دارفور.. وأهل الشأن

زمان مثل هذا
دارفور.. وأهل الشأن
الصادق الشريف
? انتهى مؤتمر الدوحة حول دارفور والذي قال عنه منظموه إنّه قد استصطحب كلّ أهل المصلحة هذه المرة. ? ولكن قبل أن يجفّ الحبر الذي طُبعت به مُسودة الوثيقة (وثيقة أهل المصلحة) قال الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية ومسؤول ملف دارفور (إنّ هناك أكثر من 100 خطأ في الوثيقة تحتاج إلى استدراك). ? وبغض الطرف عن معنى كلمة (استدراك) التي قالها دكتور غازي ? وهو رجلٌ يُراجع كلماته جيداً قبل أن يخرجها للناس ? بغض النظر عن المعنى فإنّ حديثه عن 100 خطأ بالوثيقة أورث المتفائلين إحباطاً ليس بعده إحباط. ? عتباني استدرك مقولته مفسراً (هناك صياغات تحتاج إلى ضبط، وعبارات تحتاج إلى تحسين وإلى تبويب، وما إلى ذلك).. وليت الأمر يقف عند حدود الصياغات والتبويب والتحسين. ? لأنّ المؤتمر الوطني اشتهر بين الناس بنقض العهود والمواثيق، والالتفاف عليها بالصورة التي أعدمت الثقة بينه والآخرين المناوئين له.. وما أكثرهم. ? البعض ظنُّوا أنّ وثيقة الدوحة تعتبر نقضاً من الحزب الحاكم لغزل الاستراتيجية الجديدة لدارفور، بعد أن تمّ تصنيفها كـ(استراتيجية حرب). ? لكنّ الصحيح أنّها ? أي وثيقة الدوحة ? امتداد سياسي لخطة الدكتور غازي حول دارفور، وليست نقضاً لها أو تنازلاً عنها. ? فالاستراتيجية أقرت منذ البدء توسيع مواعين التفاوض حول مصير دارفور لتشمل (جهات أخرى) غير الحركات المسلحة. ? وعبارة (جهات أخرى) تعني منظمات المجتمع المدني الدارفوري.. وممثلين لسكان معسكرات النازحين.. والعُمد والشراتي ونُظار القبائل.. و.. و.. ? وهم من تمّت تسميتهم (أهل المصلحة) في سلام دارفور.. أو (أهل الشأن) كما تمّ تعديل المصطلح مؤخراً. ? صحيح أنّ هؤلاء هم أهل الشأن.. وصحيح أنّهم يمكن أن يساهموا في (دعم) تحقيق السلام في دارفور.. لكنّهم لن يُحققوا سلاماً وحدهم. ? لقد أثبتت التجارب الميدانية أنّ أيِّة حركة مسلحة في إقليم دارفور.. مهما صغر حجمها العسكري.. أو تضاءل وزنها السياسي.. سوف تصبح خميرة عكننة لأيِّ اتفاق سلام يتمُّ التوقيع عليه. ? وكما أسرَّ لي أحد قيادات حركة تحرير السودان (أسهل المهام هي تجميع وتشكيل جيش في دارفور لمن يملك المال ويستطيع الصرف على المقاتلين). ? ومن (لا) يستطيع الصرف على المقاتلين ? وهذه من عندي ? سيجد (فاعلي الخير) الذين يسرهم أن يصرفوا بسخاء الآن.. ليقبضوا الثمن لاحقاً. ? كًنّا بنقول في شنو؟؟؟. ? نعم… مؤتمر أصحاب المصلحة (الشأن) ومع تقديرنا لكلِّ من شاركوا فيه.. ومع كلّ الإشادات الدولية التي تلقاها.. وكلّ الصرف البذخي الذي زيّن موائده… إلا أنّه يظلُّ مجرد لبنة في بناء السلام الدارفوري.. ولا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال تحميله أكثر مِمّا يحتمل. ? وعلى الحكومة أن تُشمِّر عن ساعد الجد.. وتستقصد الحركات المسلحة، فهي التي إن نام سلاحها.. استيقظ السلام.
التيار