عندما تتحول (الدردشة) إلى (نميمة) !

كتبت / سلمى سلامة:
خيط رفيع يفصل بين (الدردشة) و (النميمة) في وسائل التواصل الاجتماعى ، فالبعض يستبيح الوقت في إجراء اتصالات ، تصب أغلبها فى اشباع حالة فراغ ، عاطفى أو اجتماعى ، أو حالة كبت معينة ، هؤلاء
تجدهم يقضون سحابة يومهم أمام تلك الوسائل ، باحثين عن اشباع الحاجات المفتقدة في أرض الواقع .. وقد لا يختلف اثنان في أن علاقات الفيسبوك سبباً مباشرا في جمع رؤوس بالحلال او خلق علاقات ذات قيمة اجتماعية او حتى سياسية او اقتصادية .. ولكن يبقى الضرر الأكبر من (المثرثرين) الذين في الغالب تكون نتيجة علاقاتهم سالبة .. فموقع فيسبوك ، مهد الطريق لتوطيد علاقات ، تصب مجملها في قالب الترويح عن النفس .. تقنية الموقع اتاحت فرصة اللقاء المفتوح على آخره ، أي بدون (كنترول) ، فمساحة اللقاء المفتوح فيه ساعدت عشاق (الثرثرة) فى تنمية هوايتهم ، خاصة بين زملاء العمل ، حيث يكون خط (الدردشة) بينهم لنقل الأخبار أو الوشايات والشائعات ، مفتوح بمن فيهم طلاب الجامعات ، فقد ساعدتهم الهواتف الذكية فى الوجود بصورة شبه مستمرة في الموقع .. (إيمان عبد الله) طالبة جامعية عشقت تقنية (الفيسبوك) فكونت صداقات اسفرية نجحت في انزالها لأرض الواقع ، ولكن لم تدم الصداقات طويلاً ، فالرابط الذي جمعها باصدقاء الاسفير هو نفسه الذي فرقها عنهم تقول : كانت علاقتى بأحد الاصدقاء وهو زميل لى فى الجامعة متينة فكنت اجلس معه ، وأفضفض له عبر الفيسبوك بأشياء خاصة ، يمنعنى حيائى أن ابوح بها وجهاً لوجه معه ، ظننت أنه قدر مسؤولية الصداقة ، استمريت أحادثه لفترة دون ان يساورني شك في نواياه ، حتى فاجأتنى يوماً أحد زميلاتى بحديث لا احد يعلم به غيرى انا وذلك الصديق ، وزادت صدمتى عندما علمت أن الحديث قد انتشر بين الزملاء وانا آخر من علم به ، بل أن الشخص الذي يفترض فيه أن يكون صديقى قام بفتح الرسائل المتبادلة بيننا فى الموقع للزملاء ، تألمت كثيراً لانى وجدت اخباري الخاصة على ألسنة العامة ، فقد أصبحت أهرب من نظراتهم ، التى تحمل سخرية وعلامات استفهام وغيرها ، فلم اعد قادرة على الوجود مع الزملاء في مكان واحد ، وعندما واجهت صديقى انكر اذاعته للخبر ، وبرر موقفه بأن احد الزملاء كان يتابعه ساعة (الدردشة) معى .. ليس (ايمان) وحدها التى وقعت ضحية (الوشاية) لأناس (ثرثارين) يمارسون هواية الحديث بدون كنترول في اي زمان ومكان ، ويطوعون قدراتهم حسب متطلبات العصر .. (محمد إسماعيل) شاب في العشرينيات من عمره ، وجد طلبات صداقة من أحد بنات اهله واضحى يتواصل معها عبر (الشات) في الموقع آنف الذكر ، وفى يوم سألته عن اجمل بنات الاسرة ، فرد عليها و ذكر لها عددا من الاسماء ، ثم عادت وسألته مرة أخرى من احد قريباتها ، فكان رده حاضراً بأن (فلانة) التى ذكرتها لا تحمل اي ملمح جمالى وبدأ يسخر من وضعها لتصنيف كهذا ، وقبل أن يغادر غرفة الدردشة ، رن هاتفه ليتفاجأ بصوت يعاتبه على حديثه ، فادرك انه وقع في فخ (نميمة) مستحدثة ، لأن الفتاة التى (ثرثر) معها كانت تجلس بجوارها البنت التى سئل عنها، وقصدا ايقاعه في ذلك المطب .. الحكايات لا تنتهى و ضحايا (النميمة) ، كثيرون ، لأنها تنطلق منها الشائعات ، فموقع فيسبوك ، يمتاز بسرعة ايصال المعلومة لأكبر عدد من الناس ، وبالتالي فأن الشائعة عبره ، تنطلق انطلاقاً صاروخياً .. (فالثرثرة والنميمة) عبر الفيسبوك تتجاوز مربع الحياة الطلابية إلى العملية ، (إسراء) موظفة كانت اكثر عشاق الدردشة فى الفيسبوك ، حيث تجلس بالساعات الطويلة ، وفي يوم كانت تتحدث ، مع أكثر من شخص عبر (الشات) ، عن زميله لها ، واخذها الحديث إلى مناحي بعيدة حيث تحولت (الدردشة) إلى (نميمة) ، ولكن هذه المرة أراد القدر إيقاعه ليس (بزلة لسان) وانما (بهفوة كيبورد) حيث ارسلت (نميمتها) الالكترونية بالخطأ إلى زميلتها التى كانت تتحدث عنها بنسج الشائعات ، وعندما فضح أمرها انكرت بأن الرسالة ليست من حسابها ، وقالت انها تعرضت لاختراق ، يبدو أن هدفه هو ايقاعها في ذلك الشرك ولكن لم يصدقها أحد ، بدأت مضطربة وهى تحاول حشد كل التبريرات التى تنقذها من (ورطة النميمة) .. النساء اشتهرن بـ (الثرثرة) ولكن هذا الوصف ليس حكراً على النساء وانما هناك رجال ، يجدون فنونها ، بصورة تجعلهم يتفوقون على النساء ، فبيئة العمل تعتبر أرض خصبة لممارسة هذا النوع خاصة عبر الوسائل الحديثة ، فالبعض ينتهز وجود شخص ما فى مؤسسة يرغب معرفة اخبار من فيها ، من اصغر موظف إلى هرمها الادارى ، و بأسلوب استدراج بسيط ينقل معلومات من مكان إلى آخر ظناً منه انه أحرز أهدافاً في عمليات السبق الاخباري المشوهة .. ليس كل من يدخل عالم الفيسبوك ينزلق في هاويته ، حيث الشواهد الايجابية لذلك العالم المثير للجدل ، كثيرة واصبحت رقماً في حياة شعوب بعينها مثل ثورات الربيع العربى ، التى انطلقت من ساحته واعادة رسم خارطة بلدان عربية كانت تتطلع للحرية .. فبرغم ذلك تجد أن هناك من لا زال يطوع امكانيات الموقع في (الثرثرة ) واشكالها وهم في الغالب ينطبق عليهم المثل القائل (الخلى عادتو قلت سعادتو) .
الراي العام
هذا بالإضافة للأسماء الوهمية والحركية التي تظهر خلاف ما تبطن ولذلك الحذر الحذر