خريجون مع وقف التنفيذ .. الشهادات الجامعية.. جواز مرور للمصحات النفسية

الخرطوم/ سلمى سلامة :

كعادته كان يذهب، كل صباح إلى ( كشك) الجرائد ، يتصفح الأخبار ويتابع إعلانات الوظائف، في الصحف.. هكذا تشكلت حياة الشاب (محمد) منذ تخرجه قبل اربعة اعوام من كلية التجارة قسم المحاسبة، من إحدى الجامعات السودانية، كان يقف في ذلك الـ (كشك) ، وكله أمل أن يجد اعلانا لوظيفة تكون من نصيبه ، ولكن في كل مرة يخيب امله ، بعد أن تعبت أقدامه من الركض وراء حلمه (وظيفة) ، وهو يتأبط شهاداته (المميزة) ، التى تغير لونها بفعل الزمن ، وتغيرت معها حياته ، بعد أن انتهى به المطاف في شرك الأزمات النفسية .. وهو يحاول العبور فوق ازماته الطاحنة ، قرر أن يجرب حظه في العمل الحر ، ترك شهاداته في درج خزانته ، و بدأ مشوار البحث عن عمل ينتشله من شر الجلوس على رصيف (العطالة)

ولكن حتى بعد تقديم التنازلات لم يوفق (محمد) في كسر عقدة أنه (عاطل) .. تأزم وضعه النفسي ، وبات كثير الشرود ، وعصبي المزاج فهو يثور ثورة عارمة في من حوله لـ (اتفه) الاسباب .. وعندما رأت اسرته حالته خشيت عليه ، فقامت بعرضه على اختصاصي أمراض نفسية وعصبية ، عله يخفف عليه وطأة احساسه بالتحطيم النفسى ، ومضى الشاب في رحلة العلاج الطويلة على يد ذلك الاختصاصي .. (أحمد عثمان) تجاوز عمره (28) عاماً ، فهو خريج آداب لغة انجليزية ، منذ تخرجه ، واظب على تقديم شهاداته فمتى ما طرحت وظائف دفع بها فى شباك التقديم ، ولكنه لم يوفق يقول : عندما دفعت بشهادات تخرجى آخر مرة ، وعند ظهور اسماء المتقدمين للجلوس لامتحان المعاينات لم أجد اسمى ذهبت لاستفسر ، فصدمت بأن السبب هو عمري ، لأن الأولوية كانت للخريجين الجدد ، سلكت طريقى احفر في صخرة قدرى حتى وجدت عملا في مجال البناء وهو (نقاشة) . وقلت فى نفسى (القحة ولا صمت الخشم).

مشوارهم يبدأ بفرح وينتهى بجلوس طويل الأمد على رصيف الانتظار لوظيفة ، فهم خريجون يحملون شهادات أكاديمية مختلفة ، يتدافعون بها أمام شباك لجنة الاختيار ، ولكن النتيجة تجهض أحلامهم وهم في سن (العطاء) ، فموت الامل في داخلهم ، جعلهم فريسة للأمراض النفسية .. الدكتور نصر الدين أحمد ادريس ـ رئيس قسم علم النفس بجامعة افريقيا العالمية ، طرحنا عليه قضية مشكلات عطالة الخريجين والأزمات النفسية فتحدث قائلاً : فيما يتعلق بهذه الظاهرة التى يعانى منها الشباب ، بعدم تمكنهم من الحصول على وظيفة تحقق الحد الأدنى من احتياجاتهم ، نؤكد اولاً على أن هنالك ضغوطا نفسية شديدة تقع على هؤلاء الشباب ، وأذا اردنا التحدث عنها لابد من الإشارة اولاً إلى عامل أساسى وهو ما يتعلق بـ (خصائص المرحلة) ويقصد بها أن الفرد أو الانسان يمر بمراحل في حياته تبدأ بالطفولة وتمر بالنضج وبالتالى يبدأ رحلة التعليم من الروضة إلى أن يتخرج من الجامعة كحد أدنى ، ومن خلال هذه المراحل التعليمية والعمرية تتشكل اتجاهاته في الحياة لا سيما من ميوله المهنية وبالتالى فأن الأسرة والمجتمع أيضا يعملان على تشكيل تلك الاتجاهات وكذلك من الأسر ما تعمل على التخطيط على أن يخرج الابن من خلال تخصصه الأكاديمى ، في اتجاهات مهنية محددة وكذلك فأن الطموح والرغبة والأمنيات التى يسمعها الابن من الأسرة وكل هذه الظروف عوامل تصب في اتجاه أن هذا الفرد ينتظر على أحر من الجمر وتنتظر كذلك الأسرة أوان تخرجه .. ويضيف نصر الدين أن مسألة مهمة تضغط في هذا الاتجاه وهى الظروف الأسرية السيئة لقطاع كبير من الأسر السودانية والتى تنظر إلى ابنائها باعتبارهم الأمل للخروج من مآزق الفقر, بالتالى فأن كل ما ذكر يصب فى ذات الفرد وتؤثر في تفاصيله لأنه كذلك يشارك أسرته تلك الأحلام (الوردية) .. ويرى أنه عندما تأتى لحظة التخرج من الجامعة تجد أن الأسر تفرح وتبتهج أيما بهجة حيث يلاحظ ذلك جليا فى كرنفالات (التخاريج) التى أخذت فى هذا الاتجاه حتى خرجت عن المألوف فصارت هى كذلك ظواهر سالبة ( وهذه مشكلة لوحدها) ، عليه تبدأ المعاناة النفسية للشاب عندما يبدأ في رحلة البحث عن الوظيفة والبحث المضنى الذي ينتهى إلى باب آخر يتعلق بالتنازلات لأنه يبدأ بالبحث عن الوظيفة التى ترتبط بتخصصة وينتهى إلى البحث عن أي عمل وبالتالى يتلاشى الأمل للفرد و يتوقف طموح الأسرة حيث يضاف إلى افراد آخرين يصطلح عليهم بـ (العاطلين) .. كانما تتوقف حياة الفرد وكأنما يتوفق نموه الطبيعى حيث يتملكه العجز بعدم حصوله على وظيفة ترضى الحد الأدنى من الطموح وتلبى الاحتياجات الملحة للأسرة .

الراي العام

تعليق واحد

  1. اي شغل ممكن تشتغل فيهو

    لا تنظر الفرج من شباك الحكومة او القطاع الخاص

    الاتجاه للعمل الحر اهون

    كسرة :

    حمله دكتوراه في عهد الانقاذ متبطلين …… ما رايك ؟؟

  2. فالعام 1994م تخرجت من الجامعة مهندس زراعي واديت الخدمة الوطنية وخلصتها في منتصف 1995م وبداءت رحلة البحث عن وظيفة لمدة ستة اشهر في الحكومة والقطاع الخاص من غير فائدة . وفي زات يوم اعلنوا عن وظائف في لجنة الاختيار وقدمت فيهاواجتزت جميع المعاينات المقررة ولكنني فوجئت
    برئيس اللجنة يطلب مني خطاب تزكية فسالته يعني ايه تزكية فرد علي المطلوب خطاب من جهة نافذة
    (واسطةيعني اوخطاب من اي قيادي بارز)حتي تستطيع ان تشغل الوظفية.فمنذ تلك اللحظة ايغنت بان هذه البلد لاخير فيهاطالما كان هذا هو المعيار الذي به يوظف الشخص في بلده . فعزمت وتوكلت علي الله وهاجرت ولله الحمدوجدت كرامتي وكونت اسرتي وساعدت اهلي وانا في المهجر والي الان فما حققته في الغربة لم اكن لاحقق ربعه في مائة سنة في بلدي الذي احزن للحالة التي وصل اليهااللهم الطف به.

  3. وهذه مخرجات ونتائج ( ثورة التجهيل العالى ) …ان يتخرج الالاف من انصاف المتعلمين ليتصارعوا فى وظائف على اصابع اليد ..لينشاء وينموا الحقد والحسد والتنافر وسوء الظن وتنعدم الثقة داخل النفوس بين الخريجين بسبب ذلك التنافس الغير شريف ..!! ذلك بالضبط ما كان يقصده مهندسين الكيزان عندما انشاؤا ستين جامعة عامة وخاصة من غير اى بنية تحتية او اساتذة مؤهلين او ميزانية فى اقل من سنتين ..!!! ومن غير اى دراسة اين سيتم استيعاب جيوش الخريجين هؤلاء …؟؟ ليسهل تركيعهم وابتزازهم وتقييدهم او ليعملوا جواسيس وغواصات على زملائهم الشرفاء داخل المؤسسات….؟؟؟ دول الخليج لم يكن يعجزها ان تنشىء مئات الجامعات وتستجلب لها الاف الاساتذة المؤهلين من كل دول العالم وترصد لها الميزانيات الضخمة وهى بفضل الله قادرة على ذلك..؟؟ ولكن لماذا لم تفعل ..؟؟سؤال كبير واجابته سهلة …؟ ليست هنالك حكومة مهما بلغ بها الغباء ستفتح كل هذا العدد من الجامعات والمعاهد العليا فجاءة لتخلق لنفسها جيوش من البطالة …والعاطلين ..اضافة الى مراعاة النمو الاقتصادى وحوجة البلد على المدى البعيد…ولكن لان حكومتنا كانت ترمى الى شغل الناس بامور اخرى والصراع فيما بينهم على الموارد الضعيفة اصلا ..

  4. انا خريج من 2006م بس اشتغلت شغل خاص كتير …. الحمد لله ربنا وفقني في وظيفة في مجال دراستي في شركة خاصة كبيرة بعد سنين الاحباط …..
    انا مبسوووووووووووووووووط شديد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..