حالتان من الكساح..

مضمار الديمقراطية هو بمثابة جدول ينتهي دفقه الى مصب تحقيق رغبة الأمة في كيف تحكم ذاتها ومن تفوض لينوب عن جمعها في قيادة مركب السلطة بالتوافق على برنامجه قبل شخصه أوحزبه .
حكمت مارغريت تاتشر لعدة دورات في بريطانيا ثم مضت بحزب المحافظين الى حكومة الظل ليصعد الى سدة الحكم غريمها حزب العمال وبتفويض مختلف ولم تنقض إرادة شعبها وتنعتها بالنتيجة المزورة !
مثلما تحكم الآن أنجيلا ميركل جمهورية المانيا بتفويض ينتهي بعد ثلاثة أعوام أونحو ذلك…ولكن دون أن تتلاعب بميثاق التراضي الشعبي المسمى بالدستور ..وقالت بالأمس إنها ترغب في مؤتمر ديسمبر القادم أن تتخلى عن رئاسة حزبها صاحب الأغلبية غير المُطلقة لآن الجمع بينها و مسئؤليات المستشارية رهق يفت عضدالجسد ويشتت تركيز الذهن !
وكان أمام نيلسون مانديلا باب ديمومة الحكم في جنوب أفريقيا مفتوحاً على مصراعيه ..ليس مهراً لنضاله أو تعويضا عن سنوات حبسه الطويلة فحسب ..ولكن لحكمته وروح التسامح فيه التي رفع لها المستوطن الأبيض قبعته خجلاً !
جاء عمر البشير بإنقلاب على الشرعية يسنده برنامج الإسلاميين الطفولي بقصد إنقاذ البلاد خوفاً كما زعموا من إنكسار جدول الديمقرطية قبل أن يصل الى هدفه فيغرق الحرث والنسل في مياه الفوضى ويفسد المحصول ..وظلوا عقوداً ثلاثة وسعوا فيها من ممرات دفق ذلك الجدول بعدأن أحلوها الى دماء محلبوة من عروق الوطن الذي أصبح كسيحا يتسول في دروب السابلة ..ولازال البشير يسعى للتجديد حتى تذهب من أرجل البلاد بقية حركة زحفها في تراب القذارة والتذلل ..وخزينة الدولة ناءت بما فيها من الخيوط التي نسجتها عناكب الفساد !
وفي الجزائرالشقيقة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.. الرجل الكسيح الذي يحكم من على كرسي متحرك لكبر سنه وحالته الصحية المتردية.. مدعيا سلامة قواه العقلية ..وهي حالة شلل بدني ليست كحالة الرئيس الأمريكي روزفلت الذي كان مصاباً بشلل الأطفال وحكم لدورات ثلاث حسبما إقتضت ظروف الحرب العالمية الثانية ..على غير ما ينص الدستور بدورتين رئاسيتين فقط ثم مضى في حال سبيله !
لكن بوتفليقة الذي بقي حزبه قابضا على زمام السلطة بأكف الجيش بعد الغاء نتيجة الإنتخابات التي فاز فيها المتشددون الإسلاميون الذين أشعلوا نار الإحتجاج بعدها في حقل التحرير المليوني الشهداء.. ..!
هاهو يبحث بدوره عن فترة ولاية خامسة يزحف على دربها من ثغرةٍ في جدار الدستور ..ولكن الفرق أن إحتياطي المصرف المركزي عنده يناهزالأربعين مليار دولار..إلا أن ذلك ليس بالضرورة يعطيه حق التشبث بكرسيه المدفوع بسواعدعسكره..لان رمادية الديمقراطية تعني الديكتاتورية وإن الحفاظ على النجاح في حدِ ذاته مهما كان مقداره لا يبرر التمترس خلفه ..فالمطلوب هو إتاحة الفرصة لمن يحقق المزيد منه !
حالتان هما كساح وطن يحكمه رجل بلا عقل ..وكساح رجل مهما كان عاقلاً فإنه محض ديكتاتورمتسلط.. تتجسد فيهما مأساة عالمنا الثالث الذي يمضي الى الخلف زاحفاً على عقبيه ..ويدّعي أنه يسبق الراكضين الى الأمام طالما أنه سيصل الى المؤخرة قبلهم !
فمصر كبرى بنات العرب هاهي وبعدأن باتت حيزبونا شمطاء تحاول أن تتجمل لجذب فتية من غير زمانها وتقول فيهم شعرا كذباً وليس عذباً ..!
والسعودية كبيرة المسلمين التي تشتري من الكفار أسلحة من عرق ودماء شعبها والوافدين اليها لتحمي بها الحرمين الشريفين كما تزعم ..هاهي ترتعد من طعنة قلم خاشقجي وإن إمتدت سنته من جيب الرجل البعيدعنها و الذي استجار برمضاء الأمريكان ومصاهرةالأتراك هربا من نزق صبيها الذي يذبح بسكينه التي يخفيها داخل عباءة والده الفاقد للصلاحية ..!
وقس على ذلك من عيوب الحكم الخلقية في بقية رقعة الجسدالعربي الذي أكله صدأ التسلط !

نعمة صباحي..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..