اعتذار الترابي .. اعتذار علي عثمان

محمد وداعة
جاء في هذه الصحيفة أمس (أعلن علي عثمان محمد طه، الأمين العام السابق للحركة الإسلامية رفضه الاعتذار عن انقلاب ۱۹۸۹ الذي جاءت عن طريقه الإنقاذ للسلطة، مؤكداً على عدم إمكانية حصر دور القوات المسلحة في حماية البلاد من العدوان الخارجي فقط، وقال طه في ندوة حول (مناقشة كتاب الاجتهاد السياسي في بناء الدولة المعاصرة رؤى ومراجعات حول كسب الحركة الإسلامية السودانية تأليف د. إبراهيم الكاروري)، بمركز دراسات المستقبل: هناك من الإسلاميين من يحدثنا عن غُصة ويحاولون أن نبحث فيها عن شيء من التبرير وحتى أن بعضهم ذهب مذاهب الاعتذار وهناك من ينظر الى أن مشكلتنا الآن ليت الحركة لم تقم بالانقلاب أو أنها استعجلت وخرجت حتى على أصول فكرها ومنهجها وجاءت باجتهاد مرجوح، وبرر رفضه الاعتذار عن الانقلاب أن التحرر الوطني لم يكتمل حتى الآن لجهة أن الاستعمار خرج بقوته، لكن ترك أذياله ونوه إلى أن الحركة الوطنية انقسمت الى حركة تؤمن بأنها ما زالت في مرحلة المنهزم لذلك تريد إدارة أوطانها دون أن تصطدم بسياسات الأجنبي، واتهم الحركات الوطنية العلمانية أو الفكر اليساري باستنصار المستعمر بها، وزاد: هذه معركة ولن نستكمل كرامتنا الا إذا أزحنا هذه التركة وأحللناها بما نقتنع مما أدى لقيام معارك الدستور وإصلاح القوانين ونوه إلى أن الانقلاب لم يكن عبقرية من الحركة، وإنما كان أمراً إقضائياً والحركة قامت بالتنسيق مع الجماعات الإسلامية)
الحقيقة إنني ظللت حتى وقت متأخر من يوم أمس في انتظار نفي للخبر أو توضيح من مكتب الأستاذ علي عثمان، لأن الخبر يحمل في طياته اتهامات لجهات عديدة بالذيلية المستعمر، ولأن التبرير الذي سبب به الانقلاب ضعيف الحيثيات ومرتبك.
قال: (إن التحرر الوطني لم يكتمل حتى الآن لجهة أن الاستعمار خرج بقوته، لكن ترك أذياله)، هكذا فإن ٣٠ عاماً من حكم الإسلاميين لم تشفِ غلهم وحقدهم على الحركة الوطنية، وبداية نقول إن ما فعله حكم الإنقاذ في ثلاثين عاماً لم يفعله الاستعمار المتهم ولا أذياله، فيما يزيد عن قرن من الزمان. بل إن الاستعمار وأذياله سلموكم سوداناً واحداً فأصبح تحت حكمكم سودانين، ومشروع الجزيرة قدرت أصوله بمليار دولار فأصبح في خبر كان، وخطوط حديدية وموانئ، وخدمة مدنية بنت الخليج وساهمت في نهضته، وذهباً وبترولاً فى باطن الأرض فأخرج لتنتهبه بعض قيادات الإسلاميين، هذه صفحة من تاريخ الاستعمار وأذياله، فماذا فعلتم أنتم من خير لهذه البلاد؟ أين كرامة البلاد التي تنتهك سيادتها، وتحاصر بقوانين دعم الإرهاب والجنائية، وتطالبها الدول بتحسين سجلها في حقوق الإنسان والحريات؟
لا أدرى ما هي دوافع مثل هذا الحديث والحركة الإسلامية تلفظ أنفاسها رغم الضجيج العالي، و رغم اعترافها بالفساد وتضييق رزق العباد.
في عام ٢٠٠٠ جمعنا الاعتقال (على السيد، المرحوم محمد محجوب، محمد سليمان، جوزيف أوكيلو، التجاني مصطفى، حسن موسى، علي محمود، غازي سليمان وشخصي) في سجن كوبر مع الترابي وبعض قيادات المؤتمر الشعبي منهم (أبوبكر عبد الرازق، موسى المك كور .. وآخرون)، وقال الترابي في أول صلاة جمعتنا وكانت يوم العيد (أنه يعتذر عن الانقلاب، وأنه نادم عليه)، وأنا هنا أطلب شهادة أبوبكر عبد الرازق، وقال مثل هذا عند انضمام المؤتمر الشعبي لقوى الإجماع الوطني، وقال هو، وقال السنوسي، وعلي الحاج إن اعتذارهم للشعب السوداني سيكون بإزالتهم للإنقاذ مثلما أتوا بها.
وحسب علمي كتبت ورقة في هذا الأمر وتم نشرها بعد المفاصلة.
وفيما بعد قال المحبوب والتجاني عبد القادر، والطيب زين العابدين وحسن مكي، ومن العسكريين صلاح كرار .. وآخرون، ولم يعتذروا فحسب، بل أدانوا الانقلاب وتبرأوا منه…
أما الادعاء باستنصار اليسار بالمستعمر فهذه دعاية وتضليل، وادعاء لا يقوم على وقائع أو دليل، مثله مثل اعتباره قيام الانقلاب أمراً (إقضائياً)، و حاله حال المعركة المفتعلة مع تركة استعمارية متوهمة مستمرة منذ ثلاثين عاماً، وإني لأسمع جعجعة ولا أرى طحيناً.. وحتى طحين القمح ما في، بعد أن قلتم نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، فلم نعد نأكل، والمصانع أغلقت أبوابها، على أمل مواصلة تقليب دفتر الإيرادات البترولية المنهوبة غداً، إن لم يعترضنا مثل حديث شيخ علي.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..