الحل التفاوضى والإشارات المتناقضة

الرأى اليوم
💎تمت إثارة غبار كثيف ، حول الحلول السياسية ،عبر وسيلة التفاوض، مع سلطة اليوم المتولية زمام الحكم فى البلاد، وبدأ البعض مشروع شيطنة الحلول التفاوضية ، وتم تصنيف الحلول التفاوضية ، كواحدة من أدوات الصراع السياسي للفرز بين القوة ، وصنفتها إلى ثلاثة مجموعات ، مجموعة الهبوط الناعم ، ومجموعة الهبوط الخشن ،ومجموعة إستمرار الأوضاع كماهى عليه ، كل هذه الأوصاف تمثل حدود سياسية بين قوى إجتماعية ، ليست بالضرورة أنها حدود طبيعية نهر أوجبل لايمكن تجاوزها، فهى فى حقيقتها أدوات حشد وفرز سياسي، متصلة وليست منفصلة عن بعضها البعض ، تحكمها توازنات القوى ، ومقومات الصراع وظروفه المحيطة ، دأخلياً وإقليمياً ودولياً .
💎القوى السياسية الوطنية المعارضة ، حسمت موضوع آليات التغيير منذ العام 1995 فى مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية ، حيث إعتمدت فى هذا الإتفاق التاريخى ، ثلاثة وسائل للتغيير ،الكفاح المسلح ،والتغيير عبر التفاوض مع النظام ، والتغيير عبر وسيلة الإنتفاضة الشعبية ، فقد إعتبرت القوى الوطنية فى ذلك التاريخ ، الوسائل الثلاثة وسائل نضالية مشروعة ، تتصدى بها القوى السياسية الوطنية لتحقيق هدف موحد ، وهو السلام الشامل والتحول الديمقراطى الكامل ، يتم تقديم أو تأخير أى من هذه الوسائل وفقاً للظروف المحيطة بالصراع ، تتقدم أو تتأخر الوسيلة ، لكن الهدف ثابت لايتغير ، سلام شامل وتحول ديمقراطى كامل .
💎الحكومة القائمة فى البلاد ، تعيش فى حالة هضربة و إرتباك شديد ، فهى تتحدث عن الحوار والحلول التفاوضية ، القائمة على التفاهم ، وفى نفس الوقت ، تتصرف عملياً لتكريس وإستمرار الحكم الراهن دون تغيير ، تجلى ذلك فى إيجازة البرلمان وهو بالضرورة ليس برلمان الشعب ، لقانون الإنتخابات ، فى ظل دعاوى عراض بإسم الوفاق الوطنى والحوار الوطنى ، أظهر القانون المجاز توجه الحكومة للسيطرة على الإنتخابات ، بما يؤكد أن موضوع تبادل الحكم سلمياً غيرمطروح ، تقوم الإنتخابات وفقاً لمنظور الحزب الحاكم ، بدور المحلل لإستمرار النظام بعد إستكمال مدته وفقاً للدستور القائم، بما يعنى ، الإنتخابات ليست هدفها التنافس على السلطة ، ولكن شرعنة السيطرة السياسية القائمة ، بأدوات ديمقراطية مزيفة ، وفى هذا إنقلاب على القوى المتحالفة مع نظام المؤتمر الوطنى نفسه ، ولا تتبنى موقف مباشر وصريح لتغييره ،
💎هذا الموقف يرسل إشارة واضحة إلى القوى الوطنية المعارضة والشارع العريض ، للتيئيس من أى إمكانية للتغيير السلمى والحلول التفاوضية ، ويملأ الموقف من قانون الإنتخابات أشرعة جماعة الهبوط الخشن ، ويدعم حجتهم .
💎تم نشاط مكثف فى الأسابيع الماضية ، بمساعدة الأسرة الدولية، فى إطار الإقليم والعالم لتحريك فكرة الحلول السياسية المتفاوض عليها ، إنعقد إجتماع فى برلين تحت رعاية الحكومة الألمانية ، مع حركتى العدل والمساواة وحركة تحرير السودان ، للتفاهم حول كيفية تجاوز عقبة إتفاقية الدوحة ، وبعدها رعت الحكومة الألمانية إجتماع آخر ، بين الآلية الأفريقية الرفيعة ، والقوى الموقعة على خريطة الطريق ، ممثلة فى حزب الأمة ، الحركة الشعبية وحركتى العدل والمساواه وتحرير السودان ، وفى ذات السياق أنعقد إجتماع بين الحركتين والراعى القطرى لإتفاق الدوحة ،وإجتماع آخر مع الآلية الأفريقية بأديس أبابا ،التى تستضيف هذه الأيام وفد تفاوضى من الحركة الشعبية التى يقودها عبدالعزيز الحلو، كما طرحت حكومة جنوب السودان إعلان عن نيتها التوسط من أجل حل تفاوضى بين حكومة السودان ومعارضيها ، رداً للجميل (Kick Back)،
💎 هذا المناخ الإقليمى والدولى المهموم بعملية السلام، يجب أن يكون رصيد لقوى المعارضة الوطنية ، تتفاعل معه، لتسيطر على دفته، لتدفع به لصالح العملية السياسية ،من أجل السلام الشامل والتحول الديمقراطى الكامل ، لكن بعض القوى السياسية ، قررت أن تأخذ دور المعلق الرياضى المحايد بين الفريقين اللاعبين فى الساحة السياسية والدبلوماسية ، مما يمثل غفلة و خطل لايليق بقوى وطنية مسئولة ، أن تنسحب من المنابر الدولية بمنطق أنها تمثل توجهات الإمبريالية ، وهى ذات القوى الدولية التى تمول قوات اليونميد بمليارات الدولارات ، وتتحمل تكلفة تمويل النازحين واللاجئين من حزام الحروب فى البلاد ، وهى ذات القوى التى تحركت فى مجلس الأمن الدولى و أصدرت قرارات بمعاقبة حكومة السودان لإنتهاكها حقوق مواطنيها ، بعد كل هذا يأتى من يتحدث عن لماذا يتدخل المجتمع الدولى فى شأننا الوطنى؟ ، الذى أصبح مدولاً من رأسه إلى أخمص قدمية
.
💎أصدرت مفوضية الإتحاد الأوربى فى 19من نوفمبر الجارى ، قراراً مفصلاً عن الموقف من السودان ، إحتوى على قضايا جوهرية لمستقبل العلاقة مع أوربا ، جاء فى مجمله التالى :
نقدم تلخيص موجز لبيان الإتحاد الأوربى لأهميته
💎 طالب الإتحاد الأوربى حكومة السودان بالآتى
*أن يقوم السودان بكل الواجبات اللازمة دستوريا وقانونيا لتكون إنتخابات ٢٠٢٠ حرة ونزيهة
* أن يقوم السودان بإحترام حقوق الإنسان ممثلة فى حرية الصحافة وحرية التعبير وحكم القانون
* أن يتعاون السودان مع المحكمة الجنائية الدولية وفقا لقرار مجلس الأمن ١٥٩٣ ويقوم بتنفيذ واجباته
* اشاد الإتحاد الأوربى بالوقف المتجدد لإطلاق النار ويتطلع أن يكتمل لوقف دائم للعدائيات
* يطالب الإتحاد الأوربى حكومة السودان التعاون مع منظمات الامم المتحدة لتوصيل الإحتياجات الإنسانية لكل المتضررين والمحتاجين من النازحين واللاجئين
* يشيد الإتحاد الأوربى بالتزام السودان ببرتوكول الخرطوم للاجئين Khartoum process ويشيد كذلك بدور حكومة السودان فى تحقيق السلام فى الجنوب ويؤكد أن السودان عليه دور فى إطار مجموعة الايقاد
* يؤكد الإتحاد الأوربى بتاييده لخريطة الطريق الأفريقية ويؤكد دعمة وتأييده للجنة الأفريقية العليا برئاسة ثابو أمبيكى لتحقيق الإتفاق السياسي الشامل فى السودان
* يؤكد الإتحاد الأوربى إلتزامة بخطة سحب قوات اليوناميد المقدمة بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة
* يطالب الإتحاد الأوربى حكومة السودان بتوسيع مجال نشاط منظمات المجتمع المدنى وعدم مضايقتها فى تفعيل أنشطتها المختلفة
* يناشد الإتحاد الأوربى حكومة السودان التعاون مع الإتحاد الأفريقى للوصول إلى سلام شامل فى دولة أفريقيا الوسطى
💎الخلاصة الحل السياسي المتفاوض عليه يلزمه طرفان على مستوى من الجدية والمصداقية للعبور معاً لمربع جديد حكومة الإنقاذ لازالت مترددة أن تكون ذلك الشريك الجاد و ما زالت تعتقد فى إمكانية المحافظة على الدولة الأمنيةالفاشلة وإقصاء الآخرين ،ومن الواضح أن الحكومة ترغب فى تغيير شكلى ، يحافظ على جوهر الحكم القائم على الإنفراد والإستبداد ، مع عمليات تجميل محدودة ومحسوبة ، لا تغير فى توازن الحكم .
💎يتضح ذلك من العجلة التى أجازت بها قانون الإنتخابات غير عابئة حتى بحلفاءها المقربين فى برلمان الوثبة
هذه العقلية إذا شكلت الأساس للحراك الإقليمى والدولى الراهن ،لن تأتى بحل تفاوضى يحقق السلام الشامل والتحول الديمقراطى الكامل
ولن تترك للقوى الوطنية سوي خيار العمل على تغيير الموازين على الأرض لنيل أحد الحسنيين ، تفاوض جاد يقود للتغيير أو إنتفاضة شعبية تفرض التغيير بإرادة الجماهير
💎تصعيد العمل الجماهيري وتشبيكه هو عنوان المرحلة، لتغيير ميزان القوة على الأرض ، من أجل السلام الشامل والتحول الديمقراطى الكامل ، حتى لا نؤذن فى مالطا
صلاح جلال
١/١٢/٢٠١٨
تم نشره اليوم الأحد فى جريدة أخبار الوطن
وكل أحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..