ستة صفر

* دخلنا مرحلة اقتصاد الندرة في معظم السلع الأساسية، وبات اختفاء تلك السلع من نوافذ العرض قاعدةً، لا يجدي إنكارها، ولا أدل على ذلك من تمدد أزمة شُح أوراق النقد في البنوك، وتطاول الصفوف أمام المخابز ومحطات الوقود، واعتراف وزارة الصحة بنفاد (34) صنفاً من الأدوية المنقذة للحياة من مخازن الإمدادات الطبية، مع وجود احتياطي محدود من (27) دواءً من الصنف ذاته.

* تلك حقائق لا مجال لإنكارها، لأن آثارها بادية للعيان في كل مكان، وبالتالي فإن عدم الاعتراف بها لن ينفيها، بقدر ما سيفاقم آثارها، ويضخِّم فواتيرها.

* في مثل هذه المواضع لا جدوى من الإنكار، ولا فائدة من استخدام المسكنات الآنية، والحلول الوقتية، لأن كل أزمة من المذكورة أعلاه تؤثر سلباً على الأخرى، وتتسبب في تطاول أمدها، وتعقيد تبعاتها.

* توافر البنزين في مصفاة الجيلي، التي تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية حالياً، لم يمنع ظهور أزمة مزعجة في البنزين، لأن المركبات التي تنقله إلى الطلمبات تعمل بالجازولين، والجازولين شحيح، الحديث نفسه ينطبق على دقيق الخبز.

* الندرة أصبحت واقعاً يتطلب التعاطي معه وعياً تاماً بمخاطره، وتعاملاً ذكياً لتقليص انعكاساته المؤلمة على معاش المواطن، لذلك دعونا في هذه المساحة قبل أيام إلى إقرار خطة طوارئ، تشارك في إقرارها وتنفيذها كل الجهات ذات الصلة بالأزمات الحالية.

* رئاسة الوزراء والبنك المركزي والمالية والداخلية والنفط والتجارة والنقل والصناعة وجهاز المغتربين والأمن واتحاد المصارف، والإعلام، بشقيه الرسمي والمستقل، وخبراء مؤهلون لتقديم حلول ناجعة، وأفكار مبتكرة، تستهدف إعانة الحكومة على تخطي الورطة الحالية.

* خطة ناجعة تستهدف تطبيع الأوضاع، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الوض الآني، بتوفير القدر الكافي من السلع الأساسية للمواطن، للقضاء على حالة الهلع التي تضاعف الاستهلاك، لأن من يعاني من شُح الوقود اليوم لن يطمئن إلى توافره غداً، فيقتني منه أضعاف حاجته، تحوطاً منه لاحتمال عدم الحصول عليه لاحقاً.

* الحديث نفسه ينطبق على الأدوية والخبز، وكل السلع الأساسية.

* تتمثل أهم محاور الخطة في تنشيط حركة الصادرات بسرعة، وتسهيل تحويل عوائدها بابتكار نوافذ تعامل جديدة، مع بنوك أجنبية لا تخشى تبعات التعامل مع البنوك السودانية، سعياً لتقليص الفارق الذي يفصل سعر السوق السوداء مع سعر آلية السوق، لضمان انسياب تحويلات المغتربين بعد إقرار حوافز مجزية لهم، حال إقدامهم على تحويل مدخراتهم عبر البنوك والصرافات الرسمية.

* حوافز بسيطة تتمثل في إعفاءات جمركية تتعلق بموديلات السيارات، وقطع أراضٍ زراعية وسكنية يمكن أن تؤدي إلى توريد مبالغ ضخمة من العملات الأجنبية إلى البنوك والصرافات.

* كذلك نقترح أن يوسع البنك المركزي الهامش المتاح للشركات العاملة في مجال تصدير الذهب، لتتوسع في أعمالها، وتسهم بعوائدها في توفير احتياطيات نقدية كافية بالعملات الصعبة، تساعد الدولة على توفير السلع الأساسية عموماً، والدواء والدقيق والوقود على وجه التحديد.

* على صعيد أزمة شح أوراق البنكنوت لابد من المسارعة إلى تعميم نقاط البيع الإلكتروني (ولو بالمجان) في كل الأسواق، لتقليص معدل الحاجة إلى النقود الورقية، مع ضرورة اصطحاب البعد الأمني لمكافحة تجارة الدولار عبر السوق السوداء.

* بغير ذلك ستتحول الدولة إلى (جهاز مطافئ) مهمته التصدي لحرائق متتالية، تنشب كل حين، لتقضي على ما تبقى من ثقة الناس في حكومةٍ تخنقها الأزمات، ويهزمها الشُح (ستة صفر) كل صباح.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..