لغز إختفاء طائرة المشير البشير

لغز إختفاء طائرة المشير البشير
سارة عيسي
[email protected]
يقولون أن الحب يبدأ بنظرة ثم موعد وزواج ، وسفريات الرئيس البشير تبدأ بخوف وجزع ، وعدم إطمئنان ، ثم براحة نسبية بعد وصول طائرته للجهة المقصودة ، ثم دعاء صادق وجزع ليعود بالسلامة ، لكن الإحتفالات الكبيرة تبدأ لحظة وصوله أرض مطار الخرطوم حيث تُنحر الثيران السوداء والخراف البيضاء تيمناً بوصوله ، فقد اصبح ترحال الرئيس البشير جزءاً من طقس سفر الخروج والعودة يمارسه رجال حزب المؤتمر الوطني كلما قرر الرئيس البشير الظعن والإرتحال ، وهو بهذه الزيارات يملأ الفراغ الإعلامي في التلفزيون الحكومي حيث يتم التعامل مع الرئيس البشير بأنه بطل قومي يتحدى أوكامبو ، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، فعلى الرئيس البشير أن يخف ولو قليلاً عن هذا العبث ، والقضية ليست شخصية بينه وبين أوكامبو ، فهناك قضية شعب وأزمة وطن يتقزم ويصغر كل يوم ،ومن يريد مقارعة أوكامبو لا يشحذ الضمانات قبل السفر ولا يستاذن للدخول في الأجواء الدولية ، وفي زيارته الأخيرة للصين مكث الرئيس البشير في إيران لأكثر من ثلاثة آيام وهو يدرس سبل الوصول للصين ، تقلع طائرته حتى يترقب الناس وصوله ثم يأتي خبر ويؤكد أن طائرة البشير لم تصل لبكين وقد بلغت القلوب الحناجر وزلزل رجال المؤتمر الوطني زلزالاً شديدا ، فالبشير لا يريد أن يقدم للإيرانيين نموذجاً لمشهد الإمام الحسين عندما واجه بأسرته وأهله جيوش الأمويين ، وكما قال الشاعر :
لولا المشقة لساد الناس كلهم
فالجود يفقر .. والإقدام قتال
لكن مهما أختلفنا مع الرئيس البشير فإن رحلته الأخيرة للصين كانت مغامرة بحق وحقيقة ، وتحتاج فقط لقلم الصحفي ضياء الدين بلال الذي يجعل الحدث السياسي كأنه فلم هندي من النوع الذي يتفرق فيه أفراد العائلة ثم يعودوا ليلتقوا بعد عشرين عاماً ، فيكون سبب التعارف هو أغنية أنشدتها الأم في ليلة عيد الميلاد التي سبقت لحظة الفراق ، ولكن ما يجب أن اقوله أنه من حق الرئيس البشير أن ينزعج عندما يسرج حصانه ، فقد حصد أوكامبو ثمار الربيع العربي ، فهو حصد تونس وليبيا في سلته ، وحتى هذه اللحظة بقت مصر على الحياد في موضوع الإنضمام الجنائية الدولية ، فالأخوان المسلمين والذين هم الأقرب للوصول إلى الحكم في مصر يروون في هذه المحكمة آداة إستعمارية وصليبية ،مما يعني أنهم يشاركون الرئيس البشير نفس الرؤية ، فهم يريدون حكماً مطلقاً في مصر يفعلون كما يشاءون بالناس من دون سلطة تحظر عليهم متعة الحصانة ، إذاً لم يخسر الرئيس البشير كل مساحة المعركة ، وعملية سفره لمصر بعد نجاح الثورة أشبه بقصة ذلك الجني الذي عبر من تحت صرح سيدنا سليمان ونجى من دون أن يمسه شواظ من نار .
لكن لا أتجاهل ان محبي الرئيس البشير نسوا شيئاً هاماً وهو أن الرئيس البشي ( صالحٌ ) في الحكم حتى تاريخ التاسع من يوليو من هذا العام وهو موعد إنفصال الجنوب ، فلن يتعرض له أحد بالسوء حتى ذلك التاريخ ، فلا زال الرئيس البشير هو الذي يعطي بسخاء بعد ممانعة شديدة ، فعندما أحتل الجيش السوداني أبيي أعتقد الناس أن الإنقاذ أعادت سيرتها الأولى ، وفي حقيقة الأمر كان هناك تضخيم إعلامي غير مسبوق قابلته الحركة الشعبية برد فعل متريث ، وأنا أعتبر قبول حكومة الإنقاذ بنشر 4,200 جندي اثيوبي في أببي هو نصر للحركة الشعبية ، والسبب في ذلك أن أثيوبيا كان تُعتبر في قاموس الإنقاذ دولة حليفة للحركة الشعبية ، وهي متهمة بتشجيع الحركة الشعبية عسكرياً في منطقة النيل الأزرق ، وفي ايام الحرب كان يُغمز للجيش الأثيوبي بأنه من التيغراي في إشارة للخلفية الإثنية التي ينحدر منها رجال الحكم في أثيوبيا ، ولا ننسى أن أثيوبيا تلعب دور الشرطي في شرق الصومال ، فهي تحارب الاصولية الإسلامية وتبسط هيمنتها على الصومال وتتدخل في شئونه ، وكل ذلك لا ترضاه حكومة الإنقاذ ، ولكن عُرف عن الإنقاذ أنها ترفض الحل الوطني ولا تقبل إلا بالوصفات القادمة من الخارج .
أما أغرب ما حدث هو الإتفاق الإطاري الذي وقعته الإنقاذ مع حركة الشعبية حول جنوب كردفان ، بدأت هذه الأزمة بتجريد فصائل الحركة الشعبية من السلاح والطلب منهم النزوح جنوباً ، ثم تطور النزاع لعنف مسلح بين الجانبين قصفت فيه الإنقاذ المدنيين في جبال النوبة بالمدفعية والطائرات ، لكن ما قرأته عن ذلك الإتفاق جعلني اشعر أن هذا الحل كان متاحاً منذ البداية ، وكان من الممكن دمج أبناء جبال النوبة في عديد الجيش الشمالي والقبول بهم ودفع مستحقاتهم ، لكن الوالي أحمد هارون كان تواقاً للدماء ، هذا الرجل لا يستطيع العيش بلا حرب أو أزمة ، فهو الذي دعا للحل العسكري وطلب بإصدار القبض ومحاسبة كل من القائدين عبد العزيز الحلو وياسر عرمان ، هذا التطور يجعلني اصل لخلاصة مهمة ، فبقدر ما نرى مجانين للحرب في حزب المؤتمر الوطني من أمثال أحمد هارون والطيب مصطفى وإسحاق احمد فضل الله ، لكن هناك حمائم سلام حقيقة داخل هذا الحزب ، فهي التي غلبت رايها في الإتفاق الأخير ، وهي بذلك جنبت كل السودان أزمة حرب جديدة كانت ستقضي على الأخضر واليابس ، كل إتفاق ياتي على هذه الشاكلة يجب أن ندعمه بسخاء ، فالتجربة علمتنا أنه منتصر في الحرب بل الجميع خاسرون .
سارة عيسي
خنازير الجبهة الاسلاميه الجائعه تخاف على صاحب العلف الذى يضعها فى زريبته ويسيطر عليها .. بعد يوم 9 يوليو لن يسافر امير المؤمنين الى خارج العاصمه ابدا .. وجبهة الخنازير لا بديل لها الا البشير فهو يعرف كيف يذلها وكيف يرضيها .. واذا فقدته صارت مثل مستنقع الاتحاد الاشتراكى العظيم الذى جف وماتت احيائه البدائيه بهلاك المطعم ..
استمتع ايما استمتاع بكتابات الاخت سارة عيسى وحسب تحليلي لمقالاتها يبدو انها على دراية تامة بطريقة تفكير جماعة المؤتمر الوطني . فاخر مقال قرأته لها كان عن اقتحام الجيش الشمالي لمنطقة ابيي وقتل المدنيين فيها (يا خرابي لو انسحب الجيش من ابيي) . المعروف ان جيش الحركة الشعبية كان قد انسحب من ابيي قبيل دخول الجيش فيها وكان الجيش يعرف ذلك تماما الا انه قصد توصيل رسالة للحركة الشعبية في جنوب كردفان بانها سوف تلقى نفس المصير اذا حدثتها نفسها بذلك. لذلك بالغ الجيش في التنكيل بالمدنيين تقطيع اوصالهم . كذلك فان الالة الاعلامية للمؤتمر الوطني لعبت دروا كبيرا في تاجيج عملية الاقتحام وتشبيهها كانها حرب بين جيشين مع العلم انها لم تكن حربا ابدا فالصحيح انها قمع الجيش النظامي لمواطنين عزل.
والله لم اصدق هذا الاتفاق الذي حدث في اديس ابابا وكنت حقا مندهش . وكما قالت الاخت صسارة في مقالها فانه كان بالامكان الوصول لهذا الاتفاق دون اي ازهاق للارواح وتحريك الجيوش . يعني حكومة المؤتمر الوطني تخسر في كل مرة وفي النهاية تصل لاتفاق اسوأ مما كان يمكن ان تصل اليه دون اراقة الدماء.
مقال جميل تعكس رؤية واضحة والمعرفة التامة بحيثيات الاذمة في جنوب كردفان ومغامرات البشير في سفر الصين والعودة . وبشان الاتفاق الاطاري بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ان صدق النوايا قد تكون مجدية بعض الشيء ولن تفضي الى حلول جذرية للاذمة كما تطرقت في المقال ان بداية الاذمة هو احمد هارون وهو ما زال يتفاصح في الاعلام باعتباره الوالي للمنطقة ومعه هشوده من المليشيات الذين نفذوا التطهير العرقي لسكان مدينة كادقلي واريافها والقن ذلك في ذاكرة اي فرد من ابناء النوبة الباقون على قيد الحياة فاعتقد حكاية الدمج في الجيش والعمل مع اهل الانقاذ ضياع للوقت فاعتقد لشعب منطقة النوبة اي جنوب كردفان راي اخر في رفع سقف مطالبهم والحكومة علما انها اجبرت للتنازل رغم انفه عندما علموا ان طائراتهم بدات تتساقط حتى تصل فوق الاحاد والهزائم في معركة كادقلي المدينة ودخول قوات الحركة داخل المدينة وسقوط كل الحاميات الخارجية في الولاية في ايدي قوات الحركة من ابناء الجبال وهكذا الوضع في جنوب كردفان حتى اليوم فاذا حاولت الحكومة اي مسار غير التفاوض انها تمني بخسائر اخرى في المنطقة وان لم تطال عقر دارهم الخرطوم ويحتاج الامر وضع حلول جذرية للاذمة ومحاسبة مرتكبي التطهير العرقي في المنطقة وبالتالي تفضي باهل الاذمة مطالب اخرى والمسلسل طويل وان حق القول وقعت الحكومة في ماذق بجنوب كردفان
كلام جميل لكن لا داعي لحرف اللام والفاء الزائدتين في بيت الشعر :
لولا المشقة ساد الناس كلهمو الجود يفقر والاقدام قتال .