نهاية الكيـزان

نهاية الكيـزان

موسى محمد الخوجلي
[email protected]

فقد إستغنى القوم عن شيخهم وبعد أن عجن لهم العجينة خميرةً جاهزة فعلفوها لوحدهم وتركوا أميرهم يحثو التراب في فمه ..
وبعد أن علمهم الحشود والنفرات ووبعد أن كانوا يأتونها كتائب وحمائل ذرافات ووحداناً وتحت هجير الشمس والريح والحر في الساحات والمُعسكرات
وبعد أن جاهدوا ونافحوا عن دولتهم الرسالية أو كما يظنون حين كان ( الكوز ) له من السمات الظاهرة ما يُميزه عن غيره ..
ولعل فيها ما هو إسلامي كاللحى فبرز اليوم جيلُُ من الشبابِ ( ثُطاط ) مُحلقين لِحاهم لا يأتون الصلاة إلا ( دُبرا ) ولا يعرفون الله إلا ( جهراً ) …
وأُخريات ممن تبجحن وتسمين بأخوات ( نُسيبة ) فالتحقن في سبيل ذلك بحلقات التحفيظ والمُعسكرات والتجنيد القتالي ..
ظهرن الآن كاسيات كاشفات بعد أن كُن ( مُتعجرات ) بخمار به مُتلفحات وبالتدين مُتمسكات ..
وبعد أن سلِم بعض الأولين السابقين من الكيزان من آثام الحرام والرِبا ولم يغشوا إلا قليلاً ..
نبتت مجموعات جديدة من الوصوليون ممن لا هم لهم سوي كنز الذهب والفضة وغِش الناس والكلام بالباطل
وفعل السوء وبناء العمارات السوامق يعدهم شيطانهم كثيراً من دنيا وما يعدهم إلا غرورا ..
يسجر دواخلهم الطمع والجشع والوصولية وإتساع الذمة لأكل الحرام …
وبعد أن كانوا مُقبلين على الجهاد معتمرين البيض والقوانس إعتنق القادمون الجُدد ( الإقفال ) والإدبار
والصد عن الجهاد وكراهيته فضاعت في عهدهم الوحدة وضاع نصف الوطن وسقطت المُدن الواحدة تلو الأُخرى
كتساقط أوراق الخريف .. وصحل صوت الناصحين وملكهم الأسف على ضياع إرث الدولة الراشدة
فبدأوا المناصحة العلنية وقوبلوا بالفصل والتجريد والإقصاء ..
وضاعت الفضائل الأولى التي بناها شيخهم الهرِم ما بين طامع في مال أو مزواج نسي واجباته الوظيفية
وأمانة الوزارة فاعتنقوا المُتعة كفكرة ومنهاج ..
وأخذ البعض بقاعدة أن الفقر جُلباب المسكنة وأن القرابة مع بقية الناس مُستعادة بعد حين فحرصوا على قطع أواصرها
مع الأقربين فنالوا غضب السموات والأرض فقالت السماء فيهم وأمطرت غضبا لفعلهم ..
والبعض منهم أُعجب برأيه فضلّ وإيتغنى بعقله فزل وما علموا أن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك وبكليهما تُمتحن ..
ونسوا أن شعب السودان وشُرفاءه قد أذاقوا من قبلهم من كل جرعة ماء ( شرقا ) ومع كلة أكلة ( عضضا ) ..
ودخلوا عرين الشمولية من أوسع أبوابه ووجدوا عنده ظلالاً ومُتكأً وناداهم الكثيرون وناصحوهم فضاعت أصواتهم أدراج الريح
أو كمن ينفخ في شنة فارغة …
وأصوات ( شنان ) و( قيقم ) نسوها ونسوهم فأصبحت شيئاً من ( ذكرى ) ولا يتنادون لها كأنها مُحرمات أو كزمزمة الكُهان
يرتلون صلواتهم الكاذبة ولا يُسمع لها من أحد ..
ونقول لهم من لم يتعلم من تاريخه فسيعيد تكراره ..
والآن وقد إنكشف ظهر الكيزان لسياط المجتمع الدولي فأولى لهم أن يلوذوا لوحدة داخلية مع شيخهم وبقية التنظيمات ..
وهذا هو الصواب ولكن كيف مع من طغى وتجبر وعتى وظن أن كلوم الحركة الإسلاموية وإن بانت كطفح جلدي على جسدِ مريضِ
فتلك حسب رأيهم مرارات الدواء وليس بفعل الداء ..
ولعل البعض ممن سبروا التاريخ وعرفوه أصبحوا ( يشهقون ) خوفاً من الطوفان القادم وجحافل الحُلفاء التي ما تركت أرضاً فيها
من النزاع القليل إلا وإستحلتها وجعلت أعزة أهلها أذلة َ ..
ويظن البعض من الكيزان أن ما ورثوه من فضائل ومؤسساتية يجعل ( نظامهم ) كـ ( قار ) ثابت لا يُحركه شئ ..
والآن وأخبار السودان ( تُعلك ) وتُلاك على ألسنة القنوات والإنترنت وجب عليهم أن ينتبهوا وأن يقوموا من نومتهم
والتي طبع شيطانهم بـ ( جرانه ) على آذانهم نومة طويلة عميقة الشيطان وحده يعلم نهايتها ..
وكثير من الأيدي التي دخلت صالحة إلى أجهزتهم الأمنية زلت معاصمهما وقتلت خيرة الشباب وهتكت الأعراض وأُتهمت بذلك ..
أمنياتي لهم بصحوة ينسحبون على إثرها من المشهد السياسي وأن لا يكونوا أسيرين للماضي خاصة وشروخ كثيرة
وطفحت علل وكلوم بدت واضحةً على وجه الدولة الراشدة ..
أقول وبعد أن كانت سيماهم في وجوههم من أثر السُجود ذهب الله بذلك النور والذي كان جلياً ظاهراً كغُرة الخيل .. لا لشئ إلا لأن بعضهم قد تلبس الحق بالباطل وإختلط الحابل بالنابل والسقيم بالمستقيم والغث بالسمين والصالح بالطالح فأصبح من الصعوبة الإمساك بتلابيب المنهج الرسالي والمشروع الحضاري الذي ضاع (عوان ) بين هؤلاء وأولئك ما بين الليبرالية والأخوانية وأصبح مشروع طالبان السودان ( أمانيً) أو كمعجزات موسى ( عصا ويد وإنفلاق بحرِ ) فأشربوا في قلوبهم وإختلط كل ذلك كإختلاط الشراب ..
ونعود لما فعلوه بشيخهم وعراب الحركة الإسلامية أو المرشد الأكبر وبعد أن كان أمره كذلك ولا إختلاف فيه أصبح كما سيدنا جبريل عند بني إسرائيل يرون فيه أنه يأتيهم بالعذاب والثبور ..
وحينها إنقلب عليهم الشيخ بفتاويه أ المُفطسة ) لمن رأى فيهم مجاهدين في سنام الأمر فاستعجبوا وأنكروا لذلك المآل الذي بشرهم به شيخهم بعد أن تملص من فتاويه الخضراء المُبشرة بالحور العين وجنات عدن ..
وبعد أن كان مثابةً وحُجة يؤوبون إليه فقد إنقلبوا عليه وأصبح الكل شطر بين هذا وذاك ما بين حزب وطني وآخر شعبي ..
وقد إختانوه بعد أن كان على ألسنتهم كالماء البارد الزُلال في غداة غائظ حرها .. وبعد أن كان ذكره بينهم كذكر أباءهم أو أشد ذكراً أصبح منبوذاً طريداً لا يأوى إلى فراشه إلا والحسرات تملأ دواخله .
فجاور السجون وأُمتحن بالإبتلاء كما أيوب عليه السلام ..
والشيخ نفسه كان يرى في رأس الدولة البشير يُمثل أشواقه للجهاد والجنان إنقلب عليه ورأى فيه صلف العسكر وحُب شهوة السُلطة فتداحرت رؤوس وسقطت رايات وقريباً تكون النهايات ..
لا لشئ سوى أن الأرومة قد جُزت بأيدي مؤسسيها وتناثرت كرماد إشتدت به ريح عرم في يوم عاصف ….

ابو اروى – الرياض 2011-06-13

تعليق واحد

  1. يا استاذ موسى خوجلى (أبو أروى)

    بعد التحية والاحترام

    قرأت مقالك الأكثر من رائع .. وبعد الانتهاء منه مباشرة قررت ان اكتب لك (راجياً) منك مواصلة (اتحافنا) بمقالاتك ..

    بس ما تنسى انك (تخفف) من اللغة والمفردات البتستخدمها ..

    يعنى بى بساطه كده نزل لغتك عشان تخاطب بيها (عامة الناس) .. وانا متأكد انك حا تلقى صعوبه.

  2. بعد التحية ابو اروى…..اثرت فينا شجونا كنا نكتمها…..والامر اضحى الان كما ترى.. واختلط الحابل بالنابل…..وابشرك كوز قديم دي يعني قبل 15 سنة ايام الشباب واناشيد الجهاد ومعكسرات الحفظ والتجويد…..اما وقد صار الامر هكذا …..فقد تخلينا عن الامر من زمان مضى…ولنا في ذلك كتابات واحاديث…..وذلك لان الحركة الاسلامية اضاعت الدولة الراشدة وشوهت صورة الاسلام فلاهي نجت بنقائها القديم..ولا تركت الاسلام بقدسيته وطهره الخالد……..والان لا ارى حلا الا في الحكم بافكار شيوعية اشتراكية ….والبعد بالاسلام عن مضارب الساسة ومكرهم وخبثهم البائن..

  3. اسأل الله ان يغفر لي عما سببته من آلام ومحن للمواطن السودانى وما سببته من تشوهات واهانات لدين الله الحنيف ،
    لاننى كنت اعمى البصر والبصيرة ، ولم ادر ان هتافى وتكبيرى وتهليلى سوف يستقله هؤلاء المفسدين فى تكريس وتأصيل مصادر مفاسدهم وثرواتهم المشبوهة و اطالة جلوسهم على كراسى السلطة الزائلة …

    اللهم بقدر ما صحت مكبرا ومهللا لك فى ايام الجاهلية ، فانا اكبر واهلل الان بان تاخذهم اخذ عزيز مقتدر وتنصر اسلامك وتحميه كما حميت الكعبة الشريفة من براثن ابرهة ….

    اغفر لى يا الله ……

  4. اعتقد ان الكيزان لو عايزين الشغل الصاح و الفيه فايدة لهم و لدينهم و لشعبهم ان يكونوا دعاة اتقياء و يعرفوا الناس امور دينهم حتى ينصلح حالهم فى الدنيا و الاخرة و يبعدوا م استغلال الدين للوصول للسلطة المطلقة لانها مفسدة و هو ما حاصل الان و هذا لا يمنع ان ياخذوا بالعلوم الاخرى و يطوروا نفسهم و حالهم المادى بجانب الدعوى و ممكن بالطريقة دى يكونوا قوى ضغط شعبى و رقم فى المجتمع المدنى و ما يشتغلوا بالسلطةو لو جائتهم على طبق من ذهب لان اللعب بالدين فيه خطورة على الدين نفسه و يؤدى لنتائج عكسية و هو ما حاصل الان كذلك!!! و دائما ما يزدهر الدين و الاخلاق الحميدة فى ظل الحرية و لو كانت الدولة علمانية و الناس تستطيع ان تفرق بين الغث و السمين!!! لكن لعن الله استغلال الدين لاغراض دنيوية و لو كانت البداية و الهدف لغير ذلك و الاسلاميين بشر و ليسوا بملائكة عشان كده مافى احسن من الحرية و الديمقراطية و لو كانت علمانية عدييييل كده و بدون لف او دوران!!! الكلام ده عربى مفهوم ولا بنقالى؟؟؟؟!!!! ولا لقيتوا النغنغة باسم الدين حلوة و باردة و لذيذة و ان هذا الشعب ضان سااااكت؟؟؟!!!! لكن والله الناس عارفة كل حاجة حتى الضان الحقيقى عارف!!!!!!

  5. (وضاعت الفضائل الأولى التي بناها شيخهم الهرم) اي فضائل هذه التي بناها شيخهم الهرم اذا علمنا ان البناء في اوله قام على دماء وارواح مجدي محجوب وجرجس وشهداء رمضان ولم ينكر هذا الشيطان المتدثر بثوب الانسان فعلة اتباعه وجنوده التي لاترضي رب العزة والجلال بل سكت عنها كشيطان اخرس ومضى في طريق الغش والخداع والنفاق على شعب السودان باسم الدين وهو منه ومن زمرته براء (( يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون))ِ
    ((أقول وبعد أن كانت سيماهم في وجوههم من أثر السُجود ذهب الله بذلك النور والذي كان جلياً ظاهراً كغُرة الخيل )) يبدو اخي ان الرؤية لديك كان يعتريها بعض الطشاش و الا فقل لي بربك عن شخص بهذا الوجه الطيب الذي ذكرت يستحل النفس التي حرمها الله الا بالحق وان لم يكن هو فكيف به ان يرضى ذلك الفعل من قبل رفقائه او اخوته في التنظيم ولا يحرك فيه ساكنا لينكر تلك الافاعيل الشنعاء ويدخل نفسه في دائرة اللعن لعدم انكاره هذه المنكرات العظيمة التي لعن بنوا اسرائيل بسبب عدم انكارهم لها ان الاساس الذي قام عليه مشروع شيخك لم يكن قويا ومتماسكا لافتقاده للامانة والمصداقية التي تشكل الاساس المتين لذا خر بين عشية وضحاه وقد اساء للاسلام ايما اساءة ..

  6. سلمت يداك ابا اروى والله انت شخص رائع كما كتابتك ولقد أتحفتنا بهذا المقال الرائع
    جدا جدا جدا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..