اليابان وشبح الحرب العالمية الثانية ‏

أكد رئيس الوزراء الياباني في الحفل الذي أقيم في الذكرى السنوية للجنود اليابانين الذين ‏فقدوا أرواحهم خلال الحرب العالمية الثانية أن الحكومة لا زالت على رأيها بعدم تكرار تجربة ‏الحرب المريرة مرة أخرى في المستقبل. المعروف أن الفقرة التاسعة من الدستور الياباني الذي ‏تمت إجازته بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تحرم على الحكومة اللجوء للحرب كوسيلة من ‏وسائل تحقيق مرامي االسياسة الخارجية ، مما أكسب هذا الدستور الفريد صفة السلمية. كما ‏ذكر رئيس الوزراء خلال ذات الحفل وفي خطوة جريئة أن الحرب التي قادتها اليابان في ‏جنوب شرق آسيا كانت حرباً عدائية ، وذلك في محاولة من جانبه لامتصاص الإحساس ‏المعادي لليابان في دول هذه المنطقة ذات الأهمية الاقتصادية الهائلة بالنسبة لبلاده. ظلت ‏الحكومات اليابانية المتعاقبة تتفادى وصف تلك الحرب بأنها كانت عدائية ، ويعتبر تصريح ‏رئيس الوزارة مفارقاً للخط الذي اتبعته الحكومات التي قامت في البلاد منذ خمسينات القرن ‏الماضي . اكتسبت تصريحات رئيس الوزراء بعداً أكبر كذلك بسبب أهمية المناسبة التي شرفها ‏بالحضور كل من الامبراطور والامبراطورة.‏
تحاول اليابان جاهدة ومنذ سنوات تجاوز الصورة الشائهة التي نتجت عن الممارسات ‏القاسية لقواتها في الدول الآسيوية التي شاء حظها العاثر أن تقع تحت الاحتلال الياباني ‏خلال الحرب العالمية الثانية. كان من الطبيعي ، والحال كذلك ، أن يسعى رئيس الوزراء ‏للتأكيد على رغبة اليابان الصادفة في إقامة علاقات طبيعية وممتازة مع هذه الدول وغيرها ‏من دول الجوار. من المعروف أن تصرفات قوات الاحتلال اليابانية في دول مثل كوريا ‏وتايوان تركت جروحاً غائرة في نفوس مواطني هذه الدول مما انعكس على علاقاتها ‏الدبلوماسية مع اليابان. بالرغم من مرور كل هذه السنوات على الحرب العالمية الثانية فإن ‏القضية المسماة بقضية “نساء المتعة” لا زالت تؤرق بال الحكومة اليابانية ، ونساء المتعة هن ‏النساء اللائي أجبرن لتوفير المتعة للجنود اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية في كل من ‏كوريا وتايوان.‏
كان من الطبيعي أيضاً أن تنظر اليابان بعدم الرضا للإحتفالات التي أقيمت في كوريا ‏الجنوبية في ذكرى الحرب العالمية الثانية والتي ركزت على الفظائع التي ارتكبتها قوات الجيش ‏الياباني خلال احتلالها لكوريا الموحدة في ذلك الزمان. كما أن الحكومة اليابانية أعربت عن ‏عدم رضاها بشأن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الكوري الجنوبي بالمناسبة والذي أدان فيه ‏الاحتلال الياباني وأعلن خلاله عن رغبة بلاده في إقامة نصب تذكاري يعكس المآسي التي ‏عايشتها النساء الكوريات اللائي أجبرن على تقديم الجنس للجنود اليابانيين تحت ظل ‏الاحتلال الياباني لبلادهم. بالرغم من أن كوريا الجنوبية وتايوان تعتبران من أكثر الدول تلقياً ‏للعون الاقتصادي الياباني في الوقت الحاضر ، ومن أهم الشركاء التجاريين لها إلا أن ما ‏جرى من أحداث خلال الحرب العالمية الثانية لا زال يعكر صفو العلاقات مع البلدين ‏وينعكس بصورة سالبة على علاقات اليابان معهما. يرى الكثير من المراقبين أن تجاوز هذا ‏الوضع قد يستغرق فترة طويلة ، وأنه بالرغم من قرار الحكومة اليابانية المذكور أعلاه فإن ‏إقامة علاقات حميمة بين اليابان والدولتين المذكورتين ليس بالأمر الميسور وأنه يحتاج للمزيد ‏من الجهد والوقت. من جهة أخرى ، فإن هناك بعض الآراء الصحفية الجريئة في الدول التي ‏أشرنا لها أعلاه والتي ترى أن روح الممارسة الاقتصادية للشركات اليابانية في هذه البلاد لا ‏تختلف كثيرا عن روح مقاتلي “الساموراي” التي كانت تتقمصها القوات العسكرية اليابانية خلال ‏الحرب العالمية الثانية.‏

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..