هل حلت مرحلة (الحوار حول الحوار)!!

د. محجوب محمد صالح

قضية إحداث تحول ديمقراطي لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحاصر السودان الآن عبر حوار حر وجامع وشامل باتت مطروحة في السودان الآن وبصورة أكثر إلحاحاً، ورغم أن جميع الأطراف لا ترفض مبدأ الحوار إلا أن الأجواء السائدة الآن وانعدام الثقة ودروس وتجارب الماضي كلها تدفع تجاه التشكيك في جدوى مثل هذا الحوار ما لم يحدث تغيير جذري في الواقع الراهن.
لقد أعطى الرئيس عمر البشير مقترح الحوار دفعة جديدة بالأمس حينما كرر دعوته للحوار في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية وتبع هذه المرة الدعوة للحوار بقرار لإطلاق سراح المعتقلين وكان خطاب الأمس تكراراً لدعوة الحوار السابق التي أطلقها في سبتمبر الماضي ورفضتها المعارضة بسبب تحفظات عديدة أبدتها في حينها ?وما زالت قائمة- تشكك في جدوى الحوار تحت الظروف الحالية وتضع للحوار شروطاً لم تتم مناقشتها أو الاستجابة لها بعد، وإن كان إطلاق سراح المعتقلين يستجيب لأحد تلك المطالب ولا بد أن نلاحظ أن بعض أولئك المعتقلين قد تم اعتقالهم بعد إطلاق دعوة الحوار الأولى وذلك في أعقاب صدور بيان كمبالا الأخير وميثاق الفجر الجديد الذي كان محاولة في الحوار الشامل.

مهما يكن من أمر فإن أي بلد يتعرض لصراع سياسي داخلي محتدم وحرب أهلية دموية وأزمة اقتصادية طاحنة لا يمكن أن يسقط من حسابه احتمال حل الأزمة الوطنية الشاملة بطريقة سلمية آمنة وسلسة عبر حوار جاد وهادف وحر ينفذ إلى جوهر الأزمة، ولكن لمثل ذلك الحوار شروطاً ومستحقات لا بد من الوفاء بها.

بداية لا بد من أن نتساءل: حول ماذا يدور الحوار؟

الحوار يجب أن يتجه مباشرة إلى لب الأزمة وهو ضرورة تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن إذا أردنا له أن يعالج جذور الأزمة الوطنية، لقد ظل حزب المؤتمر الوطني يحكم السودان قرابة ربع القرن من الزمان وفي خلال هذه الفترة الزمنية المتصلة ظل يمارس (سياسة التمكين) التي أدت إلى سيطرة هذا الحزب على كل مفاصل الدولة وكافة أجهزتها من خدمة مدنية وقوات نظامية وخدمة عدلية وحكومات ولائية واتحادية، بالإضافة إلى السيطرة التامة على مفاصل الثروة ولا يستقيم عقلا أو منطقاً أن يقول هذا الحزب للآخرين: دعوا كل شيء على ما هو عليه وتعالوا نتجه لصناديق الانتخابات لنحسم قضية تبادل السلطة. لا يمكن أن تجري أي انتخابات ذات معنى تحت ظل هيمنة كاملة لأحد الأطراف. الحل قطعاً ليس في انتخابات نزيهة كانت أو غير نزيهة إنما يكمن الحل في تفكيك دولة الحزب الواحد أولاً حتى يصبح الميدان صالحاً لإقامة المباراة التنافسية.

إذا اتفقنا على أن هذه هي قضية الحوار المحورية والأساسية تبقى هناك أسئلة تفصيلية أخرى، في مقدمتها من يحاور من؟ ومن يدير الحوار؟ وما أجندته؟ وما ضمانات تنفيذ ما يتوصل إليه الحوار؟ وفي الرد على كل سؤال من هذه الأسئلة دروس وعبر وتجارب من محاولات سابقة للحوار. ومن الطريف أن نفس الصحف التي حملت الدعوة للحوار حملت نبأ مفاده مطالبة جبهة الشرق بتنفيذ باقي بنود اتفاق الشرق (شرق السودان) الموقع بين الحكومة وجبهة شرق السودان عام 2006، لقد مرت سبع سنوات وما زالت الجبهة تسأل وتلح في المطالبة بتنفيذ بعض البنود التي التزمت الحكومة آنذاك بتنفيذها ولم تنفذها حتى اليوم.

القوى السياسية وحتى أولئك الذين حملوا السلاح لا يرفضون مبدأ الحوار لحل أزمة السودان الشاملة وكل هذه القوى جربت الحوار مع الحكومة سابقاً في القاهرة وفي أبوجا وفي أسمرا وفي أديس أبابا وفي جيبوتي وكلها وصلت إلى قناعة أنه حتى في الحالات التي ينجح فيها الحوار فإن التنفيذ لم يتم، ومن هنا جاءت القناعة بعدم جدوى الحوار ما لم تكن هناك إجابة واضحة على تلك الأسئلة والتزامات مشددة وضمانات للتنفيذ. ولكي يحدث ذلك لا بد من أن يدرك الحزب الحاكم أن أي حوار بغرض تجميل الوجه لن يسهم في حل أزمة السودان الشاملة بل سيزيد الأمور تعقيداً، وأن الحزب الحاكم لا يستطيع أن يحتفظ بالكيكية ويأكلها في آن واحد، وإذا لم يكن على قناعة حقيقية بأنه لا مخرج من أزمة السودان إلا بتفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن فإن الحوار سيكون مجرد حرث في البحر وهذا ما دعانا لأن ندعو الآن إلى دخول في (حوار حول الحوار) بمعنى أن يتم الحوار بين كل القوى السياسية بما فيهم حملة السلاح حول معنى الحوار وإبعاده ومراميه ومتطلباته وضماناته حتى إذا ما وصل هذا الحوار إلى رؤية مشتركة واتفاق شامل حول هذه المرتكزات يمكن حينها أن ينتقل الجميع إلى مائدة الحوار بحثاً عن عقد اجتماعي جديد يعيد تأسيس دولة السودان على أسس جديدة، ويهيئ الساحة إلى تغيير ديمقراطي صحي عبر انتخابات ليست نزيهة فحسب بل عادلة ومنصفة أيضاً!!

العرب
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. وذو علمٍ يشقى في النعيم بعلمه ** و(ابوجهل) في الجهالة ينعم..؟؟
    هذا ما جال بخاطري وانا ارنو الى الصورة اعلاه..رغم ان العالم لم يفد البشرية بعلمه بل ضرَّها..؟؟.من حيث يدري ولا يدري..؟؟

    شكرا لأحد صحافيي العهد الجميل……….

  2. يا دكتور محجوب، أتفق معك في أن حل أزمات السودان لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تحول ديموقراطي حقيقي يشارك في صنعه كل أهل السودان. ولكن لا أتفق معك في (عبارة) تفكيك دولة الحزب الواحد، لأنها (عبارة) تستفز الطرف الآخر الذي يرى أن معه أحزاب أخرى تشاركه السلطة وأنه خير من حكم السودان وأنه فقط الحامي الأمين لمصالح الوطن وأن غيرهم ليسوا مؤهلين لحكم السودان ولا يؤتمنون عليه(اتفقنا معهم أم لم نتفق هذه قناعتهم). في الطرف الآخر ترى المعارضة أن المؤتمر الوطني حزب متسلط سيطر على كل مقدرات الشعب وسخرها للتمكين لأعضائه تحت حماية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وأن الوطن ومصالح المواطنين ليست حتى ضمن اهتمامات الوطني بدليل تفريطه في تراب الوطن وعزته وإثارة النزاعات المسلحة والنعرات القبلية واستباحة الوطن والخضوع لابتزاز الأجنبي وإفقار الشعب ….وووو الخ. أما موقف الطرفين من الحكم فهو كالآتي: المؤتمر الوطني يعرف أنه لا يهنأ بالسلطة وهناك معارضة تعريه بالليل والنهار وإن كانت غير قادرة على إسقاطه إلا أن العيار الذي لا يصيب يدوش، ولذا عمل على احتوائها أو تحييدها بشتى السبل ليوقف هذا الطنين المزعج، بينما المعارضة رغم علمها بعجزها عن التغيير فهي تعمل بنظام سهر الدجاج ولا نومه، وذلك من خلال مظاهرات متفرقة هنا وهناك لا تلبث أن تخمد، أو تصريحات أو مقالات أو بيانات لا تقود إلى تحقيق الهدف ولا تمثل تهديداً حقيقياً لسلطة المؤتمر الوطني.
    أما موقف الطرفين من الحوار الوطني فهو كالآتي: المؤتمر الوطني يرى أنه منذ إنقلابه العسكري وحتى اليوم يدعو للحوار والوفاق ومشاركة الجميع في السلطة ولكن داخل جلابية المؤتمر الوطني، في حين ترى المعارضة أنها ظلت تدعو للحوار والوفاق والتداول السلمي للسلطة ولكن في جلابية جديدة أكبر وأوسع. إذاً تريد المعارضة من الوطني تمزيق جلابيته الضيقة المهترئة ومشاركتها في تفصيل جلابية جديدة كبيرة تسع الجميع بما فيهم المؤتمر الوطني.
    يعني المشكلة يا دكتور مشكلة الجلابية، لأنه جلابيتهم على مقاسهم يعني اسمول سايز وما ينفع الآخرين يلبسوا معاهم نفس الجلابيةلأنهم عايزين لارج سايز، إذن الحل الحوار والاتفاق على جلابية فري سايز تناسب المقاس الصغير والكبير.

    إذا لم يكن المؤتمر الوطني مقتنع بذلك قناعة تامة فستظل الجلابية اسمول سايز ولن يستطيع أحد أن يلبسها معهم إلا إذا كان من الجماعة، وسيكون الحوار الوطني الذي يبشرون به ويتحدثون عنه يدور حول أن قميص النملة يمكن أن يلبس الفيل إذا خلصت نواياالفيل.

  3. والله الشيخ الترابي زي مابقول المثل لاطال بلح اليمن ولاعنب الشام فقد السلطه التي سعي اليها بخيانه تلاميذه له وخسر رضاء وحب الشعب السوداني وماذال يتحمل وزر النظام الذي ساهم في تمكينه

  4. أخـي الـفـاضـل لـولـوه .. قبل أن أتناول تـعـليقك عـلي الـصـورة ، اعـرج عـلي مـقـال مـربي الأجيال الدكتور الـفاضـل محجوب محمد صـالح ..
    إن قضية إحداث تحول ديمقراطي لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحاصر السودان الآن عبر حوار حر وجامع وشامل باتت مطروحة في السودان الآن وبصورة أكثر إلحاحاً هـذه حـقيقة لاينكـرهـا إلا مـكابر ، نقطة عـلي الـسـطـر ..
    ولـكـن ليس هـناك عـاقـل يـظـن ، أو يـعـتقـد أن تجــار الـدين مـعـنيين بهـذا الحـوار .. هـم عـصـابة مجـرمين مطاردين مـن قـبل الـعـدالة الـدولية ، والإنسـانية ، والأخـلاقية .. إن عــاجـلا أو آجــلا سـيمثلـون أمـامـهـا ، نقطة عـلي الـسـطر ..
    الـحـوار المـطلـوب .. هـو حـوار بين مـكونات صـناع ( الـفـجـر الجـديد ) للمـزيد مـن تمـتين اللـحـمة بينهـم ، وإثراء الـميثاق الـموقـع ، والـموافق عـلية .. لـتـعـجيل الإنطـلاق نحـو فـجـر الحـرية ، فـجـر الخـلاص ، فـجـر الإنـعـتاق النهـائي مـرة وإلـي الأبد ، مـن نير الإسـتبداد ، والـظـلـم ، والإسـتهبال ، والإسـتـغـفال ، والـفـهـلـوة ، والإستنكاح ، والشـعـوذة ، والـدجـل ، والـتهـريج ، والـدروشـة ، والـفسـاد .. والأوانطــه ..
    لإعــادة بناء ســودان الـعـزة ، والشــموخ .. دولـة القانون والمؤسسـات .. الدولة المدنية الدسـتورية .. دولـة الـتداول الحـضـاري السـلمي للســلطـة .. دولـة تســع جميـع مواطنيهـا ، بكل أديانهـم ، ولـغاتهم ، وأعـراقهـم ، وثقافاتهم ، نقطـة عـلي السـطـر ..
    نـعـود أخـي لـولـوه لموضـوع الصـورة .. أي شـهـادة عـلمية مـهـما عـظـم شـأنهـا ، إن لـم تلتصـق بقضـايا مجتمعهـا ، بقضـايا الســواد الأعـظـم ، مـلـح الأرض ، الـغـبش الـغـلابا ، وتسـاهـم فـي حـل مشـكلاتهـم .. لا تسـاوي قيمتهـا أكـثر مـن وريقـة مـلـقاة فـي مـكـب الـقمـامـة ، تزروهـا الـرياح !! .. لســه مـا نقطة عـلي السـطـر
    مـا فائدة عـلـم ، ركـب صـاحبه جـن الـسـلـطه ، والتسلط ، والخـبث ، والخســه ، والنذالـة ، والـفهلوة ، وإستـغـفال مـن دفـعـوا لـه مـن أحشاء فقرهم ، ومرضهم ، ومـعـاناتهم ؟؟ ..
    الترابي لـمـن لايـعـلـم ، دفـع لـه دافـع الضـرائب الســوداني الـمسـحوق كـل مليم مـن تعـليمه .. ولـكنه رد الجمـيل كما يرده الـكلـب .. يتقيأ ، ويتـغـوط فـي الـوعـاء الـذي يأكل مـنه .. ويـعـض الـيد التي تقــدم لــه الأكــل .. لـســه مـا نقطة عـلي الـسـطـر
    حــتي تكتمــل الصــورة ..
    كـان يفترض أن يكـون ثالثهـم .. لـن اقـول ( كـلـبهـم ) ، الصـادق المهـدي .. الـكاذب الضــليل !! .. عـن أي فـجـر صـادق يخــرف !!؟؟.. وهـو ( مـا أحــد غــيره ) مـن أدخـل هـذا الخـازوق المسمي الترابي لمســرح السياسة السودانية ، الترابي الـذي مـزق ، وخـرب ، ودمـر البلاد ، وأفني وأباد وهــلك الـعـباد .
    أخـي الفاضـل لـولـوة .. يســتقيم تـعـليقك لـو قـلت ، هـذة الصـورة تذكـرني بـفـردتي حـذاء بئيس .. أخــيرا ، نقطـة عـلي الـسـطـر ..

  5. تمام كما ذكر الاخ دقاش ولكن ليس من ناحية اته يستفذ ناس المؤتمر الوطني ولكن النظرة لمشكلة السودان مختلفة جدا بين ناس الكومة وناس المعارضة ففي الوقت الذي تري فيه المعارضة ان دولة المواطنة قد انهارت وحلت بديل عنها دولةالانقاذ بمعني ان الدولة تدار لصلح ناس الانقاذ من الوزير الي الخفير في كل مؤسسات الدولة ,الجيش ,الشرطة, الامن , البنوك ,الخدمة المدنية الخ زد علي ذلك طردت من غير المنتمين اليها من وظائفهم بقانون الصالح العام هذه السياسات تنظر لها المعارضة علي انها قادت وتقود لتدهور السودان و تفتته .
    أما ناس الانقاذ فلا يرون الامر كذلك فهم لا هم لهم بدولة المواطنة وانما همهم دولة الانقاذ وهم ناجحين في ذلك ولا يرون فشلا بل يقولون ان هناك تامرعليهم ويزيدزن الكيل بأنه من صنع امريكا التي شكر الرئيس البشير دورها في حل قضية الجنوب عند توقيع نيفاشا. لذلك هم يناورون ويتكتكون حتي تبقي دولة الانقاذ .من يظن غير ذلك فهو واهم واهم ثم واهم لقد مارسوا اللعب علي المعارضة بكل اطرافها ما عدا بعض الذين حملوا السلاح .المعارضة السلمية لا تخيفهم فهم بارعين في ان يتلونوا لها بألف لون ولون .

  6. تفكيك دولة الحزب يعنى انتحار كهنة الحركات والمؤسسات والمسميات الاسلاميه .. حتى المخبز الاسلامى ستصادر رخصته لانه يغش فى اوزان الخبز .. لا حل الا بالثورة المسلحه .. طلقه .. طلقه ودانه دانه . حتى دخول القصر وهروب المشير الاعرج اسد افريقيا .

  7. قدر ما ابحلق فى الصورة دى بقعد افكر فى عمر البشير.. الزول دا شكله هبنقة وغبى وبليد وعوير ما بيعرف هو قاعد فى القصر الجمهورى يعمل شنو..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..