والسودانيون وضياع الأمانة في زمان العولمة

بداية أسوق إلي أهلي وأعزائي القراء أحر التهاني واصدق الأمنيات بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك . وأعاده الله علينا وعليكم وعلى جميع الأمة الإسلامية باليمن والبركات.

عودة لعنوان المقال نلاحظ في هذه الأيام العصيبات والتي تمر على السودان سوداء كليل دامس عجز العاقل أن يرى إشراقات الفجر في الأفق القريب وما نحن فيه من تردي وانحدار ممنهج عبر السلوكيات التي طغت علينا في جميع مناحي الحياة أولها السياسة وما أل إليه وضعنا بأن أصبحنا في ذيل كل تقرير تخرج عبر التقارير الأممية والأوسطية والمحلية . وثانيها الاجتماعي بضياع القيم والأعراف والأمانة والصدق والجيرة وصلة الرحم ..الخ. وثالثها الاقتصادي وما نحن في تدهور يراه الأعمى قبل البصير والطفل قبل الرجل وربما تشيب له رؤؤس الولدان من فداحته من خلال التدني المروع لحال جنيها السوداني بان أصبح أخف من مناديل الكلنيكس التي تمسح بها على وجهك حال أن تكون عرقان من مشوار في الظهيرة فتأخذ أكبر عدد ممكن ولكن لا تكفى لتجفيف العرق وكذلك حال الجنية لا يكفى للغرض الذي تملأ به جيبك من أجله مهما كبر عدده. أما الحالة الرابعة والتي نحن بصدد الحديث عنها غياب الأمانة بمعناها الكبير والصغير والأوسط . خلال الأيام أو الشهور التي مضت قرأت عن أشخاص قاموا برد الأمانة لأصحابها كان أولهم أكثرا صيتا على مستوى السوشيل ميديا صاحب الركشه ( أم درمان) الذي أعاد مبلغ من المال بحوالي ( 1) مليار إلى صاحبة فأصاب الناس الدهشة وتم الإشادة به ومكافئته على فعله المتميز علما بان هذه الشئ كان موجودا بالسودان عند أهلي الغبش من فقراء القوم والطبقة الوسطى حتى زمان قريب قبل وصول الكابوس الذي خيم علينا . وتكرر المشهد في إعادة كيس العيش لصاحبه في زمان كثر فيه السرقة الحرمنة والفاسد المتفشي في إرجاء البلاد والذي صار يتباهى به البعض وتطوف حولنا شبح الجوع وثورة الجياع وما نعايشه من تفلتات يصعب ذكرها لا يطاوعني قلمي وترتجف يدي عند ذكرها وليس الخوص في تفاصيلها ما ادخل علينا من قيم حديثة في الشباب واستلاب أممي ومنهج عبر الانفتاح المعلوماتية ومن تحور مجتمعي فضفاض ينظر للدنيا بعين البقاء للأقوى والأقرب للسلطة واتخذوا من المال منهاج أبراج عاجية وقبل قليل أكثرهم كان لا يجد ما يكفيه إعاشته لفترة أسبوع أو اقل وفجأة أصبح من أصحاب رؤؤس ألأموال وركب السيارات وامتلك العقارات وتزوج من النساء مثنى وثلاث ورباع والذي يصعب علينا تفسيره أنهم ممن عاش معنا وتترعرعوا بيننا في مراحل الدراسة أو الجيرة وخلافه ومعروف أهلهم وتاريخهم . وهنا بين الحالتين ضاعت الأمانة وأصبح من يعيد الشيء المفقود لصاحبه هو بطل في خضم الازدحام والانفتاح الغير مبرر في غياب الضمير وارتفاع سقف التشبه بالغير في سلوكيات نراها تمشي معنا وتزاحمنا في بيوتنا والأسواق والمنتديات والمجالس .

وأشد ما يلفت الانتباه بأن الأمانة التي ننشدها مفقودة بحذافيرها في الطبقة المسئولة عننا في بلادي والتي هي المعول الأساسي في تسيير دفعة الحياة هو أكثرنا إضاعة للأمانة التي يتحمل مسئوليتها أمام الله وأمام نفسه والمواطن وربما أقسم عند توليه المنصب على المحافظة عليها فهم أكثر الناس إضاعة لها لأنه ببساطة شديدة لا يبالي بحال من هم في ذمته من الشعب كلا في موضعه ومن خلال وظيفته حتى الصغيرة والدنيا منها أو أعلاها في قمة هرم السلطة بدون استثناء . ينتابني شعور بان (المسئولين) لدينا بالسودان يتم تدربيهم وتأهيلهم على التفنن في تعذيب المواطن وخلق كل ما هو مرهق وبالتالي التهاون الملحوظ في شتى مجال العمل الحكومي على وجه الخصوص بدون رادع أو تشهير أو حزم أو حتى محاكمه كأبسط الحقوق وخلفه القطاعات الأخرى في إضاعة الأمانة وعدم الإحساس بالمسئولية التي يتحملها فنجدهم أحرص الناس لفقدان الضمير لأنه هو المحرك الأخلاقي للأمانة بصدر الإنسان والمستغرب أن اتخذوا من الدين شماعة للعبور وزين لهم الشيطان مكاسبهم بالطريقة التي يرونها . ولا محال سوف يسألون عنها بين يدي الخالق سبحانه . فنقول ما إذا أعددت لذلك السؤال يا سادة . ونلحظ ذلك التدهور في ( صفوف الخبز / صفوف الغاز صفوف الوقود) وتطور الوضع في إزهاق الأرواح للطلبة وفلذات الأكباد عبر الغرق والحوادث والتهريب والسرقات الممنهجة عبر المنافذ البري والبحري والجوي منها . فليراجع كلا منا الأمانة الملقاة عليه حتى تؤدى على الوجه الأكمل بعدها ينصلح حال الأمة وتنفرج الكربات التي نعانيها ليل نهارا .
ولا يسعني ألا أن أذكر من له قلب أو ألقى السميع وهو شهيد بقول المولى عز وجل . إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب:72] والله من وراء القصد وهو المستعان ،،،

عدلي خميس
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..