غفرانك يا أمي

غفرانك يا أمي

كلام الناس
*عندما إستعرت هذه الرواية من مكتبة مريلاندز بسدني كنت أمني نفسي بالإستمتاع برواية إنسانية تحكي عن عظمة الأم في حياة الإنسان، لكن ماأن بدأت في القراءة إلا وإكتشفت أنها رواية مختلفة تماماً.
غفرانك يا أمي
*إنها رواية”غفرانك يا أمي” الصادرة من الدار العربية للعلوم للكاتب الروائي الذي أقرأ له لأول مرة محمود حسن الجاسم، تدورأحداثها في سوريا في أعقاب ما سُمي ب”الربيع العربي”.
*لن أحدثكم عن أبطال الرواية لانهم مجرد رموز للإنسان العربي مازال يعاني من ويلات وماسي في الدول التي دخلت في صراعات ونزاعات وحروب أهلية إختلط فيها الحابل والنابل وطفحت على سطح مجتمعاتها “جماعات متخفية تطلق النار على المتظاهرين”.
*لكن لابد من التوقف عند شخصية الأستاذ الجامعي الذي إقتادوه بطريقة مهينة من الجامعة ليتم تجنيده في حرب أهلية غير مقتنع بها وهو يقول في قرارة نفسه : انا لست مستعداً للحرب وسفك الدماء، لكنه أُقحم في الحرب.
*في موقع اخر يقول أستاذ الجامعة المجند عنوة : شاهدت أجساداً تنزف تستغيث وتئن وجثثاً منقوعة بدمها، الموقف يجمد لساني والرعب يعصر قلبي، لم أعد قادراً على التمييز بين الواجب العسكري والجريمة.
*لم يكن مستغرباً في هذا الجو المشحون بالضبابية أن تختمر فكرة الهروب في أذهان الأستاذ الجامعي ماجد وصديقه الأكثر سخطاً منه غسان، وبالفعل ينتهز غسان أول فرصة للهروب فيهرب، لتبدأ سلسلة من التحقيقات حول ملابسات هروبه يتعرض فيها صديقه ماجد لضغوط رهيبة كي يدلي للمحققين بمعلومات عن كيفية هروبه.

في خواتيم الرواية ينتهز ماجد فرصة أُتيحت له للهروب هو أيضاً ويتسلل إلى مخزن ملحق بأحد المنازل في قرية إستباحها المجندون، وفي لحظة مواجهة لا تخلو من مغامرة مع “ام حسين” صاحبة المنزل التي إنزعجت عندما وجدته في المخزن، طلب منها أن تخطر أبو حسين برغبته في مقابلته.
* إستطاع ماجد إقناع أبو حسين بأسباب هروبه ووعده بإلحاقه بحافلة تنقله إلى “كفر جاسم”، لكنه قبل أن يصل إلى كفر جاسم يقع في يد “جماعة مسلحة” إقتادته إلى كهف جبلي، وبعد التحقيق معه إقتنعوا بأنه هارب من الجندية لكنهم رأوا أن يتركوه ينتظر محاكمة “المجرم” الذي سيقتل ويصلب نسبة لبشاعة جريمته حسب زعمهم بقتل الكثير من المدنيين في الساحة وفي السوق.
*المفأجاة الصادمة لماجد أن”المجرم” الذي سيقتلوه ويصلبوه هو صديقه غسان .. ولم يستطع ماجد السكوت : هذا غسان أستاذ جامعي لا يقتل، لكن الجلاد كان قد هوى بالسيف على غسان، وفي نفس اللحظة إنفجر صاروخ فجأه زلزل اركان المكان جعل الجلاد يتهاوى على غسان.
يواصل الراوي سرد الأحداث : من جديد رفع الجلاد السيف وقد تصاعد الغضب في داخلي وسط تصاعد الهجوم على المنطقة … اخر ما شاهدت غسان وهو مكتف اليدين وظهره ينزف وجسدي ينزف ورميت نفسي فوقه ودمنا يجري على الأرض السورية.
*دخل ماجد في دومة من الأحلام والكوابيس شاهد فيها امه تسير مطمئنة قوية واثقة من نفسها، كانت تنظر إليه وتبتسم وكان هو يمشي مع غسان وراءها كطفلين في بلدة نهر البارود في البادية السورية.
*مضى قائلاً : لما صحوت وجدت نفسي بين هؤلاء الأطباء يضمدون جراحي ويعلقون الأكياس … هنا في هذا المكان، أين أنا ؟ في الأردن .. في سوريا ..في تركيا .. في لبنان .. في الخليج .. في المشافي الميدانية؟ أين أنا ياأمي .. غفرانك ياأمي .. غفرانك ياأمي .. غفرانك ياامي.

نورالدين مدني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..