أيها الجولاني : السياحة الناجحة هي التي تقدم شعبا وتجربة

خالد بابكر أبوعاقلة

السياحة الناجحة هي التي تقدم شعبا وتجربة وإنفعالا حضاريا بالحياة , ولا تقدم آثارا وأضرحة , وشواطئ بحرية شفافة ومحميات طبيعية , ولأن وزير السياحة ( الجولاني ) سليل السلفية العميقة في أضابير وأحافير التخلف الروحي درج على نفي وتحريم وضرب كل ما هو مقدس من حجر ورمل وعجوة مهما بلغ ( الفن ) فيه وكمية التاريخ الذي يحتويه ومهما تغيرت نظرة الناس إليه بوضعه عتبة فوق روحانيات الدين بل عتبة فوق إشعاعات العقل فنراه لا يفهم السياحة إلا أبنية بلا إنسان ومنتجعات بلا حرية وفنادق بلا نوافذ ولا أبواب , ويتهجم على عيوب السياحة الفرعية ليلفت نظر أولياء نعمته (بأنه شغال ) من قبيل نقد الرسوم والجبايات الحكومية وإجراءات التأشيرة والمغادرة وضعف بنيات الملاحة الجوية وغياب المعلومات السياحية .

أيها الجولاني .. عليك أن تعرف أن الدولة ضد السياحة تماما لأنها أفرغتها من المضامين الشعبية والمحلية ومن التراث تحت مسمى التوجه الحضاري وأفرغتها من الحرية الروحية والعقلية وأفرغتها من بريق حسن ( السمعة ) بظهور السودانيين جوعى في ا لمعسكرات وقتلى في الجبال والسهول وعززت السمعة الدولية بأن السودان دولة حروب وانشقاقات وإنفصالات ودولة تقف على النقيض من توجهات المجتمع الدولي في السلام والرفاهية وحقوق الإنسان وأنها دولة في قائمة الدول الداعمة للإرهاب وأنها دولة تقع تحت طائلة المقاطعة التجارية والتمويلية والمعونات من الصناديق والدول الكبرى وأنها دولة عاجزة عن الإيفاء بإشتراكاتها في المؤسسات العالمية وبإيفاء أقساطها من الديون الخارجية التي تقترب من الخمسين مليار دولار والإنقاذ المجهدة التائهة المتخبطة في أطراف توجهاتها تلفظ أنفاسها الإخيرة دون أن تفي بوعودها وتصلح شيئا من أخطائها وتستجمع ما تبقى من رصاص مقاتليها ( العجايز ) لتقول ( علي وعلى أعدائي ) .

إن السياحة أيها (الجولاني ) بمشاريعها الإستثمارية الضخمة وقدراتها على ( تمدين ) و ( تحضير ) الشعوب ومساعدتهم على الإنفتاح العالمي ثقافيا وتجاريا حيث تعتبر أداة من أدوات السلام العالمي والتسامح الدولي والتلاقح الإجتماعي تفضح ( لصوص ) التمكين الأثرياء بكشفها عن عدم قدرتهم وضعف طاقتهم ونكوص توجههم في صنع دولة ( حديثة ) ومجتمعات فعالة واسعة الأفق , تتحكم في وجداناتها ,و قادرة على التعايش والتوحد مع الثقافات المحلية والعالمية , الحاضرة والماضية , وذلك عندما يعلنون بخططهم الطفيلية عن عدم إقتناع الدولة بالسياحة ودورها التنويري العظيم والمادي في دعم الإقتصاد القومي , حيث يعادل الإستثمار في السياحة الإستثمار في النفط وحيث تعتبر السياحة من أهم القطاعات الإنتاجية والتشغيلية وذات الموارد العالية جدا بعد الزراعة والصناعات التحويلية في دول العالم الثالث ولذلك رموا بداء (السياحة ) التحضيري و ( الفضائحي ) في ظهر ( أنصار السنة ) الجامد الثقيل ليعبروا عن تخلف المشروع الحضاري بطريقتهم الخاصة المميزة حتى يدمروا ويفسدوا ما تبقى منها ومن سمعتها .

أيها الوزير لقد أحسنت وأتقنت دورك تماما وتشربت حتى ( الثمالة ) أو ( التفل ) الحالة التي يعيش فيها المتورطون من ( الحفاة العراة رعاء الشاء الصم البكم ) خاصة أولئك الذين بلا ( عمل ) جدي وبلا وزارات ( فعالة) بعد أن رفعوا أيديهم من دعم الشعب والوقوف معه في محن الحياة ومصائبها الكثيرة فتراهم يتشدقون بنقد بعضهم البعض في البرلمان ويثيرون الغبار حول المسائل ( الجنسية ) والأعضاء ( التناسلية ) ويناكفون ( الرئيس ) بأنه سيترشح أم لا , ويعلقون على الأقوال والأفكار وهم في كل يوم يقتلون ( دجاجة ) و ( يخمون ) بيضها , وأراك مثلهم تنتقد الولايات التي تقف أمام مشاريعك الجوفاء ( النظيفة ) القديمة , وتفصل كإقتصادي ضليع بأن الولايات تأخذ رسوم 5% من جملة رسوم القيمة المضافة كأن الوزير لا يكون وزيرا عارفا إذا لم يتعرض للنسب المئوية والقيمة المضافة والإستقطاعات والرسوم التي تؤخذ بلا وجه حق ثم تتحدث عن (العجز ) هنا وهناك كأن السياح بالفعل في زمن وزارتك قد ملؤوا الطرقات والأزقة وتجمعوا على شواطئ البحر والنهر و ( بحلقوا ) في شلالات السبلوقة وغيرها وتتدفقوا على دور ( السينما ) التي هدمها من قبل والي ( سنار ) عنوة و على ( المسارح ) التي ينعق فيها ( بوم ) ورخم الإنقاذ , ووقفوا صفوفا أمام المتاحف والطوابي وساحات كرري وشيكان وإكتظت بهم محمية ( الدندر ) كأكبر محمية في العالم وجزر البحر الأحمر وجبل مرة وأن السياحة قد شغلت نسبا ضخمة من الخرجيين العاطلين وساهمت في الميزانية بمئات الملايين من الدولارات دعك من المليارات وأكاد أسمعك تقول لو أنها تدر هذا الدخل فكيف سيفرط فيها طفيليو الإنقاذ المشغولين بفوائض السدود والكهرباء ؟
كل هذا وأنت أيها الجولاني العنيد لا تريد ان تقتنع أن الدولة – التي توظفك لهدف ما – ضد السياحة وضد العصر وضد الشعوب وأنها كلما تنازلت في مفاوضات عن فكرة أو غيرها فليس هذا عن قناعة بمبدأ صحيح وإنما من أجل البقاء تارة ومن أجل الحفاظ على الثروات المدفونة تارة أخرى وإليك هذا الدليل من تصريحك الذي ورد في ( الراكوبة ) قبل أيام إذا تقول ” إن العجز في قوة شرطة السياحة بلغ 3000 شرطي وضابط وفي شرطة الحياة البرية 1198جنديا و 625 ضابطا . ” تقول كل هذا كأنك لم تسمع أن والى الخرطوم ( المدرع ) قد صرح من قبل حينما اشتدت المواجهة مع الجنوب أن بحوزته 76000 جندي من المجندين بخبرته ومجهوداته الشخصية على أهبة الإستعداد للذهاب إلى القتال وأن الرئيس في غمرة ( هوجة ) علي وعلى أعدائي حين وصف الحركة بالحشرة الشعبية دعا كل ولاية من الباقيات الصالحات لتجهيز لواء كامل من المقاتلين لحرب الجنوب المنفصل ( بلا إتفاقية) , والسؤال الآن لماذا يحدث هذا العجز البسيط في شرطة السياحة وحكومتك لا تعتد إلا بالمجندين وتصرف عليهم معظم مدخرات وعرق وموارد السودانيين بل إن هؤلاء المجندين أصبحوا بابا للثراء للقواد الكبار فيتلاعبون في ملابسهم وأحذيتهم وأسلحتهم وطعامهم وشرابهم وتدريبهم .. الخ , وننصحك كما نصحناك من قبل بأن تذهب للوالي فجنودك عنده أو تذهب للولايات , فالألوية جاهزة .

إننا لن نجد ( غثاثة ) أعظم من غثاثة ( الجولاني ) حينما صرح مبتهجا بأن رئاسته لوزراء السياحة ( العرب ) ستنتهي في شهر ( اكتوبر ) القادم , وأن حظوظ السودان ستقل في الإستجابة لمشروعات التمويل .. ”
أ هناك عقل في هذا التصريح أو بعد نظر لوزير يضطلع بأضخم وزارة أفرغت من أحشائها ؟

وعم يدل ؟
يدل أولا على أنه وزير بلا وزارة , وفي هذا خطر كبير وداهم على وجوده مستقبله , ويدل أيضا على أن تونس ومصر مثلا لن تأخذا تمويلا عربيا إلا إذا كانت الدولة الواحدة منهما رئيسة لوزراء السياحة العرب , فتأخذ ما تريد لأن ( الدكتاتور ) منها , مع أن مشروعات التمويل تهتم بالبنية التحتية للسياحة كصناعة وتجارة , وفي بلد لا توجد فيه في أقل المستويات الترويجية شرطة سياحة وإنما شرطة ( نظام عام ) تقتل وتهاجم الناس في ا لبيوت فكيف يعطي الممول قروضه وكيف يوافق على أن ينفخ في قربة مقدودة و ( مهدودة ) كقربة السياحة في السودان ؟ ونحن من هنا ندعو صادقين لعدم قيام شرطة سياحة في ظل الأوضاع الحالية حتى لا تتحول إلى شرطة تهاجم ( السياح) و( تجلد ) الأجانب , وتتعدى على الحريات وتفرض نظرتها في ( اللبس ) و ( المشي ) ونمط قضاء اليوم , وتطالب السواح بقسائم الزواج أو النوم في غرف منفصلة خاصة حينما تعطى سلطات تقديرية .
إن السياحة هي عصارة نظرة الشعوب للحياة وهي الثوب الزاهي النقي لتحضرها وعفافها وحبها للحياة وتسامحها مع الآخرين وقبولها أن يشاركوها في منضدة الطعام والشراب وفي لحظات سعادتها وضحكاتها وهي أن يحس السائح أنه وسط شعب مهما بلغ من درجة تحضره أو تقنيته فهو في النهاية إنسان يدرك ويشعر بما يشعر به الآخرون مهما بلغت درجة الإختلافات والمسافات .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. طبعاً قطع شك هذا الشاب غير مسلم !! لانو لو كان مسلم كان يكون العنوان (مسلم فرنسي يقتل) أو (فرنسي من أصول إسلامية) أو (مسلم فرنسي متشدد .. ) أو غيره من ألفاظ النكاية بالدين الإسلامية .. و لكن لان دينه غير ال
    إسلام بكل لطف جاء العنوان (مراهق) ليتعاطف الناس معه بعذر المراهقة !!! و قد سبق هنا في الراكوبة خبر (شاب مسلم بريطاني يغتصب قاصر !!) فما لكم كيف تحكمون؟؟

  2. يا ناس الراكوبة انتم منبر غير ديمقراطي بتنشرو اليعجبكم انا غير الايميل قبل مدة والله العظيم انا ما جبهجي انا واحد من الناس المتضررين من زفت الحكومة لكن انتم طلعتوا ازفت من الحكومة في حجب الراي الآخر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..