الشاهد والضحية

الساعة 25

ربما يشي عنوان المقال بأن المقصود هو خروف الأضحية ـ سيد الموقف ـ الذي يشغل الزوايا الراتبة بالصحف هذه الأيام وكل الأيام التي تسبق العيد فقد درجت الأقلام على تناول القضايا في مواقيتها حتى لتكاد تكون السطور مكرورة في كل عام على شاكلة ـ “بأي حال عدت يا عيد”؟ وعلى ذلك قس نغمة السطور مع كل مناسبة وعليه فقد تشابهت علينا العناوين مع انها أحداث تخص كل عام على حدى فأقرأوا معي مثلا خطوط صحافة الخرطوم هذه الأيام: وفاة (4)أشخاص ببحري وإنهيار عدد من المنازل جراء الأمطار الاخيرة/ غرق (22) تلميذا ومعلمة بنهر النيل/ إنجلاء أزمة الرغيف/ الوقود/الغاز … الى آخر الأزمات في متواليتها المستمرة وكذلك متوالية خطوط الصحف … أما جديد الخطوط وما لم تعهده صحافة الخرطوم من قبل ما قالت به امل البيلي: (نريد من بين شباب الإسلاميين مغنيا مثل “محمود عبد العزيز” لتوظيف الفن من أجل الدعوة) … شفتوكيف!! (ألحق.. الجماعة عملوا ليهم ملف فني)
كلو كوم وما خرجت به احدى كافتريات الخرطوم من بدعة غريبة حسب الخبر: ( رغيف ملون بإحدى الكافتريات)… أحمر أصفر أخضر … فاتن يا سمارة… وقلبي تاه …. قلنا ان الخطوط على صدر الجرايد مكرورة في كل عام.. ففي كل خريف غرق وإنهيار مراحيض بنواحي متفرقة من الخرطوم (محل الهموم بتحوم ) وفقدان أرواح عديدة أغلبهم أطفال ،أما الأزمات فهي متحررة من الموسمية فقد عودتنا دايما ان تتنوع على مدار العام … والأمر لا يقول سوى الفوضى وان المواطن يتزيل قضايا العقل السياسي القائم من حيث الأهمية وإلا لحرك المداد الذي يسكب على صفحات صحافة الخرطوم موسميا المسؤولين تجاه حلحلة قضايا المواطن العالقة ولما تكررت في كل عام، الا ان ما يشغلني بعيدا عن عِلكة الصحافة ولواكها سنويا لهو الشخصية السودانية وتحورها جراء ما يتنزل عليها من هموم بسبب اوضاعها الاقتصادية المزرية طيلة ثلاثين عاما هي عمر هذا النظام القائم وضغوط عملت على تنميط الشخصية السودانية الى اشكال وانماط غريبة اجبرتني على متابعتها بل عكفت على دراستها اجتماعيا ونفسيا لتخرج في كتيب موسوم بالشاهد والضحية ولولا كثرة المشاغل ووقوعي فريسة لاحدى هذه الانماط … صحي اتنمطت انت خلاص؟ .. آأأأي صحي، والى يوم ذاك الكتيب اليكم ببعض مقتطفاته:
*زول مكرمش: وهي شخصية كثيرة التدقيق في حسابات المعيشة فينفق يومه في الضرب والقسمة والجمع والطرح..( يعني لو جبت عشرة رغيفات وعدد ناس البيت تمانية كل زول حيكون نصيبو كم على مدار التلاتة وجبات؟ طيب لو قلنا وجبتين.. ولا اقول ليك وجبة واحدة وهكذا القياس على كل السلع الحياتية الملحة ومصير هذا النمط هو ان يتحول وجهه الى الكرمشة.
*شخصية متحجرة: وهو من تسيطر عليه المطالب اليومية ودوما تفرق معه النتيجة غير ممكن… وبالمناسبة هذه الشخصيات ليست من بنات افكاري .. فمع قليل من التركيز وتفرس الوجوه تجدونها بينكم تقاسمكم الشوارع والافران وغيرها الا انها تحلق في فضائيات تخصها وقد استوقفني احدهم وهو جلوس قرب سياج موقف شروني قبالة شارع القصر وقد بدى لي كتمثال ابدع فيه ازميل نحات حزق فالرجل لا يتحرك ولا يطرف له جفن ولا يهش اسراب الذباب التي تحلق حول وجهه ولا يرد تحية ولا تزعجه البواق السيارات.
*شخصية سرحانة: وهذه الشخصية في سرحان متواصل حتى انطبق عليها مقطع رائعة الكابلي: (والخوف يا غالي تسرح طوالي) وأهو سارح طوالي ومنهم من قالت له زوجته: فلانة جارتنا طلقوها… فأجاب دونما تفكير في الامر: الطلقا منو؟…ونزيدكم بمن وجد ابنه يطالع كتابا بشغف فسأله؟ ( الكتاب دا حق منو؟) فاجابه ابنه: (دا كتاب ابو عبيدة عامر بن الجراح) فرد والده : (والله ماشي كويس بقيت تصاحب أولاد الدكاترة) … وهكذا انماط…انا على اتصال دائم بهذه الشخوص النمطية أحصي حركاتها وإيماءاتها أقرأ ملامحها واتفرس دواخلها واردد في سري (انتم السابقون ونحن اللاحقون) القضية أخطر من الوضع الاقتصادي الما عارف أوصفو بي شنو ،وأكبر من كل الازمات والاختناقات المعيشية …القضية يا سادتي أزمة مواطن ـ (ضحية)ـ ضحية ساسة لا يتقون فيه الله ولا يذكرون من الفاروق رضي الله عنه لو عثرت بغلة بالشام “وفي راوية أخرى “نملة” كنت مسؤول منها يوم القيامة والشاهد هو هذا الإذلال والإستبداد القضية مواطن بدأت شخصيته تتكرمش وتتحجر وتتماص ، ومع قليل من المتابعة والإهتمام ستكتشفون أنماطا أخرى لم أصادفها أنا شخصيا بعد…..والخوف يا غالي نسرح طوالي….قلت لي شنو؟
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..