الوطني وثقافة البيع

الوطني وثقافة البيع

اصداء
محجوب عثمان
دون أى مواربة وقف نائب رئيس الجمهورية الأسبق عضو البرلمان د. الحاج آدم في جلسة برلمانية الأسبوع الماضي بعد أن حمد الله وأثنى عليه وشكر رئيس البرلمان على منحه فرصة الحديث ليقول إن مياه النيل ثروة قومية ملك لكل شعب السودان وبالتالي ينبغي أن يتم بيعها للمزارعين والاستخدامات الأخرى لتكون مورداً للخزينة العامة.
حديث الرجل الذي كان قبل سنوات قليلة يقود البلاد ينبئ عن كيفية إدارة هذه البلاد والعقلية التي تدار بها خاصة وان علمنا أن الرجل كلما وقف ليتحدث في البرلمان طالب برفع الدعم الحكومي.
ولا أدري هل ما يقوله الحاج آدم آراء شخصية أم إنها توجهات حزبه المؤتمر الوطني الذي إنضم له في عهد قريب بعد أن انسلخ عن المؤتمر الشعبي الذي كان أحد مؤسسيه عقب المفاصلة
الحاج آدم الذي يدعو للإستفادة من كل الموارد عبر بيعها للمواطن ظل حتى الأشهر القليلة الماضية يرفض الخروج من المنزل الحكومي الذي كان مخصصا له إبان شغله منصب نائب رئيس الجمهورية وظل يسكن به بعد عزله من منصب نائب رئيس الجمهورية قاطناً على نفقة المواطن السوداني وبالطبع يتمتع بإمتيازات الكهرباء المجانية والماء المجاني علماً بأن الكهرباء والمياه تاتي من ذات مياه النيل التي طالب ببيعها للآخرين.
أما الأغرب من ذلك كله فإن الرجل الذي كان يحسب في برتكول الدولة رابعاً في سلسلة قيادة الدولة لا يدري أن الحكومة بالفعل تبيع مياه النيل للمزارعين وتتحصل رسوم الرى في كل المشروعات المروية من هذا النيل.
بهذا الفهم الغريب والمعوج الذي طرحه النائب السابق لرئيس الجمهورية يحق لدولتي جنوب السودان وأثيوبيا بيع مياه النيل للسودان لأن المياه تمر بهما قبل ان تعبر حدود السودان
وبذات الفهم ماذا يمكن للحاج آدم أن يقول بصفته ممثلاً للحكومة إن طالبت الولايات التي يمر النيل عبرها الحكومة برسوم نظير مرور مياه النيل على أراضيها سيما وإن الدستور الحاكم قد جعل الأراضي ملكاً للولايات فهل سيدفع ان قالت تلك الولايات انها لا ترغب في مرور النيل عبرها الا بعد دفع ايجار لتلك الرقاع الأرضية التي تمر بها المياه.
بربكم كيف يمكن لمن شغل منصب والي الولاية الشمالية في يوم ما أن يطالب ببيع المياه لمواطنيها وهو يعلم إن كامل الولاية تعيش على النيل فقط وما عدا الشريط النيلي فهي صحراء بلقع.
بالفعل لم يتبق لحكومة الحاج آدم شيئا لم تقم ببيعه للمواطن وتحصيل الرسوم من ريعه لكن ورغم إن المياه تباع للمواطن لم يكن يتصور أحد ان يقف مسئول في يوم من الايام في البرلمان ليطالب علنا ببيع مياه النيل.
لم يبق غير أن يطالب أحدهم ببيع الأوكسجين الذي يتنفسه المواطن
مثل هذه الآراء تشكل خصما على الحكومة أكثر ما تكون داعماً لها ولذا فمن أوجب واجبات الحزب الحاكم أن يعمل على كبحها او التنصل منها على الأقل بدعوى انها آراء تعبر عن صاحبها فقط
*نشر بصحيفة الصيحة*

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..