الحمد لله لست الرئيس

بشفافية

الحمد لله لست الرئيس

حيدر المكاشفي

ما أعظم المسؤولية وما أثقل أمانة التكليف التي تقع على عاتق الرؤوساء والولاة، وكل من ولي من أمر الناس شيئاً! أحمد الله مثنى وثلاث ورباع على كوني مواطنا بسيطا مبلغ همه في هذه الدنيا الفانية «أم بنايا قش» أن يعيش مستوراً لا يتكفف الناس أو يسألهم الحافاً، ولا يقف على أبواب السلاطين وقوف مسكنة وذلة واستجداء ليخرج منها بالعطايا والهدايا والمكرمات، أو ينال بها منصباً أو جاهاً، ومن نصائح أبونا الشيخ عبد الباقي المكاشفي، تحذيره من الوقوف على أبواب السلاطين والتطلب منهم، كما أنشد حكيمنا السوداني الأشهر الشيخ فرح ودتكتوك القصيدة الشهيرة التي يقول مطلعها:
يا واقفاً عند أبواب السلاطين أرفق بنفسك من هم وتحزين
من يطلب الخلق في جلب مصلحةٍ أو دفع ضرٍ فهو من المجانين
استغن بالله عن دنيا الملوك كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
وأعلم بأن الذي ترجو شفاعته من البرية مسكين ابن مسكين…
هذا غير عشرات الأدبيات التي تحفل بها كتب السيرة والفقه، وجميعها تحذر من التزلف إلى السلطان والوقوف على أبواب قصوره رهبة من سلطانه أو طمعاً في عطائه…
نعم، لقد حمدت الله كثيراً على أنني لم أكن صاحب مسؤولية عامة على أي مستوى كبرت أو صغرت، وأنني لست سوى مواطن من الرعية، لا سلطة لي ولا مال ولا كلمة ولا نفوذ، وكيف لا أحمد الله على أنني لست رئيساً للبلد ولا والياً على الخرطوم وصرخات تلك المرأة الجائعة تشق القلوب قبل الاذان «أنا جائعة، أنا جائعة، أنا جائعة»، وما تتفطر له القلوب حزناً ويزيدها لوعة أنه في الوقت الذي كانت تجلجل فيه هذه الاستغاثة الحزينة التي لا تطلب سوى سد الرمق وتهدئة لسعات الجوع وقرقرة البطن الخاوية، كان وفد من السلطة يقله رتل من العربات يشق الشوارع ليتوقف عند منزل فنان أو ملحن أو لاعب كرة شهير مع احترامنا لهم جميعاً أو غيرهم من الشخصيات المحظوظة التي وقع عليها الاختيار دون معرفة على أي معيار تم ذلك، ولماذا هؤلاء دون خلق الله الآخرين؟، فيتم استقبال الوفد واستضافته على أحسن ما يكون، ثم يتبادل الطرفان الكلمات وتختتم الزيارة الرئاسية بتكريم من وقع عليه الاختيار لتلك الليلة، في هذه اللحظة الرئاسية العامرة بالانس اللطيف والمسامرة الجميلة، كانت سيدة مكلومة هدها الجوع تطلق استغاثة مكتومة عبر الاذاعة الرياضية إف إم (104)، أنا جائعة، أدركوني أنا جائعة، أنا جائعة، وكانت الاذاعة في تلك الآونة تبث برنامجاً خصصته للتكافل وفعل الخير، ولم تكد المرأة تكمل عبارتها حتى انقطع الارسال ولم يجد أهل الاذاعة ما يدلهم عليها سوى الرقم الذي اتصلت منه، ولكن ما هي إلا هنيهة زمن حتى تقاطرت الاتصالات من المستمعين من كل حدب وصوب يقولون لبيك أيتها الجائعة، ويعلنون تبرعاتهم وبعضهم يبكي وبعضهم استطاع في زمن قياسي الحصول على عنوانها كاملاً (أم بدة سوق ليبيا،) وبعضهم اتفقوا على أن يجتمعوا ويجمعوا ما يستطيعون ويتناولوا معها افطار اليوم، وكل هذا يحدث والسلطة لاهية وساهية ومشغولة ببرامج التكريم التي لا شك أنها ستدخل في باب الحرمة والحرام، طالما كان هنالك جائع ولو واحد لا يجد ما يقيم أوده.

الصحافة

تعليق واحد

  1. ما زال في هذا الشعب الخير استاذ حيدر أما أصحاب السلطة فاننا ندعوا الله ان يشتت شملهم في هذا الشهر الكريم ….

  2. اخى حيدر رحمة الله عليك والحمدلله الذى عافانا وابتلاهم
    سئل يوسف عليه السلام ;(لم تجوع وانت على خزائن الارض)
    قال عليه السلام ;(اخشى ان اشبع فأنسى الجوعى)
    هؤلاء جأوا ليشبعوا فشبعوا ونسوا الجوعى والانقاذّ
    ذبحوا مبادئهم على النصب…..الا تعلم انهم ابناء جوع والفقر يطاردهم شبحا
    😀 😀 😀 😀 😡 😡 😡 😡 😡 😡 😡

  3. اين ديوان الزكاة ؟ اين ودالخدر صاحب الباشمهندس ودميرغنى .. الذى لا يظلم عنده احد؟ ده حرام ياجماعة .. استغفر الله العظيم

  4. الاخ حيدر سلام
    فى موروثنا السودانى كان هناك (تكيه)
    اعتقد نحن اليوم احوج الى تكيات بالدات فى الاحياء الفقيره وهى من واجب ديوان الزكاه
    و شكرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..