لا يعنيهم..!!

:: الاستعمار، رغم أنه كان أجنبياً، كان رحيماً بالناس في بلادنا.. وعلى سبيل المثال، أسس الاستعمار هيئة الإمدادات الطبية لتكون مخزوناً استراتيجياً للأمصال والأدوية (المنقذة للحياة)، وهي الأدوية التي تُستخدم في أقسام الطوارئ والحوادث بالمشافي الحكومية، أي تُستخدم – الأدوية المنقذة للحياة – في الوقت الحرج للغاية وفي أخطر مراحل المرض.. ولكن حسب حديث وزير الصحة لنواب البرلمان يوم الثلاثاء الفائت، يبدو أن الزمان قد جار على الإمدادات الطبية ومخزونها – وهدفها الاستراتيجي – لحد نفاد مخازنها من الأمصال و الأدوية المنقذة للحياة.

:: تعليقاً على انعدام مصل التيتانوس بالبلاد، أقر وزير الصحة محمد أبوزيد – لنواب البرلمان – بنفاد (34 صنفاً) من الأدوية – المنقذة للحياة – بمخازن الإمدادات الطبية، ولا توجد بدائل لها في القطاع الخاص.. ثم كشف محمد أبوزيد عن رفض (33 شركة) التعامل مع الإمدادات الطبية لتراكم مديونيتها البالغ قدرها (34 مليون يورو)، فيما قدر المبلغ المطلوب لاستيراد الأدوية (19 مليون يورو)، وأعلن عن وجود (27 صنفاً) يكفي مخزونها لمدة شهر واحد فقط لاغير، و(41 صنفاً آخر) قد ينفد بعد شهرين.

:: وبعد أن كشف حال الإمدادات الطبية، حذر أبوزيد من حدوث فجوة دوائية بالبلاد، وطالب البنك المركزي بسداد الديون لتنساب الأدوية والأمصال إلى مخازن الإمدادات الطبية (الفارغة).. وبالمناسبة، قبل أشهر احتفل كبار الدولة – في حوش الإمدادات الطبية – بافتتاح ما سموه بأكبر مخزن دوائي في إفريقيا .. بتكلفة مقدارها (174 مليار جنيه)، ومساحته (46.000 متر مكعب)، أي تسع لتخزين استهلاكنا الدوائي لفترة (6 أشهر).. أكبر مخزن في إفريقيا، بيد أن وزير الصحة يتحدث عن نفاد الأدوية والأمصال، ويترقب المزيد من الفجوة الدوائية.

:: ليس هذا فحسب، بل منذ أشهر يستنجد السواد الأعظم من الأهل بالأرياف النائية بوزارة الصحة المركزية ثم بمنظمات المجتمع المدني وأهل الخير، ليمدوهم بأمصال تعالج لدغات العقارب.. وبين حين والآخر، تنشر صحف الخرطوم مآسي المناطق المنسية التي ينتقل بعض أفرادها إلى رحمة الله بلدغات العقارب، وذلك لعدم توفر الأمصال بمناطقهم.. ودائما ما كان تبرير السلطات: (يوجد مصل العقارب، ولكن لا يصل كل المناطق).. ولكن كشف الوزير أبوزيد الحال، وهو يتحدث عن نفاد الأمصال والأدوية المنقذة للحياة، لعجز البنك المركزي عند تسديد الديون.

:: علماً أن منظمة الصحة العالمية تُقدّر متوسط الصرف على صحة الفرد في العالم بـ(74 دولاراً)، وقيمة الرعاية الصحية الأساسية التي يجب أن يحظى بها الفرد في دول إفريقيا بما يعادل (17 دولاراً).. ومع ذلك، فإن نصيب الفرد في السودان من الرعاية الصحية الأساسية لا يتجاوز (7 دولارات)، ثم يتم ما تبقى من العلاج والرعاية بالمحايات والأعشاب والدجل والشعوذة حتى يتعافى أو يموت.. وربما لأنهم يتعالجون بالخارج، يبدو أن السادة بالبنك المركزي لا يعنيهم أن يموت المواطن محروماً من الأمصال في الأرياف أو من الأدوية المنقذة في حوادث وطوارئ المشافي!!

السوداني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..