معلمة (أبو عُشر).. ظلمٌ وغدرٌ وقهر!!

* مهما تواترت الحكايات والأمثلة عن انهيار الخدمة المدنية والجهل بقوانينها والأساليب الفاسدة (المختلفة) التي وجدت طريقها في ظل سلطة التمكين وحالة الفقر والإفقار التي أصبحت في تزايد وسط العاملين بالدولة كل ذلك يمكن تصديقه وتبريره ما عدا حكاية معلمة أبو عشر التي لا يمكن عقلها ولا يمكن قبولها وهي تعكس مدى الجهل بأخلاقيات مهنة المعلم وقوانين الخدمة العامة التي يقرر فيها من لا مستوى له والتفريط في ممتلكات الدولة والتغول على المال العام الذي أصبح الاعتداء عليه فلاحة وسرقته نجاعة والأسوأ من كل ذلك أن يُضرب بقوانين الخدمة عرض الحائط بواسطة القيادات العليا والتي يفترض أن تلتزم بالزبط والربط وتوخي العدل.. بعد سماعي حكاية معلمة أبوعشر مباشرة منها أصبت بخيبة أمل في قيادات المحلية والولاية وحق لي أن أنعي لكم العدالة في هذا البلد الذي لم يعد أميناً آمناً.
* الأستاذة إخلاص شيخ إدريس من جيل المعلمين المحترمين الذين قضوا في مهنة الأنبياء أكثر من ۳ عقود حتى بلغت عن جدارة واقتدار الدرجة الأولى في السلم الوظيفي، أجبرتها إدارة التعليم بأن تصبح مديرة لمدرسة ذات النطاقين الثانوية العليا بأبي عشر رغم اعتذارها لظروف خاصة ولكنها جبرت بخواطر زملائها وإدارة المرحلة لتتقلد الأمانة التي أبينها السموات والأرض والجبال وأشفقن منها. من الوهلة الأولى بدأت مظاهر المخالفات الفاسدة تتكشف لها دون أن تسعى اليها و تعاملت مع الأمر دون شوشرة أو تشهير، نفر من مجلس الآباء بالمدرسة تصرف ببيع بعض أثاث المدرسية، دون اتباع الإجراءات المعروفة للتخلص من الفائض بالإضافة إلى عدم إخطار الإدارة ولم تشكل لجنة مزاد، قامت المديرة بمنع خروج الأثاث من المدرسة لتكتشف أنها (هبشت عش الدبور) خاصة بعد إرجاعها ( ۳۱ ) منور حديد أخذت من عهدة المدرس بطريقة أقرب للسرقة لتباع في السوق ومن هنا بدأت المتاعب تلاحقها لأنها أظهرت حرصها على المال العام وسط عالم أدمن استباحته .
* بلغت قوة العين ببعض المتضررين من وجود المديرة الجديدة أن قاموا باستخدام أساليب الترهيب والتهديد والانفعالات التي تمكنت من امتصاصها وكشف المندفعين والمغرر بهم.. تعددت أساليب إفشال مهمة المديرة عبر تأخر اجتماع مجلس الآباء عند بداية العام وتأخر
تهيئة البيئة المدرسية والتعليمية رغم دعوتهم إلا أنهم لم يستجبوا إلا بعد أسبوعين من بداية العام الدراسي، وفشلت كل محاولات تشويه صورة الإدارة الجديدة التي اضطرت الى إخطار مكتب التعليم الذي توصل مع السلطات الأمنية الى ضرورة حل مجلس الآباء الذي تجاوز عمره اثنتي عشر عاماً وكان يجب أن يعاد تشكيله كل عامين، رغماً على عدم وجود أبنائهم ضمن من يدرسون بالمدرسة إلا أنهم درجوا على تجديد الثقة في أنفسهم سنوياً.
* من شرور البرية التي تقتل من الضحك، أن المديرة ذهبت لأخذ خطاب حل مجلس الآباء، تتفاجأ باستدعائها من قبل معتمد الحصاحيصا لواء أركان حرب معاش النعيم خضر في سابقة جديدة على الخدمة المدنية حيث تساءل: لماذا هي (متمسكة)!! ونقل لها قراراً (تلفوني) من وزير التربية المكلف اللواء طبيب مهدي بإعفائها من الإدارة. الأمر برمته يكشف حقيقة انهيار الخدمة المدنية لأن قراراً كهذا كان يجب أن تسبقه لجنة تحقيق تقرر إن كان الأمر يتطلب مجلس محاسبة أم لا بعلم الجهة الاستشارية التي قامت بتكليفها وهي التي تقوم بالاستغناء عنها وليس الوزير ولا حتى المعتمد الذي كان عليه مخاطبة رئيسها المباشر الذي لم ينصح المعتمد بخطئه سيما وأنه وحتى هذه اللحظة لا يوجد قرار مكتوب بالإعفاء من قبل الوزير يحمل روح القرار المستند بالتاريخ والنمرة والخاتم، بل بعجلة وليدة اللحظة تم تكليف الوكيلة للقيام بالأعباء مباشرة بتخطي المديرة و بدون تسليم وتسلم.. لجأت المديرة بالتظلم الى العديد من الجهات التي تماطلت لأنها قضية مليئة بالثغرات والأخطاء الإدارية والقانونية واللائحية واللا أخلاقية، اعْتبِروا المحافظة على المال العام جريمة يعاقب عليها بالإبعاد.. الكرة الآن في ملعب وزيرة التربية والتعليم لوقف هذه المهزلة التي بلغتها الخدمة المدنية وإبطال الفضيحة الإدارية برد الاعتبار لهذه المعلمة المحترمة وجبر ضررها.
الجريدة