط هيثرو بالعملات الصعبة وليس بالجنيه السوداني ..ولم يقف الأمر عند هذا بل حطموا سودانير نفسها ..وجلبوا لها شراكات وهمية ..ثم قرروا تصفيتها لإخفاء أثر الجريمة. هل وقف أي واحد أمام أي متحري في الفساد ..لا ولن .
وانظر لمن باعوا أصول مشروع الجزيرة وقبضوا الثمن ثم قالوا للمزارعين ألحسوا كوعكم،ولمن أكلوا أموال طريق الإنقاذ الغربي ثم قالوا خلوها مستورة،ولمن عاثوا فسادا في قطاع البترول ،وفي دولار القمح ثم قالوا للناس ما تاكلوا كسرة ..
وعرج على ما تسمي الخدمة المدنية ثم انظر للعقود الخاصة التي يتمتع بها المحاسيب ،والحوافز والامتيازات،وإلي الذين يصرفون المواهي من مكان لا يعملون به بحجة أنهم منتدبون في مكان آخر،وإلي التعيينات الخاصة والأسفار السياحية من مال الشعب ..
ما نذكره هنا بعض المناظر وليس الفيلم …فالنظام السياسي كله هو حاضنة الفساد ولا يستقيم الظل والعود أعوج ..
يعلو الآن الحديث عن الفساد ومحاربته في خضم أزمات عميقة اقتصادية وسياسية ومعاناة تطال الملايين من أبناء الشعب ..
وما نهب وينهب من المال العام هو الذي أدي لإفقار الغالبية العظمى من السكان ولتدمير الاقتصاد …
متى يقف الفاسدون الحقيقيون أمام المحاكم ؟ يرونه بعيدا ونراه قريبا يوم أن تثور الشوارع وتكنس السدنة والتنابلة وتعود الحرية والكرامة …إن في الصمت كلاما.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..