معركة (كسر العظم)

لحل مشكلة السيولة اتخذت الحكومة إجراءات وصفتها بالناجزة، وقالت إن الغرض منها توفير (الكاش) في البنوك، وفي هذه الأثناء أيضاً أعلن رئيس الوزراء معتز موسى تحديه لأرباب السوق الموازي وقال: ( لو بقى فيهو كسير عضام نحنا مستعدين وماشين للنهاية، والفورة مليون، ولا توجد دولة بتستسلم لأية قوة خارجة عن سلطانها).
بقراءة خاطفة لبعض العبارات التي استخدمها رئيس الوزراء في مواجهة تجار العملة والمتحكمين في أسعار الصرف، يستنتج المرء أن حكومة معتز موسى تقف الآن في مواجهة قوة موازية تحاول أن تُحكم قبضتها من خلال تحكُّمها في الاقتصاد وسعر الصرف والسيولة، واسعار السلع الاستهلاكية..
لكن هل صحيح أن هناك قوة موازية تمارس حرباً اقتصادية غير معلنة في مواجهة الحكومة؟.. ولأية جهة تنتمي؟..
العبارات التي استخدمها معتز موسى وهو يعلن الحرب على أرباب السوق الموازي أيضا تعزز فرضية وجود قوة تحاول الهيمنة والسيطرة على مقابض المال والاقتصاد.
كثير من المعطيات والحقائق التي لا يتطرق إليها الشك تشير إلى أن معظم مراكز القوة المتنفذة التي تحتكر تجارة العملة والذهب والسلع الضرورية والاستراتيجية، هي جهات لها ارتباط بالسلطة الحاكمة… في أكثر من تصريح ألمح نائب رئيس الوزراء مبارك الفاضل الى أن جهات داخل السلطة تسعى إلى خنق الحكومة من خلال التحكم في سعر الصرف ورفع الأسعار… كل هذه المعطيات إذا قرأناها مع تصريح جاء الأسبوع الفائت على لسان القيادي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر أشار فيه إلى ما سماها مؤامرات تُحاك ضد رئيس الوزراء معتز موسى لإفشاله، كل ذلك يعكس حقيقة واحدة وهي أنه إذا كانت هناك حرب ضد السلطة الحاكمة سلاحها اقتصادي فإن الطرف الآخر الذي ينشط في حربه غير المعلنة ليس بعيداً عن السلطة، وربما تكون دوافع الحرب هذه مصالح خاصة، أو ربما تأتي في إطار صراع الإسلاميين حول السلطة.
ولإثبات وجود قوة موازية تحاول التحكم في سعر الصرف وتغذي انفلات السوق لإحداث الفوضى اللازمة، فيكفي وجود ما يشبه الاقتصاد الموازي للاقتصاد القومي الرسمي الخاص بالدولة، ويكفي وجود سوق موازٍ لأسعار العملات، وهو ما تشن عليه الحكومة الآن حربها في معركة (كسر العظم).
في تقديري وفي ظل هذا الاستقطاب والحرب الشعواء بين الحكومة ومراكز القوة التي أوجدتها الحكومة نفسها لا يمكن معالجة الأزمات بمنهج الحكومة الحالي، والذي استبان خطله من خلال نموذجين، عند أزمتي الوقود والسيولة، فعندما وفرت وزارة النفط كميات كبيرة من الوقود أكبر من حجم الاستهلاك، لكن بسبب التلاعب والفوضى، كانت خزانات الوقود داخل الأحياء تلقف كل السعات ومواعين التخزين، والآن ذات السيناريو يتكرر في عمليات سحب (الكاش) وتخزينه داخل خزانات بالمنازل… فهل يبلغ البنيان يوماً كماله إذا كنت تبني وغيرك يهدم… اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الانتباهة