أخبار السودان

انقلاب أم ثورة؟ : قراءة في التجربة السودانية

تاج السر عثمان

* بعد عامين من الاستقلال واجهت الحركة السياسية السودانية في 1958 أول إنقلاب عسكري من نوعه في السودان ، انقلاب عبود في 17 نوفمبر 1958 .

كان الانقلاب ضد نظام ديمقراطي منتخب، وبعد الانقلاب تم حل البرلمان والاحزاب والنقابات، واصدار القوانين المقيدة للحريات مثل قانون دفاع السودان الذي صادر حريات التعبير والنشر والتنظيم،

قاومت فئات الشعب السوداني المختلفة ومن ضمنها قوي المعارضة داخل الجيش التي نظمت أربعة انقلابات عسكرية فاشلة في: مارس 59 ومايو 59 ونوفمبر 59. بعد دراسة تلك التجارب طرح الحزب الشيوعي السوداني شعار الاضراب السياسي أداة للاطاحة بالنظام في بيان المكتب السياسي الصادر في أغسطس 1961 . وتواصل نضال الشعب السوداني ضد الديكتاتورية العسكرية حتي كانت ندوة جامعة الخرطوم التي فجرت شرارة ثورة اكتوبر 1964م، وتم تكوين جبهة الهيئات التي اعلنت الاضراب السياسي العام والعصيان، وكان انحياز الجيش من خلال ضغط الضباط الاحرار علي الفريق عبود حتي تم اجباره علي الاستقالة، وتم انهاء الديكتاتورية واستعادة الديمقراطية.

في نوفمبر 1965م تم انقلاب مدني علي الديمقراطية عندما اصدرت الجمعية التأسيسية قرارا بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، كان ذلك القرار من قبل تحالف احزاب الامة والاتحادي والاخوان المسلمين بقيادة الترابي، رفع الحزب الشيوعي قضية دستورية ضد قرار الحل ، وحكمت المحكمة لصالح الحزب الشيوعي ، باعتبار أن قرار الحل باطل، رفضت الحكومة برئاسة السيد الصادق المهدي قرار المحكمة الدستورية، والذي اعتبره الصادق حكما تقريريا، وكان ذلك انتهاك لاستقلال القضاء، مما ادي لاستقالة رئيس القضاء وانتهاك حكم القانون. وكان ذلك من اسباب انقلاب مايو 1969م.

وكان انقلاب مايو 1969

الذي واجه مقاومة جماهيرية ومقاومة عسكرية تمثلت في انقلابات عسكرية ومقاومة مسلحة مثل: احداث الجزيرة أبا 1970م، وا نقلاب 19 يوليو 1971م، وانقلاب سبتمبر 1975م، واحداث يوليو 1967م.

وبعد تجارب المحاولات الانقلابية الفاشلة والنهوض الجماهيري الذي حدث في اغسطس 1973م ، طرح الحزب الشيوعي السوداني في دورة اللجنة المركزية في يناير 1974م الاضراب السياسي العام والعصيان المدني اداة للاطاحة بديكتاتورية مايو ، وتواصلت المقاومة الجماهيرية حتي تم تكوين التجمع النقابي بعد اعدام الشهيد محمود محمد طه في يناير 1985م، وتطورت المقاومة حتي اعلان الاضراب السياسي والعصيان المدني ، وتم تكوين التجمع الوطني لانقاذ الوطن الذي ضم الاحزاب والنقابات، وحدثت انتفاضة مارس- ابريل 1985م التي انحاز لها الجيش ، وتم انهاء حكم الفرد واستعادة الحقوق والحريات الديمقراطية.

مع تطور الصراع في فترة الديمقراطية الثالثة ، ضاقت الجبهة القومية الاسلامية بقيادة د. الترابي بالديمقراطية ونظمت قيادة الجبهة انقلاب 30 يونيو 1989م، الذي كان من ابشع الانقلابات العسكرية التي مرت علي السودان، حيث تم تشريد واعتقال وتعذيب الالاف من المعارضين السياسيين والنقابيين، وتم توسيع نطاق الحرب ليشمل دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وشرق السودان، وكان من نتائج ذلك انفصال جنوب السودان، وحدثت مقاومة جماهيرية ومسلحة ضد الانقلاب مازالت رحاها دائرة حتي الآن.

* واضح من السرد اعلاه للتجربة السودانية، أن البلاد شهدت 3 انقلابات عسكرية ضد انظمة ديمقراطية منتخبة كانت وبالا علي البلاد، وهي انقلاب الفريق عبود في نوفمبر 1958، وانقلاب العقيد النميري في مايو 1969م، وانقلاب العقيد البشير في يونيو 1989م.

السمات المشتركة لهذه الانقلابات أنها صادرت الحقوق والحريات الديمقراطية ( حل الاحزاب والنقابات، والبرلمان، مصادرة حرية التعبير والنشر والتجمع والمواكب، اعلان حظر التجول وحاالة الطوارئ?الخ.

كما شهدت البلاد ثورة اكتوبر 1964م التي انحاز لها الجيش وتم استعادة الديمقراطية، وانتفاضة مارس ? ابريل 1985م ، التي انحاز لها الجيش ، وتمت انهاء حكم الفرد واستعادة الديمقراطية، رغم سلبية تلك التجربتين التي تتمثل في انتكاسة ثورة اكتوبر 1964 وانتفاضة مارس ابريل 1985م، مما يتطلب مستقبلا حماية ثورة الجماهير حتي انتصارها النهائي.

التجربة السودانية تساعدنا في فهم ماحدث في مصر علي خلفية الجدل الدائر في بلادنا حول ماحدث في 30 يونيو 2013 ، هل هو انقلاب ام ثور؟.

واضح من دراسة واقع وتجربة الثورة المصرية أن ماحدث في يناير 2011م هو ثور شعبية انحاز لها الجيش تمت الاطاحة بحسني مبارك.

وكذلك ماحدث في 30 يونيو 2013م كان ثورة شعبية اعمق واوسع من الاولي ، يتضح ذلك من حجم الجماهير المعارضة لحكم مرسي والتي تقدر ب 27 مليون في كل انحاء مصر. وهي سابقة تؤكد حق الشعوب في اقتلاع الحكام الطغاة والفاسدين، وهذا التجربة سوف يكون لها تأثير كبير علي المنطقة العربية والعالم. وهي تجربة تحتاج لدراسة عميقة لاستخلاص دروس منها.

الميدان

تعليق واحد

  1. ما حدث في مصر لم يكن ثوره حتي هم بقولوا انها انتفاضه شعبيه ، و الانتفاضه اقل شموليه من الثوره .
    بغض النظر عن ما حدث في مصر ثوره ام انقلاب في بعض الاحيان الواحد بحس انه مجبر ينحاز لطرف علي حساب اخر فقط لانه بيعتنق نفس الايدلوجيا ، يعني احنا هنا معارضين للاسلاميين او الاسلامونطجيين السودانيين لانهم دمروا البلد و قسموها و ما في سوداني سلم من اذأهم و دي حاجه كلنا متفقين عليها بس ما بالضروره نناصر العسكر و المعارضه اللبيراليه ضد الاخوان و باقي الاسلامونطجيين فقط لاننا محكومين بنظأم اسلاموي استبدادي و ننسي انه النظأم دا قايم علي عموديين
    ( عساكر و اسلامونطجيين ) كانوا هم القاسم المشترك في كل المصائب الحصلت في السودان من الاستقلال حتي الان و الاسلامونطجيين دي بتشمل الاسرتين الطائفيتين الاونطجيتين المتاجرتين بالدين ( ميرغني و مهدي ) برضو زي الكيزأن ،
    بعدين المفروض انحيازنا يكون لمصلحه وطنا قبل مصلحه احزأبنا او توجهاتنا الفكريه يعني في مساله مصر بالتحديد شنو الفايده الحتعود علينا اذا حكم مرسي و لا السيسي و لا البرادعي و لا حتي فيفي عبده ؟؟؟؟
    مافي اي تغيير بالنسبه لينا المصريين ياهم في عنصريتهم و انتهازيتهم و غطرستهم و لسه بنظروا للسودان علي انه المزرعه الخلفيه بتاعتهم و هم اصلا ما بعترفوا بحاجه اسمها سودان زي ما قال العكش ( مفجر ثوره 30/6 ) و دا غير حملات الشتائم البقودها اعلامهم ضدنا كل فتره و التانيه و كمان ما ننسي و احنا بنطبل و بنزمر للمصريين انهم محتلين اجزأء من ارضنا و بوضع اليد يعني بالرجأله صحيح انهم استغلوا خيانه و خيابه نظأم البشير بس احنا كمان ما مطلوب مننا نتقبل و نقتنع بانها ارضهم و نخليها ليهم و اضعف الايمان اننا نقاطع المحتلين و لو مقاطعه شعبيه عشأن هم يعرفوا انه احنا ما بنفرط في ارضنا مهما يكن .
    قاطعوهم زي ما هم بقاطعوا اخبارنا ، مصر لا دوله عظيمه و لا دوله مؤثره اقليميا و لا دوليا ، مصر دوله فقيره ياكل اهلها من السياحه الجنسيه و التخلف و الجهل و الفساد ينخر في جسدها مثل كل الدول المتخلفه ، احنا لازم نتفك من حكايه الاخت الكبري و قائده العرب و ام الدنيا و باقي الكلام الفارغ دا احنا عندنا حضأره اعرق منهم و عندنا مستقبل ازهي منهم ، ورونا اخبار افريقيا و احكوا لينا عن التقدم الهائل البحصل فيها في كل المجألات قربونا منهم عشأن نحصلهم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..