الغنوشي يقدّم الدليل على اختراق النهضة للأمن التونسي

رئيس الحركة الإسلامية الحاكمة يدلي بمعطيات جديدة عن جريمة اغتيال ضابط أمن، متفوقا على وزارة الداخلية في كشف تفاصيلها.
تونس ـ أثار رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة راشد الغنوشي جدلا في الأوساط الأمنية والسياسية، بعد أن كشف عن هوية أشخاص قتلوا ضابط شرطة رفيع وعن الظروف التي حفت بالجريمة في وقت لم تتوصل فيه الأجهزة الأمنية بعد إلى الكشف عن الجناة مع اعتراف قادة أمنيين بأن العمل الاستخباراتي في البلاد شهد تراجعا.
وبدا الغنوشي كما لو أنه ناطق باسم الأجهزة الأمنية، وهو يعلن أن ضابط الشرطة الذي قتل في حي جبل الجلود يوم 5 مايو الحالي “ذبحته التنظيمات الجهادية بالسيف” من الوريد إلى الوريد و”سلبوا ماله” بناء على “فتوى إمام جامع” لم يكتف فقط بإهدار دم الضابط بل “فتح باب الجامع للجناة بعد الجريمة أين قضوا ليلتهم”.
وعلى الرغم من أن نقابة قوات الأمن، قالت في وقت سابق إن الشرطة السلفية هي التي قتلت زميلهم إلا أن المعلومات التي قدمها الغنوشي بدت الأولى من نوعها وسابقة لكونها صدرت عن رئيس حزب ولم تصدر عن جهة أمنية.
وقال أمنيون إن هناك فرضيتين يمكن أن تفسر كيفية حصول الغنوشي على معلومات استخباراتية دقيقة لم تكشف عنها وزارة الداخلية نفسها.
والفرضية الأولى هي أن يكون الغنوشي توصل إلى المعلومات من مصادر أمنية وفي هذه الحالة فإن ذلك يعني أن الأجهزة الأمنية مخترقة من حركة النهضة التي زرعت العشرات من كوادرها في وزارة الداخلية.
أما الفرضية الثانية فهي أن يكون الغنوشي حصل على المعلومات من نشطاء حركة النهضة، وهذا يعني أن الحركة لها جهاز استخباراتي مواز لجهاز الدولة الرسمي وهو أمر أثاره خصوم النهضة، وطالبوا بوضع حد له.
غير أن زعيم حزب سياسي معروف رجح الفرضيتين معا، مشيرا إلى أن الغنوشي الذي يعتبر الحاكم الفعلي لتونس “استقى المعلومات وتفاصيل الجريمة من أحد قادة الأجهزة الأمنية المخترقة ومن جهاز الأمن الموازي النهضوي في نفس الوقت”.
وأضاف نفس المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع أن “المعلومات التي قدمها الغنوشي تؤكد أن مؤسسات الدولة نخرتها النهضة بعد أن اخترقتها”.
وشدد المصدر على أن مثل هذه التصريحات “هي على قدر من الخطورة ما يستدعي من وزارة الداخلية أن تقيل كوادر حركة النهضة التي تم تعيينها على رأس عدد من الأجهزة خلال فترة تولي علي لعريض الوزارة”.
وحذر قادة استخباراتيون أمنيون وعسكريون يوم الأربعاء 15 مايو/ايار من خطر الاختراق والتوظيف السياسي لأجهزة الدولة الرسمية.
وشدد أحمد شيحة العقيد بالجيش على “ضرورة السهر على تجنب التوظيف السياسي للأجهزة الأمنية والعسكرية لأنه نوع من الاختراق وعامل من عوامل إضعاف المؤسسات الأمنية والعسكرية”.
وتعمل الجهات المختصة بكل من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع على وضع “خطة استراتيجية لتطوير أجهزة الاستعلامات والمخابرات ببعديها الأمني والعسكري”، من أجل وضع “نظام استعلاماتي وطني متطور ومستقل يخضع في أداء مهامه إلى مراقبة مؤسسات الدولة”.
وجاءت هذه الخطة على خلفية تمركز خلايا القاعدة في سلسلة جبل الشعانبي على الحدود مع الجزائر الذي رأى فيه التونسيون مؤشر على ضعف أداء مؤسسات الدولة حتى أنها أصبحت مستباحة من طرف الجماعات الجهادية.
واعترف المدير المركزي للاستعلامات بوزارة الداخلية عاطف العمراني بأن “العمل الاستخباراتي شهد تراجعا” منذ الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الأول 2011 .
وأرجع العمراني هذا التراجع إلى “حالة الإحباط” التي تعيشها قوات الأمن، بعدما أصبحت مستهدفة من الجماعات الجهادية، ملاحظا أن الظرف الذي تمر به تونس “يتطلب تعزيز جهاز الاستعلامات في ظل تنامي التهديدات الإرهابية ودخولها طور تنفيذ العمليات مع أحداث الشعانبي”.
ويبذل القادة الأمنيون والعسكريون جهودا مضنية بهدف تحييد الأمن والجيش عن حالة الاستقطاب السياسي التي تشهدها تونس في وقت “تجاهد” فيه الجماعات السلفية الجهادية من أجل اختراق الجهازين الأمني والعسكري.
ميدل ايست أونلاين