معاناة المعاقين .. واليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة

يصادف يوم 3/ ديسمبر من كل عام اليوم العالمي لذوي الإحتياجات الخاصة وهو يوم عالمي خصص من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 ويهدف من ذلك لدعم ذوي الإحتياجات الخاصة وليست الفكرة باحتفالية في يوم المعاق وبعد انتهاء الفعالية ينتهي كل شيء، الموضوع أكبر من ذلك بكثير. يهدف لزيادة الفهم والوعي لقضايا هذه الفئة المهمة في المجتمع حتى يضمن لهم حقوقهم الخاصة الضائعة والناقصة، المعاقون بمختلف فئاتهم وأنواع إعاقتهم الجسدية، العقلية، المركبة، يعانون من تهميش قضيتهم في هذا الوطن المهمش فيه الإصحاء قبل المعاقين لكن من باب الواجب أن أكتب عسى أن تجد من يقرأ ويفهم ولايماني القاطع إن التعليم حق من حقوق الطفل المعاق بغض النظر عن إعاقته، فله الحق أسوة بجميع الأطفال في التعليم، ومن واجب الدولة أن توفر له كل إحتياجاته من تعليم وعلاج ، وتختلف الحاجات الأساسية والمعاناة حسب نوع الإعاقة ومدى صعوبتها وشدتها،
التجربة الشخصية تكسبك معرفة بخفايا الأمورفتجربتي مع ولدي المصاب (بطيف التوحد) أكسبتني الكثير فلم نجد في ديار الغربة مراكز تدريب مجانية أسوة بأهل البلد وكذلك مراكز لتدريب الأسرة إلا بعض الندوات المتناثرة بين الحين والآخر أما مراكز التأهيل والتدريب الباهظة التكاليف وبالرغم من إستطاعتي إلا إنها قليلة النفع مهما وجد فيها من مواد ومعينات متطورة ومن أهم مشاكلها حين تكون المختصة بلهجة مغايرة للهجتنا،وعند عودته الى البيت يجد لهجة مختلفة فهذه تسبب للمصاب حالة من الإرتباك وكذلك عدم وجود رقابة تحمي المعاق، فقد يتعرض المعاق للضرب والتوبيخ على يد المختصة قاسية القلب
وجاء قرار عودته إلى أرض الوطن ثم بدأت رحلة البحث المصحوبة بالمعاناة عن مركز للتعليم والتأهيل في السودان بين مراكز التأهيل والقصور الذي فيه وبين الندرة أو الإنعدام التام وحتى الموجودة التي لا تقبل إلا عددا محدودا جدا وبأسعار مرتفعة وخاصة لمن ليس لديهم معين خارج السودان ، إذ إن فئة التوحديين من الفئات التي تعتبر تكلفة تعليمها عالية جدا مقارنة بالإعاقات الأخرى كالمتلازمة أو صعوبة التعلم أو فرط الحركة أو التخلف العقلي أو الشلل الدماغي لأن جزءاً من المرض وتوصيف الحالة هو عدم إمكانية الطفل على التكيف مع المجتمع ومحيطه، وأحيانا قد يكون ليس اجتماعياً ولا يمكنه أن يتعلم وسط مجموعة من الأطفال وتعليمه يجب أن يكون فردياً مع مدرس أو مدرسة، ما يعني احتياجه لمعلمة خاصة بحيث لا يزيد عدد الأطفال في الفصل الواحد على أربعة أو خمسة وهذا هو سبب إرتفاع التكلفة بالإضافة إلى المعينات التي يحتاجها وهذا فصل من فصول المعاناة لأحد أنواع الإعاقة (التوحد) وهناك من يرجع الإصابة به لعامل الوراثة وآخرون للتغذية والتطعيمات الثلاثية أما علميا لم يثبت شيئا يؤكد أسبابه حتى الآن
أما الباحث في عدد أطفال التوحد في السودان بكل تأكيد يجد صعوبة في الحصول على أرقام وإحصائيات ولا يعرف عدد الأطفال المصابين بالتوحد في السودان فلا يوجد إحصاء رسمي لهذه الفئة، وهي أحد الإشكالات التي تعاني منها الفئات الخاصة بشكل عام، في العموم الحالات في ازدياد، ربما مع اكتشاف الأهالي لمسماها لحالة أبنائهم. وأن خجل الأهالي من التصريح يسبب عائقاً كبيراً لحصر أعداد أطفال التوحد مما يؤدي إلى قلة الإحصائيات وعدم دقتها أو لجهلهم لهذا المرض في الأساس ، وتشكو الأقاليم في السودان من عدم وجود مراكز علاج وتأهيل أطفال الأحتياجات الخاصة عموما، وفي السودان لا يتجاوز عدد المراكز عن مركزين فقط في العاصمة يمكن أن يقال عنهما إنها مراكز مؤهلة وأهمها مركز الرحمن بأم درمان ومدير العام الأستاذ حسن الذي بذل كل جهده وماله ووقته وخبرته لتأسيس أعظم مركز في السودان لم أر مثيله حتى في الخليج من حيث الفريق العامل ومؤهلاتهم والإهتمام والمتابعة وهذا يرجع بسسبب خبرته وتخصص دراسته وثانيا عدم تفكيره في العائد المادي أو الربحي ومتابعته لكل التفاصيل مما أدى الى نجاحه وشفاء الكثيرين من إلتحقوا معه في كثير من الإعاقات وله نماذج من المعاقين بعد أن شفيوا تماما تم إرسالهم كممثلين للسودان في الإحتفاليات في الخارج وكان هذا إنجاز يستحق عليه التكريم في الدولة التي تحترم نفسها وشعبها وللأسف لم يتناول هذا الإنجاز ولا حتى مقال في أصغر صحيفة وللعلم تم تكريمه في بلاد أخرى يُحترم فيها الإنسان , كما أن هناك عدد متواضع من المراكز الصغيرة غير المتخصصة لكن ما يتوفر لهم على أرض الواقع محدود جداً ويقتصر في محدوديته على العاصمة فقط وقد لا أصدق بأن وطنا طويل عريض لا يوجد فيه مراكز تأهيل لذوي الإحتياجات الخاصة حكومي مما يدق ناقوص الخطر في الأقاليم خاصة التي تفتقر لهذه المراكز حكومية أو خاصة . والإعاقات العقلية حين تكون نسبة الذكاء فيها فوق 50% ربما سيجد أصحابها مقعدا دراسيا بنظام الدمج،أما دون ذلك سيكون التهميش والأمية مصيرهم، علما أن نسبة الأمية ستكون بلغت في المعاقين رقم خيالي بالرغم من عدم وجود إحصاء يوضح ذلك وأرجعه لعدم المراكز الحكومية والمتخصصة لتعليمهم والكوادر المدربة والمؤهلة للتعامل مع ذوي الإعاقة .
ألهي … إلى من يشكو وإلى من يتكلوا المعاقين في البلد المعاق … لا يملكون إلا الدعاء والشكوى إليك … إنهم يسألوك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل أن تشفيهم وتمدهم بالصحة والعافية إلهي … لا ملجأ إلا إليك إنك على كل شي قدير
ياسر عبد الكريم