المعارضة التونسية تمنع النهضة من دسترة المجلس الإسلامي

لجنة الهيئات الدستورية بالمجلس التأسيسي تقطع أول الطريق إلى دكتاتورية دينية لو أن المجلس يتغول بتدخله في تشريع القوانين.
التونسيون بالمرصاد ضد أسلمة مؤسسات الحكم
تونس – رفضت احدى لجان المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) الثلاثاء اقتراحا من حركة النهضة الاسلامية، بجعل “المجلس الاسلامي الاعلى” هيئة دستورية.
وقال جمال طوير رئيس “لجنة الهيئات الدستورية” بالمجلس لإذاعة “شمس إف إم” التونسية الخاصة ان 11 من اعضاء اللجنة “صوتوا ضد دسترة” المجلس الاسلامي الاعلى مقابل 10 صوتوا بنعم.
وتملك حركة النهضة 89 مقعدا في البرلمان من اصل 217.
وأضاف “سنحتفظ بخمس هيئات دستورية فقط هي الانتخابات، والإعلام، وحقوق الانسان، والتنمية المستدامة وحقوق الاجيال القادمة، والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد”.
وتمسك اعضاء لجنة الهيئات الدستورية من نواب حركة النهضة بدسترة المجلس الاسلامي الاعلى “بدعوى حماية الإسلام المعتدل في تونس من الفتاوى (الدينية) المسقطة من التيارات الإسلامية المتطرفة والمتشددة”، حسب ما أورد موقع “الجريدة” الالكتروني التونسي.
وقال الموقع ان اعضاء اللجنة من نواب المعارضة عبروا عن “تخوفهم من تغول هذا المجلس وتدخله في تشريع القوانين” او “تحكمه في الشؤون الدينية بكاملها بما أن سلطته ستكون أعلى من القوانين”.
وحذرت المعارضة في وقت سابق من “دكتاتورية دينية” في تونس في حال دسترة المجلس الاسلامي الاعلى.
يذكر ان حركة النهضة الاسلامية تخلت في آذار/مارس 2012 عن مطلب بالتنصيص ضمن الدستور الجديد الذي يعكف على صياغته المجلس الوطني التأسيسي على ان الشريعة الاسلامية مصدر اساسي من مصادر التشريع.
ووافقت النهضة بذلك مكرهة على مقترحات المعارضة بالإبقاء على الفصل الاول من دستور 1959 الذي يقول إن “تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الاسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها”.
ويخوض دعاة الحداثة في تونس صراعا مريرا مع الإسلاميين. ويقولون إن قبول النهضة وحلفائها بالتنازل عن بعض المطالب هو تراجع تكتيكي لاعتبارات تتعلق بالواقع الاجتماعي التونسي ولقناعة النهضة باستحالة تسليمه في وضعه الحالي بمكتسباته الحداثية والحقوقية التي راكمها على مدى سنوات.
وتسود فكرة رئيسية لدى أتباع النهضة تقوم على انه يستحيل عليهم اختراق أطياف واسعة من المجتمع التونسي في مسعى لجلبهم إلى حضيرة حزبهم قناعة ونشاطا، كما تأكد هؤلاء من أن أي محاولة للضغط تحت شعار الاغلبية في المجلس التأسيسي، لفرض دستور على هواهم سيثير ضدهم أغلبية كاسحة من الشارع التونسي الذي ما يزال يضع الحركة الإسلامية تحت اختبار قوي لنواياها للتأكد من مزاعمها في اكثر من مناسبة بأنها لا تسعى لفرض الشريعة كمصدر أساسي لسن منهج حياة التونسيين والقوانين التي تحكمهم.
وأظهر فيديو مسرب على الانترنت في اكتوبر/تشرين الاول 2012 راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي تقود الحكومة في تونس، وهو يقول في اجتماع نادر مع سلفيين، ان العلمانيين يسيطرون على كل مفاصل الدولة، بما في ذلك الاقتصاد والجيش والاعلام، حاثا إياهم على التهدئة باخذ العناصر التي ذكرها في الاعتبار.
وقال ناشطون في المجتمع المدني وقطاعات واسعة من المعارضين لتغول الاسلاميين في تونس ان الغنوشي يخفي تحت طيات هذا التصريح رغبة دفينة في السيطرة على كل القطاعات التي ذكرها حتى يكون طريق الإسلاميين للسيطرة على المجتمع التونسي، اسهل مما لو قرروا فعل ذلك في اللحظة الراهنة.
ويدعو خبراء قانونيون إلى ضرورة سد أي ثغرة يمكن ان تتسرب إلى دستور تونس الجديد الذي هو قيد الكتابة قد تكون مدخلا وحجة للإسلاميين لتمرير اي من مخططاتهم مستقبلا.
ويقول هؤلاء إن تمكن النهضة من تمرير أي بند دستوري يخدم أجندتها لأسلمة المجتمع التونسي سيجعل من الصعب على أي معارضة في وقت لاحق أن تقف في وجه هذه المخططات، ولذلك فإن أقوم سبيل لمنعها من ذلك ومحاصرة افكارها الرجعية، يبدأ من رفض أي بند دستوري تقترحه ويكون محلّ شك، لأنه قد يقبل أكثر من تأويل في المرحلة القادمة.
ميدل ايست أونلاين