ارفعوا أيديكم عن جنوب كردفان

شئ من حتي

ارفعوا أيديكم عن جنوب كردفان

د.صديق تاور كافي

٭ انزلاق الأوضاع في جنوب كردفان بالشكل الكارثي الذي اصاب الجميع بالذهول، ما كان له ان يحدث لو ان الاطراف صاحبة القرار في الامر، كانت على درجة من الحرص على استقرار المنطقة وسلامة مواطنيها، فكثير من العلامات كنات تؤشر الى امكانية حدوث هذه الحالة بسبب الخطاب التصعيدي للشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، والتعبئة السالبة للقواعد على أرض الواقع، بالشكل الذي جعل الحملة الانتخابية تأخذ شكل الحملة التعبوية للحرب اكثر منها أى شيء أخر، لذلك فالمسؤول الاول في ما يجري هو قيادتا الشريكين على اعلى المستويات وعلى المستوى الولائي. وظلت اصوات الحريصين تطلق نداءات متكررة بضرورة القيام بفعل يحمي المنطقة من الانزلاق لمربع الحرب دون ان تجد أية اذن صاغية لا من قيادة المؤتمر الوطني ولا من قيادة الحركة الشعبية، بل على العكس كان كل طرف يرتب حاله للعودة إلى هذا المربع دونما اكتراث لمن سيدفع الثمن. وبشكل سريع انتقلت الازمة بين الشريكين من صراع على نتيجة الانتخابات، ما بين الاعتراف بها وعدمه، الى صراع على شرعية وجود الجيش الشعبي وقانونيته، الى مغادرة المنطقة خارج خط 1/1/6591م، وهكذا التصريحات والردود عليها كانت تطلق جزافاً وبلا ضوابط أو اكتراث الى ما يمكن ينجم عنها من الطرفين، ودونما إكتراث الى ما هو مضمن في الاتفاقات والبرتوكولات والترتيبات، وكأنما المقصود هو البحث عن صدام بأي شكل من الأشكال. لذلك انزلقت الامور سريعاً الى هاوية الحرب التي اندلعت داخل المدن والاحياء، وفي الاسواق، وبين المواطنين العُزل الابرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في ما يدور بين شركاء نيفاشا من صراع حول المحاصصات السلطوية فقط، فالجهة التي بادرت بإشعال الحريق أياً كانت لم تسأل نفسها عن انعكاسات هذا الحريق على المواطنين وعلى المنطقة، من حيث جغرافيته ومدياته الزمنية، فضلاً عن آثاره النفسية على المجتمع.
وعلى صعيد مؤسسة الرئاسة في الخرطوم وجوبا فهى صاحبة الأمر والنهي في مثل هذه الظروف، ولكنها لم تفعل ما ينبغي فعله لسبب بسيط في تقديرنا، وهو أن هذه المؤسسة لا تتأثر مباشرة بما يحدث للمواطنين هناك، فلا الرئاسة في الخرطوم ولا في جوبا، لهما من الروابط والصلات بأهالي جنوب كردفان ما يجعلهما يتأثران بما يحدث لهم من موت او اصابات او ذعر او نزوح وتشرد أو غيره. ولو ان هذه الولاية تقع في نطاق أي من طرفي هذه المؤسسة، لكانت الاخيرة اكثر حرصاً على عدم حدوث ما يحدث.
٭ ومن حيث المبدأ فإن اية خسارة من اي طرف هى خسارة للبلد والمجتمع، وعدم الاستقرار يصيب مناحي الحياة كلها على صعيد المدارس والتجارة والزراعة وكل شيء، وهى فترة عاشتها ولاية جنوب كردفان لعشرين عاماً انتهت باتفاق سويسرا، ثم اتفاقية نيفاشا 5002م ولو أن فوهة البندقية تقود الى حلول للازمات لما كانت تلك الاتفاقات التي يخلص لها اطرافها، لأنها جاءت استجابة لضغوط وليس عن رغبة في السلام والاستقرار.
وهناك على صعيد اتفاقية نيفاشا وبروتكول جنوب كردفان بشكل خاص بنود واضحة تتعلق بالترتيبات الامنية ووضعية القوات. وظلت هذه الجوانب مهملة ولم تتم معالجتها بالجدية التي تستحقها، علماً بأنها مثلت وتمثل مؤرقاً حقيقياً للحكومة والمواطنين في الولاية طيلة فترة الاتفاقية. وفي مرات عديدة شكلت المجموعات المسلحة التابعة للحركة الشعبية تحدياً لسلطة القانون وهيبة الدولة، بل وكانت بمثابة دولة داخل الدولة. ومع ذلك ظلت ممنوعة من الصرف ولم يناقش امرها على مستوى رئاسة الجمهورية او على مستوي لجان الامن الولائية بالشكل الذي يعالج وضعيتها بصورة حاسمة، وهذه المجموعات التي هى رصيد الحركة الشعبية تستخدمها كيفما ارادت كأدوات ضغط سياسي، تقابلها من جانب المؤتمر الوطني، المجموعات من منسوبي الدفاع الشعبي ايضاً. وفي الكثير من حالات التصعيد والتصعيد المضاد كان الشريكان يستخدمان هذه المجموعات في صراعاتهما العنيفة.
أيضاً فشل الطرفان في تذويب أي احتقان بين وحدات القوات المشتركة، التي ظلت تعمل سوياً بروح الإخوة الاعداء، دون ان يفهم اي انسان ما هو سر الاحتفاظ بروح العداء لدى كل طرف، وهكذا كان سلام نيفاشا مجرد هدنة ينتظر أي طرف نهايتها على احر من الجمر، ليتمدد الاشتعال على طول الولاية وعرضها ابتداءً بعاصمتها، حيث غطى القتال الذي بدأ في منطقة البرام وام دورين وهيبان ودلامي وتالودي والدلنج، ولا يزال الوضع خارج السيطرة.
ً٭ وخطورة ما يجري أن يتم سحبه على الخارطة الاجتماعية التي اصطبغت بالفرز السياسي في الانتخابات، حيث هناك امراء حرب ينشطون في مثل هذه المناخات من نوع اولئك الذين قاموا بنهب المحال التجارية في سوق مدينة كادقلي، وهناك مظاهر جديدة لم تكن مألوفة على صعيد المجتمع من قبل، مثل عمليات الاغتيالات السياسية وعمليات النهب، وعمليات حرب المدن واستخدام الطيران في المعارك، وإخلاء المدن وما الى ذلك، كل هذا لم يحدث حتى في اللحظات الصعيبة من الحرب السابقة، وهو أمر بالضرورة سوف يترك آثاره النفسية المدمرة على المجتمع بأسره، ويحتاج الى جهود كبيرة وأزمان طويلة لتجاوزه.
٭ والآن يتحول مقاتلو الحركة الشعبية الى مجموعات منتشرة في مناطق متفرقة من الولاية، على الرغم من وجود مناطق تمركز لهم على خلفية ما عُرف بالمناطق المحررة، وتصبح هذه المجموعات مصدراً لتقييد حركة المواطنين وعدم الاستقرار ما لم يتم ابتداع صيغة للوقف الفوري لما يجري واحتواء التصعيد.
٭ والمطلوب عاجلاً من مؤسسة الرئاسة شمالاً وجنوباً، أن تصدر قراراً فورياً يوقف الحرب والعمليات والتصعيد، وأن تبادر بأقصى سرعة ممكنة إلى منع تجدد أية اشتباكات أو توسيع نطاقها. وأيضاً احتواء اي مظهر من مظاهر التفلتات التي تقلق استقرار المواطنين، واتخاذ من الاجراءات ما يعمل على تطمينهم إلى إمكانية عودة الأمور الى سلام حقيقي. وبمقدور المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أن يتعاركا كما يشاءان، ولكن بعيداً عن المنطقة، لأن الذين دفعوا الثمن هم المواطنون من مختلف التكوينات، فأهل جنوب كردفان قادرون على تولي شؤونهم بأنفسهم، وهم قادرون على إدارتها بلا عنف أو عداوات.

الصحافة

تعليق واحد

  1. الاخ صديق طالما ان المانافع دا لا زال فى سدة الحكم سوف لن تهناء جبال النوبة او دارفور بسلام اذكر قبل شهرين فى لقاء اجرته قناة النيل الازرق مع المجرم الهارب احمد هارون و الملقنجى الذى يدعى الصحافة يوسف عبد المنان ان المجرم الهارب يظل يردد عبارة المانافع بان و جود الجيش الشعبى قطاع جبال النوبة بعد يوم 09.07.2011 يعتبر خارج القانون مع ان البروتوكول الخاص بجبال النوبة يمتد حتى 09.04.2011 يعنى الجماعة ديل عندهم مخطط و مبيتين النية من زمان. و المؤتمر الوثنى استنفد كل الحيل و الاكاذيب و لم يعد يقنع الشعب السودانى بها و ادرك بان بقاءه مرهون بالبندقبة لذا لا نتوقع منه اى حلول سياسية خاصة فيما يتعلق بالجانب الامنى لان المسالة اصبحت لديهم مسالة حياة او موت نتيجة ما ارتكبوه من جرائم فى حق هذا الشعب الطيب و الان هم بصدد دراسة عدة سيناريوهات سيناريو صدام . سيناريو ميليسوفتش , سيناريو صدام ,سيناريو زين العابدين , سيناريو حسنى مبارك سيناريو بن بن لادن, ولكن احسن سيناريو عايزنو ليهم هو سيناريو نيكولاى تشانسيسكو. الرومانى. (؟) (؟)

  2. صدقت يا دكتور ان التصريحات النارية كانت واضحة في لهجة الموءتمر الوطني والحركة الشعبية منذ ايام الانتخابات وفعلا ان لو كان الذين لديهم القرار يتاثرون هم واسرهم لما اشعلوها ولكن املنا كبير في انسان جنوب كردفان ان يقول لا للحرب نعم للسلام ولكن نسال الله القدير ان ينتقم من موءسسة الرئاسة وان يرينا فيهم ما تقر به اعيننا

  3. السلام عليكم د. صديق والله صدقا وصراحا انا شخصيا منذ 5/6/2011 قرات حوالى 500 مقال وتحليل خبرى ماوجدت مقال محكم وحدد العله واظهر الخاسر الوحيد الا وهو المواطن الا هذه المقال نتمنى منك ان تنشره فى كل الصحف وليس صحيفه الصحافه فقط لعل وعسى يصبح ارضيه لبدايه العمل والله الموفق

  4. السيد الدكتور صديق قلتم :-

    بمقدور المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أن يتعاركا كما يشاءان، ولكن بعيداً عن المنطقة، لأن الذين دفعوا الثمن هم المواطنون من مختلف التكوينات، فأهل جنوب كردفان قادرون على تولي شؤونهم بأنفسهم، وهم قادرون على إدارتها بلا عنف أو عداوات.

    هذا الكلام مجرد بكاء ، وبامكان اى شخص سطحى قوله ، اهل جنوب كردفان ، عبارة معممة فى محاولة لتفادى الاحزاب ، واهل جنوب كردفان سيديرون شئونهم بالطبع عبر الاحزاب ،قل الم يشترك اهل جنوب كردفان فى الانتخابات ، ولا ارى اسلوبا يمكن لاهل جنوب كردفان ادارة شئونهم الا عن طريق الاحزاب والمجتمع المدنى او العسكريون اللهم الا ان كنت تقصد الحكم عن طريق القبائل والادارات الاهلية.

    تريد فقط الصراخ للفت النظر ، ولكن كلامك كله معروف وسطحى ولم تبتكر حلولا.

  5. نعم يا أخ د. صديق،
    أنت محق فيما ذهبت إليه من أن المسؤلية تطال كلا الشريكين المتشاكسين، ولكن في ظني (وإن بعض الظن إثم) أن الذي يتولى كبره هو المؤتمر الوطني لآنه هو الذي بيديه الحل والعقد ومقدرات الدولة. فلو أن المؤتمر تعامل مع الوضع في الولاية كحكومة قومية لا كحزب، لكان الوضع أفضل. كيف؟ أنا أرى أن المؤتمر لم يوفق في التعامل مع نتائج الانتخابات المتنازع عليها. كنت أتمنى أن "يفوز" مرشح الحركة حقنا للدماء ولو لم يكن هناك نزاع على نزاهة الانتخابات. فما بالك مع وجود عدم
    اعتراف من قبل الحركة الشعبية وشارع متخم بالتعبئة السياسية؟ لا أري بأسا في تقديم تنازلات حقيقية كهذه مهرا للسلام وحقت الدماء. بسأل الله أن يجنب جميع المسلمين ويلات الحروب، اللهم آمنا في أوطاننا، واصلح ولاة أمورنا، آمين.

  6. الاخ الدكتور صديق،
    أنت محق فيما ذهبت إليه من أن المسؤلية تطال كلا الشريكين المتشاكسين، ولكن في ظني (وإن بعض الظن إثم) أن الذي يتولى كبره هو المؤتمر الوطني لآنه هو الذي بيديه الحل والعقد ومقدرات الدولة. فلو أن المؤتمر تعامل مع الوضع في الولاية كحكومة قومية لا كحزب، لكان الوضع أفضل. كيف؟ أنا أرى أن المؤتمر لم يوفق في التعامل مع نتائج الانتخابات المتنازع عليها لأنه أصر على إعلان فوز مرشحه دون الرجوع إلى مفوضية الانتخابات وبالطبع دون مباركة الشريك. كنت أتمنى أن "يُفوَّز" مرشح الحركة حقنا للدماء ولو لم يكن هناك نزاع على نزاهة الانتخابات. فما بالك مع وجود عدم اعتراف من قبل الحركة الشعبية وشارع متخم بالتعبئة السياسية؟ لا أري بأسا في تقديم تنازلات حقيقية كهذه مهرا للسلام وحقن الدماء. نسأل الله أن يجنب جميع المسلمين ويلات الحروب ويرد علينا أمننا في الولاية، اللهم آمنا في أوطاننا، واصلح ولاة أمورنا، آمين.

  7. دكتور صديق لا تجامل الاعراب والواقع هو لم تطال طيران البشير قبائل بعينه في درافور وجنوب كردفان والجنوب سوي ناس المنطقة وقبل خمس سنوات هنالك برتوكول للمنطقة بموجبه تم وضع اسس السلام واستقر الناس بعض الشيء وفجاة هاجمت الحكومة خاصة في جنوب كردفان حيث توجه مقالك التحليلي حرب الطيران في كل قري المنطقة فهذا اشارة واضحة لنية المستبيته من اشباه الاعراب الذي تلقي كلامك اليهم فيا اخي النوعية الحاكمة في السودان والموالين لهم الذين لم يستنكروا ما يتعرض اليهم النوبة فهم في مائدة سواء فاننا مع توجه الاخوان في الحركة فان نهجهم هو الاسلم لنيل الواقع الحقيقي وطرد احمد هارون من المنطقة وستطال مطالبنا بالتحقق في مسائل قتل الابرياء واستخدام الطائرات في ضربهم فعلى حكومة الانقاذ ومن شاكلهم هم الذين يرفعوا اياديهم عن جنوب كردفان كما خرجوا بحمص من ابيي رغم ان ابيي كان معالجتها يكون باسلوب مغاير اذا كانت الانتخابات نزيهة وفازت الحركة قطاع جنوب كردفان

  8. يا دكتور

    الالاف في تشرد ونزوح

    المئات يموتون

    ولا تجد في مقالك من تحمله المسؤلية …. !!

    يا خي الكتابة دي برضو مسؤلية …

    لا أدري لكن في كثير من الأحيان أشعر بأن كراهيتك

    للحركة الشعبية تعميك من النظر بحياد للأمر

    مقالاتك كلها إجتهادات لضرب الحركة الشعبية

    الحركة الشعبية هي الآن الطرف الضعيف في المعادلة

    ووضح أخيرا أين وماذا يفعل الطرف القوي .. (موت بالجملة )

    وكما إعترفت أنت في مقالك بأن ما يحصل اليوم

    لم يحدث حتى إبان إشتداد المعارك من قبل التي كانت تقودها

    الحركة آنذاك وهي ند عسكري للحكومة .. لكن الآن بعدما إنتفت الندية

    ووضح أن هنالك طرف ضعيف تريد حكومة الكيزان أن تنتهز الفرصة

    لكن كل ذلك لم يدخل في حساباتك فقط بسبب كراهيتك المتأصلة للحركة

    لا يمكن أن نحمل المسؤلية لبضعة آلاف من المقاتلين كما نتعامل مع دولة

    يفترض فيها حماية مواطنيها من الهلاك حتى اولئك الذين حملوا ضدها السلاح

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..