حرام عليكم.. إتقوا الله

أتفق مع من قال إنه لا يتحمل رئيس الوزراء معتز موسى وحده مسؤولية التدهور الاقتصادي فهذه مسؤولية جميع من تسلم منصباً في هذا النظام منذ صبيحة الثلاثين من يونيو 1989 صغر أم كبر.. لقد ورث الأخ معتز كرئيس للوزراء أو وزير للمالية تركة مثقلة بسبب الفشل المستمر في وضع السياسات الاقتصادية وإدارة الدولة منذ ثلاثين عاماً فالأخ موسى والحق يقال أثبت جدارة ونجاحاً ملحوظاً عندما كان يدير قطاع الري والكهرباء وملف سد النهضة ويحتاج اليوم من يسانده لا أن يعرقله من الداخل.
العجز في توفير 34 صنفاً من الأدوية المنقذة للحياة، وفي توفير الخبز والجازولين والبنزين أو السيولة النقدية في البنوك وفي لجم التضخم أو في وقف تدهور الجنيه السوداني وتثبيته أو في تشغيل المصانع المتوقفة أو في تحسين التعليم والبيئة المدرسية فلا يموت الأطفال حتف أنفهم أو يعاني المعلمون كل ذلك من الأساسيات والضرورات اليومية التي يحتاجها المواطن أو في إصلاح المواصلات ليعيش في أدنى مستوى من الكرامة الإنسانية والاستقرار النفسي ليعمل على تجويد عمله وينطلق بالاقتصاد.
نعم إنها مسؤولية كل من تولى منصباً منذ ثلاثين عاماً فلا نعلِّق الأخطاء على شماعة المؤامرات الداخلية والخارجية وعلى رأسها المقاطعة الأمريكية فهؤلاء لم يديروا بلادنا ولم يغلقوا عقولنا ولم يقيِّدوا أيدينا وأرجلنا كي لا تعمل، بل لم يغلقوا موانئ السودان بالبحر الأحمر ولا مطاراتنا الجوية بالأساطيل الحربية والأسلحة الفتاكة لتمنع الصادرات أو تمنع الحركة وتوقف الإنتاج.. نحن الذين قاطعنا أنفسنا بأنفسنا وكبلنا عقولنا فلا تسمع النصائح بل ترفض الرأي الآخر تعتبره مؤامرة أو محاربة للتوجه!!
نعقد المؤتمرات ونتخذ من القرارات ما لا ننفذها وأقرب مثال لذلك مخرجات الحوار الوطني ومؤخراً ما أعلنا بتخفيض الصرف الحكومي حتى نوجه الموارد للتنمية وبدأنا بتخفيض عدد الوزارات الاتحادية ولكن التففنا حولها وأكثرنا من مناصب وزراء الدولة، ولا زالت عدد الولايات تراوح مكانها وكذلك المعتمدين، ولا زالت الاحتفالات والمهرجانات تتوالى ولا زالت السيارات ذات التكلفة العالية وبكميات لكل مسؤول في مكانها.. ولا زال الصرف الجاري السياسي والسيادي البذخي والوفود للخارج في مكانها الأمر الذي يشي بأن هناك مراكز قوة وجهات نافذة تعرقل كل ذلك وربما أي نجاح لمعتز موسى الذي جاء بهمة عالية وإصرار على النجاح لأنهم يريدون الاستمرار في احتكار المناصب من أجل المزيد من النفوذ والثراء أو تغطية مفاسدهم وأخطائهم القديمة!!
صار كل الهم الآن قانون الانتخابات وتعديل الدستور وانتخابات 2020 وليس الإنتاج والمواطن المسحوق بالغلاء والتضخم والصفوف المتراصة لدرجة اليأس وفقدان الأمل في الإصلاح سيما وقد تمخض جبل الحوار الوطني فصار فأراً ومجرد تقسيم للمناصب.
(أين الوزير المسؤول عنه؟)، أما محاربة الفساد فقد انتهت بمراسم انتهاء التسويات والتحلل ولم يمتد إلى أكثر من بضعة أشخاص، فهل انحصر الفساد في هؤلاء فقط؟؟؟ إتَّقوا الله.
التيار