كيف أصبح الشماسي وزيراً

شفافية
كيف أصبح الشماسي وزيراً

حيدر المكاشفي

لو كان فلان هذا وفلان ذاك وفلانة تلك وغيرهم العشرات ممن اصبحوا الآن من ذوي الحظوة والبسطة في السلطة والثروة والجسم ايضا وهم الذين عاشوا حياة البؤس والفقر والتعاسة وخرجوا من اصلاب آباء فقراء ومن بيوت الطين والجالوص والزبالة ودرادر القش ورواكيب القصب وجريد النخل وخيم السعف والشعر والجلود. لو كان هؤلاء قد عاشوا في زمن كان فيه التعليم مثله مثل اي سلعة كمالية غالي الثمن وباهظ الكلفة- كما هو حادث الآن-هل كانوا سيكونون شيئا مذكورا؟ الاجابة التلقائية والمنطقية تقول وبواقع الحال الذي كان عليه اولياء امورهم انهم لن يكونوا سوى أميين لا يفكون الخط او فاقد تربوي ضاعت طفولته ولم يجد لنفسه اي مستقبل غير ان يمارس الاعمال الشاقة والهامشية او شماشة يهيمون في الشوارع يستنشقون البنزين والسلسيون ويقتاتون علي فضلات الكوش ويقضون حاجتهم وليلتهم داخل المجاري.
دائما ما كان يلح على خاطري هذا السؤال مع بداية كل عام دراسي يحيل حين يهل حياة الضعفاء والفقراء ومحدودي الدخل إلي قطعة من العذاب، ودائما ما كنت اجيب عليه بالاجابة التلقائية والطبيعية التي لا يقبل غيرها، ثم اتعجب واستنكر، لماذا لا يسأل هؤلاء الذين ولوا امرنا انفسهم هذا السؤال، هل تراهم نسوا ماضي فقرهم وشظفهم وتنكروا له ولم يعودوا يطيقون تذكره او تذكر اي شئ يعيد عليهم هذه الذكرى التعيسة، ام انها الروح السادية هي التي تقمصتهم بعد ان قفزوا من حضيض البؤس والشقاء إلى مراقي العائلات المخملية و«الناس النقاوة» والمجتمعات الارستقراطية، فأصبحوا يصطافون في جزر هاواي وهونولولو والريف السويسري والفرنسي ويعلمون ابناءهم في مدارس الاتحاد وكمبوني وسان فرانسيس وجامعات كيمبردج وكينجز كولدج وهارفارد والسوربون وغيرها من ارقى الجامعات في العالم، ولم يبق في مخيلتهم ما يربطهم بماضيهم الحزين الذي ركلوه ومسحوه من تلافيف الذاكرة ولسان حالهم يقول «الله يقطع الفقر والفقراء وسنينهم». ونستطيع ان نؤكد بكل ثقة ويقين ان هذا هو ما صار إليه حالهم، فلا شئ يخفي على الناس في السودان، فهم يعلمون أين يدرس ابناء الوزراء وكبار القادة والتنفيذيين والمستشارين في الدولة والحزب الحاكم بينما لا يستطيع الفقراء إلحاق ابنائهم حتى بمدارس الميري علي علاتها وما تعانيه من فقر مثلهم في كل مطلوبات العملية التعليمية في حدها الادني.
قصص محزنة ومؤسفة لا حصر لها وشكاوى بلا عد او عدد تسمعها عن شقاء الناس مع الرسوم الدراسية، واخرى مثلها ولكن اشد ايلاما عن ارباب الاسر الذين اخرجوا اطفالهم من الصفوف المدرسية وابقوهم بالمنازل او دفعوا بهم إلى سوق العمل يبيعون مناديل الورق في الطرقات او اكياس النايلون للمتسوقين او غيرها من مهن هامشية وهم في هذه السن الغضة التي تمنع القوانين ان تزاول اي عمل، ومثل هذا المصير البائس والتعيس الذي يكابده هؤلاء الصغار كان سيكون هو المصير الطبيعي لكثير من قيادات الدولة اليوم لو ان حال التعليم علي زمانهم وهم تلاميذ وطلاب كان مثل حاله اليوم وهم قادة، الذي أنقذهم من أن يصبحوا شماسة ورفعهم إلى أن يصبحوا وزراء وساسة هو انهم في زمانهم أكلوا في المدارس وشربوا وسكنوا وترفهوا ووجدوا العناية الطبية فيها من المراحل الاساسية وإلى ما فوق الجامعية بالمجاااان.

الصحافة

تعليق واحد

  1. تعرف ياود المكاشفي انا كنت ماركسيا احلم بثةرة البروليتاريا وانحيازها للطبقة الكادحة ولكن بعد ان الت الامور في بلادي الي رفاقي في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ورايت بام عيني احجم العذاب الذي ساموه للطبقة الكادحة ايقنت ان ماركس كان غلطان وسكران كمان
    لان هؤلاء الغبش الذين حكموا بلادنا قد تناسوا الكادحين تماما وطردوهم من الخدمة واغلقوا داخليات الطلبة الي اوصلتهم لكراسي الحكم
    ورحلوا الي ناطق لايصلها الكادحون في المعمورة والمنشية بل ان بعضهم ارتحل الي نمرة2 حيث يستمد الحي العريق عبقه من ارقس سكانه وحضارتهم فاحالوهو الي سكن شعبي تحوم فيه الحمير ويتجول فيه تجار استبدال الملابس بالعدة تماما كاالحي الذي اسكن فيه حاليا
    ونكحوا النساء مثني وثلث ورباع بينما الغلابة واقعين طلاق لقلة ذات اليد
    لقد باعت الحركة الاسلامية خطابها ولم يعد لها بضاعة للبيع

  2. سلامات أخي الكريم حيدر المكاشفي
    داير اسالك سؤال خارج النص : مسؤول من الخير هنولولو دي وين؟؟؟
    ا

  3. الحل سهل
    وزير النقل و المواصلات يركب البص
    وزير الاسكان اقعد فى الشارع لحدة ما الخطة الاسكانية تديهو ارض وان كان عندو قروش ابنى
    وزير المالية بى الحد الادنى للاجور و مافى حوافز ولا بدلات
    وزير التربية ولدو اخش التعليم الحكومى ابو خيمة و دق
    مافى عربات ولا سفر
    شوفو بعد داك البحصل
    وزير الدفاع امشى مكتبو فى جنوب كردفان

    و الحكومة تقعد ما تمشى ولا تتقلب لانو سيدى و شيخى و امامى اخير منهم ديل

  4. يا سلام يا استاذ هو الفقر ما عيب بس كيف وصل هولاء الى ما هم فيه الان بتاكيد كان لانتماءتهم الحزبيبه والعرقية كبير الاثر اذن الذي يجيد عمله هو الذي يتوصل اليه بطرق الشرعية:cool:

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..