لمواكبة تقنية البيوت.. الراكوبة شلعوها

الخرطوم: تهاني عثمان :
المهلة بيت وتكل، هكذا تضرب جدتي المثل لمن يوسع له الله في رزقه فيضيف جديداً في أي شيء من تفاصيل حياته الاستهلاكية، وان كان اناءً او رداءً، وبحسب تفاصيل البيت القديم كانت الراكوبة سيدة مباني البيت، وهي الحلقة التي دائما ما يتجمع ويتأنس فيها افراد المنزل وجيرانهم، كما تمثل المكان الذي يوجد فيه الصغار والكبار والرجال والنساء في بعض الاحيان، ولكن مع تكنلوجيا البيوت تبدلت الراكوبة المكونة من التفاصيل البدائية من الحصير والعيدان والقش والقنا، الى المظلة والعريشة التي اقتالت المكونات النباتية بعد دخول تكنولوجيا الحديد باستخدام المواسير والزنك العازل للحرارة، فتغيرت بالتالي تفاصيل الراكوبة الداخلية من عناقريب الخشب والبنابر الي اطقم كراسي الجلوس، واحتكرت شاشة التلفزيون مكان الراديو الذي كان يوجد في السابق معلقاً علي احد عيدان الراكوبة.
ولكنه تغيير طبيعي كان لا بد ان يحدث مع مقتضيات التطور العمراني داخل البيوت، بهذا الحديث ابتدر الطيب موسى حديثه لـ «الصحافة»، حيث قال إن الراكوبة تبدو أكثر حميمية في تفاصيلها القديمة من مظلات الزنك، ولكن وجودها كان يمثل أزمة استهلاك سنوي من تجديد للحصير وتفكيكها واعادة تركيبها من جديد، وهنا يقف ليضيف ان الراكوبة حتى وقت قريب كانت هي الوحيدة المستهدفة دائماً في حال حدوث أية مناسبة في البيت، فتجد ان الراكوبة قد تم تفكيكها بالكامل واعادة تركيبها او توسيع مكانها او تغيير مكانها بما يضفي اختلافاً في تفاصيل البيت، حتي وان كانت المناسبة «سماية» او «طهور»، ولكن الآن اقتصاديا لا تحتاج في كل فترة الى ميزانية صيانة للراكوبة.
وتتندر حاجة السرة الحسين على ما اقدم عليه ابناؤها من ازالة الراكوبة واستبدالها بمظلة الزنك، فقالت: الحصير ابرد منو مافي، قلت ليهم خلوني في راكوبتي دي الا حكم الزمن أي شيء بقي ما زي حقنا الزمان.. يا الله تعلم بقينا نشتهي الراكوبة والقعاد فيها، وتضيف: زمان امي رحيمها الله كانت عندها في بيتها راكوبة كبيرة ليها شعبة في النص، وكان عندنا فيها اربعة عناقريب نغسل فيها العدة وفطورنا فيها وقهوتنا فيها وطبيخنا فيها، ومن ما الواطة تصبح ننضفا مع البيت، الا الراكوبة لازم تترشا بالموية على الرملة المفروشة بيها. وتقول حاجة السرة: الراكوبة كانت مكان القعدة والونسة خاصة بعد الفطور، ويتجمع الجيران فيها، وكانت بيت الضيافة للنسوان. وتقول رنا طه: كان لا بد للراكوبة ان تختفي من داخل البيت، خاصة أن البيوت اصبحت تسير في خطى عمراني متطور. وتضحك قبل ان تضيف: كرهتنا بي الغبار في نظافة البيت.
وتقول خالدة عثمان: احن كثيراً الي الاتكاءة داخل الراكوبة، فقد كانت من افضل موروثات السابق، وان كانت قد قاومت فترات طويلة ومازالت تقاوم في قرى الريف، ولكن المستقبل لم يصبح لها وان كان البعض اصبح يتحايل عليها ويدخل الحصير مع مظلات الحديد، ولكن تظل الراكوبة هي ذات المكونات الخاصة، اربع شعب تحمل سقف الحصير ولا تدخلها أي اضافة غير الخشب والعيدان والحصير القش، وتقول: ذاكرتي تحفظ الراكوبة القشاشة التي كان يتم تركيبها في الجهة الشرقية باتجاه القبلة للغرفة حتي تحفظ الحائط الشرقي من غزارة المطر القبلي.
ويرى الخير عبد الحميد أن البيت بدون الراكوبة يبدو كأنما اختلت اركانه الاربعة. ويقول إنه على الرغم من ان زوجته قد اشتكت كثيراً من ضرورة ازالة الراكوبة الا انه اصر دائما علي بقائها لان ازالتها واستبدالها بمظلة الزنك لا يعدو سوى محاكاة. وبعد طول تفاوض توصل معها الى ضرورة ابقاء الراكوبة مكانها وأقام لها مظلة الزنك التي أصرت علي وجودها، واختتم حديثه قائلاً: نحنا اتربينا في الراكوبة.
الصحافة
حيرتيني في المفاضلة بين الراكوبة و مظلة الزنك !!! ولكني اتفق مع الخير في ضرورة ابقاء الراكوبة في مكانها .. والماعندو قديم ما عندو جديد ..