قضايا الجسد

كان التطور النوعي بالوعي بقضايا الجسد من أهم المحاور التي أثارت لغطاً كثيفاً في الروايات العربية على أساس أن قضايا الجسد ترتبط بإثبات الذات الفردية الواعية وعلى اعتبار المبرر الفني في الواقع العربي الذي يفتقد للحرية، ففي كثير من تفاصيله يقوم الأبطال بممارسة المحرمات، باعتبار أن الحرية إذا لم تجد متنفساً في العقل فإنها تبحث عن الجسد للتحرر والانعتاق، وبعيداً عن رقابة السلطة وعين الرقيب وهرباً من قمع المجتمع وقهر الأنظمة الغاشمة والأجهزة السلطوية الباطشة.
ويتم عادة منع روايات الجسد ومصادرة ما طبع منها، والتنكيل بكاتبيها مما يدفعهم للهجرة واللجؤ لفضاءات اخرى اكثر حرية وتسامحا، والمنع لا يزيد هذه الروايات المحظورة إلا ألقاً ووهجاً وشهرة، وتقام حولها الندوات والمحاضرات، وكما تنتاشها النخب الصفوية ويهتم بها الغرب وتفتح لكاتبها أبواب المنابر والإذاعات والتلفزيونات، لدك حصون هذا التابو الجسدي من نهد وزند، وكشح وساق وجيد وعقد.
وتأتي البغايا في مقدمة الركب وقتلهن للأجنة الحرام ومن ثم انتحارهن. وفي الجانب الآخر يأتي الرجل الشرقي الباحث عن المتعة والمنداح حتى الثمالة في إشباع نصفه الأسفل من المرأة أيا كانت وفي صورة بهيمية مستهجنة من الواقع المحافظ ومحتفي بها أيما احتفاء في القصة والرواية.
وتتبدى للمرأة معضلتها الأساسية، فهي في غمرة مغامرتها الجسدية الملتهبة والملتاعة تريد أن تعبر بشريكها الرجل من بوابة الثقافة وتتقيده برباط الزواج، على الرغم من أن الرجل ينظر لما حدث باعتباره متعة على هامش الثقافة، وتحت رعايتها وليس خروجاً عنها، والمرأة تنظر لذلك اللقاء الجسدي الكامل باعتباره عربوناً للثقة والمحبة، ويجب على الرجل تقديرها ومكافأتها بجائزة الزواج، في ظل رفض الشرقي للارتباط بمن حصل على مبتغاه منها سابقاً، لإصابة الكثيرين منهم بمتلازمة الارتياب والشك والغيرة.
وتحاول بعض الفتيات إثبات ذاتهن وهويتهن الخاصة المتصادمة بأسوار الثقافة السائدة، مما يدفعهن دفعاً للانخراط والانغماس في النزوات والمغامرات الجسدية بكل أنواعها الهجينة أم المثلية وعالم البورنوغرافي، وكان الجسد الفردي يتحول إلى هوية فردية وجودية لا يمكن تحريرها من قمع السلطة الاجتماعية إلا بتملكها على سبيل المشاغبة لضرب المجتمع الذي يدعي الطهرانية بالشيطانية وعوداً به للواقعية التي ينكرها الكثير.

اول النهار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..