طيور الزينة مقابل الغذاء والدواء

سمية سيد

بالأمس كتبت هنا حول قرار بنك السودان المركزي الخاص بإلغاء شراء المصارف للنقد الأجنبي لوسائل الدفع المقدم للمصدرين، وذلك بهدف ضبط ارتفاع أسعار الدولار في السوق السوداء.

لكن قرار البنك المركزي لم يشمل موارد النقد الأجنبي التي يتحصل عليها المستوردون من السوق السوداء، لأن البديهي أن البنوك التجارية لا تملك احتياطات نقد أجنبي للاستيراد.

بل الأسوأ من ذلك أن يصدر قرار من السيد وزير الصناعة والتجارة بفك الحظر عن القائمة السوداء سابقا – البيضاء حاليا – والتي تشمل 19 سلعةقبل ثلاثة أيام فقط من قرار بنك السودان أول أمس، كان قرار حظرها مستنداً لذات مبررات إيقاف الدفع المقدم للصادر وهو إسهامها في رفع أسعار الدولار.

صحيح أن الأصل في التجارة هو الحرية، والصحيح أيضا أن كل القائمة السوداء تشتمل على سلع هناك من له الرغبة في شرائها حسب تباين المستهلكين وقدراتهم الشرائية؛ لكن الظرف الاقتصادي الذي تعيشه البلاد لا يحتمل فتح باب الاستيراد على مصراعيه بما يرفع الطلب على الدولار فتتسبب الحكومة نفسها بهزيمة سياستها وتفشل صناع السوق بيدها لا بيد المضاربين.

إذا كان الصادر بوسيلة الدفع المقدم وسيلة تحايل لشراء العملة من السوق الموازي، فأيضا طرق الاستيراد بتسهيلات تمثل ذات الثغرة.. ولا كيف؟

المؤكد أن قرار وزير الصناعة والتجارة فتح شهية الاستيراد، وعليه لن يتوقف القفز الذي تحققه أسعار الدولار ساعة بعد ساعة، طالما أن القرار لم يقتصر على الأولويات فقط.

د.موسى كرامة عندما كان وزيراً للصناعة فقط، كان أكثر حرصاً على دعم الصناعة الوطنية عبر سياسات تحد من استيراد السلع المشابهة، بل يقال إنه كان وراء أي مجهود لفك حظر استيراد الـ 19سلعة، غير أنه بدل موقفه 180درجة بعد أن ضمت له التجارة في التغيير الوزاري الأخير.

المؤسف في قرار كرامة، أنه سمح بدخول منتجات الألبان واللحوم المصنعة رغم أنف ملايين الرؤوس من الماشية السودانية التي من المفترض أن تصنع اللحوم والأجبان والزبادي والروب.

بلد ينتظم مواطنوه يومياً في طوابير الخبز والمحروقات، وفي هجير الشمس لعدم وجود مواصلات، وتفشل فيه الزراعة بسبب الجازولين، ويموت مرضاه بسبب فشل الإمدادات الطبية في الحصول على العملة لاستيراد الدواء؛ في المقابل تُلبَّى فيه رغبة وحاجة بعض المستهلكين لاستيراد طيور الزينة.

أها كيف ندافع تاني عن سياسات رئيس الوزراء معتز موسى إذا كان هذا هو حال وزرائه؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..