علماء سيرن يرصدون قرائن مثيرة بشأن المادة وقرين المادة

لندن (رويترز) – توصل العلماء الذي يعكفون على سبر أغوار طبيعة ضديد (قرين) المادة الى قرائن جديدة تفسر سبب ان الكون ليس مجرد خواء على الرغم من ان هذه الشواهد ليست كافية لشرح نشوء مليارات المجرات المتناثرة في الكون السحيق.
ولكل جسيم أولي من الجسيمات دون الذرية ضديد أو قرين له نفس الكتلة لكنه يختلف معه في الشحنة وعند التقائهما في ظروف معينة يمحق أحدهما الآخر بالتبادل لتنتج الطاقة في صورة اشعة جاما أو بوزونات.
ويعتقد العلماء ان كميات متساوية من المادة وقرين المادة انبثقت مع الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون قبل 13.7 مليار عام. الا انه في غضون ثانية من حدوث الانفجار العظيم صار قرين المادة في حكم العدم.
ولا بد ان عملية المحق او التلاشي – التي تمخض عنها كون به فائض من المادة التي تكونت منها النجوم والارض ومختلف الاجرام المعروفة – قد حدثت نظرا لوجود فروق طفيفة بين المادة وضديدها.
وقال العلماء امس إنهم رصدوا فرقا ضئيلا خلال تحلل جسيم ما الى مادة أو قرينها اثناء عمليات التصادم التي تحدث في مصادم الهدرونات الكبير بالمختبر الاوروبي لفيزياء الجسيمات المترامي الاطراف والواقع في منطقة الحدود السويسرية الفرنسية المشتركة عند سفح جبال جورا قرب جنيف وعلى عمق مئة متر تحت الارض.
ويمثل هذا الكشف الجديد المرة الاولى التي تؤكد ان الجسيم المعروف باسم ميزون ينتج عنه جسيم آخر عند تحلله يختلف عنه في الكتلة كما يتسق مع ما توصل اليه العلماء من خلال تجارب سابقة تختص بجسيمات اخرى. الا ان هذه الفروق لاتزال ضئيلة للغاية على نحو لا يمكنه ان يفسر توافر المادة بكميات هائلة في الكون.
وتتفق هذه النتائج التي ستنشر في دورية الفيزياء مع ما يعرف بنظرية النموذج المعياري التي تم تصميمها قبل ثلاثة عقود من الزمن. وتقوم نظرية النموذج المعياري التي طرأت عليها تعديلات في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي على الدمج بين ثلاث من القوى الأساسية في الطبيعة وهي القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية مع الاستعانة بنظرية الكم والنظرية النسبية الخاصة لأينشتاين بغية صياغة نظرية متكاملة لسبر أغوار الكون.
وقد توصل العلماء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) الى هذا الكشف بعد تحليل بيانات من 70 تريليون تصادم في واحدة من اربع تجارب تجري في مصادم الهدرونات الكبير وهو مجمع ضخم من المغناطيسات الحلقية العملاقة والاجهزة الالكترونية المعقدة والحاسبات تكلف انشاؤه عشرة مليارات دولار ويصل عمره الافتراضي الى 20 عاما.
ويضم هذا المصادم أضخم تجربة علمية في العالم لاحداث تصادم بين حزمتي جسيمات من البروتونات تسيران في اتجاهين متقابلين وفي مسار بيضاوي داخل نفق طول محيطه 27 كيلومترا وبكم طاقة هائل وسرعات تقترب من سرعة الضوء لمحاكاة الظروف التي اعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون.
وقال بيرلويجي كامبانا وهو خبير الفيزياء المشارك في هذه التجربة “من خلال دراسة… هذه التأثيرات نواصل بحثنا عن الحلقة المفقودة في هذا اللغز.”
وبعد رصد جسيم بوزون هيجز في الصيف الماضي يدخل المصادم مرحلة تستمر عامين لاعادة تأهيله بغية مضاعفة قدرته على أمل فتح آفاق جديدة في علوم الفلك.
ويأمل العلماء ان تسهم مضاعفة قدرة المصادم في اماطة اللثام عن عوالم جديدة في ملكوت الفيزياء الفلكية والتعرف على طبيعة المادة المعتمة التي تشغل الفراغ المحيط بالكواكب والنجوم والمجرات فيما يرى آخرون انهم قد يعثرون على جسيمات غير معروفة من قبل أو مؤشرات على ان الكون له أكثر من ثلاثة ابعاد.
والمادة المعتمة تعبير أطلق علي مادة افتراضية لا يمكن قياسها إلا من خلال تأثيرات الجاذبية الخاصة بها والتي بدونها لا تستقيم حسابيا العديد من نماذج تفسير الانفجار العظيم وحركة المجرات. ويرجح ان المادة المعتمة تشكل حوالي 27 في المئة من مادة الكون الكلية فيما تمثل الطاقة المعتمة – التي يعتقد أنها مسؤولة عن تمدد الكون واستمرار حركته – حوالي 70 في المئة من كتلة الكون.
WOW
هناك شئ اسمه قرين المادة لفهمه نقول ان أي واحد منا تعامل مع علم الجبر يدرك ان معادلات الدرجة الثانية تحتوي على مربع كمية مجهولة، والكمية المربعة دائما موجبة، فحاصل ضرب 2x 2يعطى 4 كذلك حاصل ضرب-2x- 2يعطى أيضا نفس النتيجة. ومعنى ذلك أن الجذر التربيعي لــ 4 هو أما 2 أو – 2. بنفس المبدأ يمكن الحصول على مجموعتين من المعادلات إحداهما للاكترونات السالبة الشحنة والأخرى لجسم مجهول ذو شحنة موجبة. وقد اكتشفت أثار هذا الجسيم المجهول في جهاز يسمى بغرفة الضباب (cloud chamber)، وعند دراسة تأثير المجال المغناطيسي على هذه الآثار اكتشف أن كتلة ذلك الجسيم تساوي كتلة الالكترون وانه يحمل شحنة موجبة ومساوية لشحنة الالكترون وعندئذ سمى هذا الجسيم بقرين الالكترون (Antielectron) أو بالبوزيترون (Positron) ومن ثم بدأ البحث عن قرائن الجسيمات الأخرى فمعنى وجود قرين للألكترون وجود قرائن للجسيمات الأخرى، وفعلا بدأ اكتشاف هذه القرائن الواحد بعدالآخر وبدأ تقسيمها إلى أنواع لن ندخل في تفاصيلها وسوف نكتفي بذكر نتيجتها النهائية وهي وجود قرين لكل جسيم بل ولكل جسم.
واكتشاف قرين المادة يخبرنا باحتمال وجود عالم آخر يناظر عالمنا المادي ويتكون من قرائن الجسيمات أي من قرين المادة. أين هو هذا العالم الذي يتكون من قرين المادة ؟ هذا هو السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة عليه، فالأرض تتكون أساسا من مادة وليس من قرائن المادة، أما قرائن المادة التي يتم إنتاجها في الأشعة الكونية (cosmic rays) أو في معجلات الجسيمات (Particle accelerator) لا تعيش مدة طويلة في الأجواء الأرضية، فبمجرد أن تنخفض سرعتها بعض الشيء تحتم عليها أن تواجه مصيرها الذي لا تستطيع الفرار منه وهو المحق أو الإبادة بواسطة المادة المقابلة لها التي تملأ أجواء الأرض. فعندما يتقابل الجسيم مع قرينه أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر ويختفي الاثنان في شيء يشبه الانفجار متحولين كليهما إلى طاقة معظمها في صورة أشعة جاما..