أخبار السودان

وصية المرحوم السادن

وصية المرحوم السادن

كمال كرار
جمع السادن ? البائن ? ، وهو يحتضر ، مريديه وتلاميذه المخلصين ، السماسرة والتماسيح وأشباههم لسماع الوصية الأخيرة المهمة والخطيرة والتي بدونها لا (يستقيم ) النهج الطفيلي .
ولما اجتمعوا في بيته الكائن بضاحية كذا ، وترقرقت دموعهم لفراق ? شيخهم ? الوشيك قال لهم لا تحزنوا ، فبفضلكم صار الدولار عملة عالمية .
ولما ظنوه يهطرق شرح لهم حال الجنيه السوداني حتي 1978 عندما كان يساوي 3 دولارات ، وكيف أن وزنه في البورصات العالمية كان ذهباً ، إلي أن اكتشف (هو شخصياً ) مصطلح التعويم وسوق برندات شارع الجمهورية والمقولة المشهورة ? دولار ريال شيك سياحي ? فهوي الجنيه إلي القاع وصعد الدولار إلي القمة .
وبأصابعه المرتعشة فتح السادن شنطة قديمة كانت قربه واستخرج منها شهادة شكر وعرفان من المحفل الماسوني بالقارات الخمس تشكره علي وفائه للدولار وتمنحه لقب ? السمسار البار ? .
ثم نادي السادن المحتضر ابنه الأكبر لقراءة الوصية التي جاء من أجلها السدنة والتنابلة من كل حدب وصوب .
كانت الوصية عبارة عن جملة واحدة تقول ? عليكم بالذهب الأبيض ? جواً وبراً وبحراً ، فلما التفتوا إليه مستغربين كان قد أسلم الروح .
قالوا لقد أصابته لوثة قبل موته فالذهب الأبيض ( القطن ) راح في ستين داهية بسبب قانون مشروع الجزيرة والشراكة الذكية واللجنة الفنية و? اخوان ? بهية .
ولكن سمساراً ذكيا ? نط ? وسط التنابلة قائلاً يا أغبياء لم يكن ? الشيخ ? يعني القطن بل السكر وهو ذهبنا الأبيض ومنبع ثروتنا ، قوموا إلي نهبكم يرحمكم الله .
وانطلق السماسرة والمرابون في كل ناحية تسندهم القرارات السلطوية .
ونقل السكر جواً من البرازيل إلي الدردنيل وبلاد تركب الفيل ، وبحراً إلي بورتسودان ومخازن ? أم التيمان ? وبراً من المصانع والمنابع إلي حيث ? تنقنق ? الضفادع .
? الشوال ? أبو خمسين كيلو صار خمسة من أبو عشرة كيلو وعشرة من أبو خمسة كيلو وفي كل كيلو جنيه ونص فايدة بعد خصم التكاليف والمنصرفات .
ونقل آخرون السكر إلي دارفور وتشاد وامبدة كرور وباعوا الرطل القديم باتنين جنيه ونص ، وسادنات جلبن سكر البنجر بتصديقات المدعو عنتر .
ويذهب محمد أحمد الغلبان إلي تاجر الجملة بحثاً عن السكر بالسعر الرسمي ، فيسمع الجملة المعهودة ? تعال بكرة ? .
ويشتري آخرون السكر ? باللفة ? ومعناها تشتري معاهو صابون وزيت وشعيرية بما يعادل نصف مليون جنيه قديم .
ومن مخزن إلي مخزن يتحول السكر الأبيض إلي دولار أخضر بفضل وصية المرحوم السادن البائن .
سبعة مصانع والسكر ضايع علي حد قول صديقي الكاريكاتيرست مصدق مصطفي حسين ، أخبار ? الضحية ? إيه والكيلو ب 30 جنيه !!

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..