الأزمة في دارفور وضرورة الحل الشامل 2-2..اا

الأزمة في دارفور وضرورة الحل الشامل 2-2

بقلم: تاج السر عثمان

تناول الكاتب الحلقة السابقة من مقاله فشل الحلول الجزئية و الخلل الأساسي في اتفاقية نيفاشا هو الثنائية، وعدم شمولها لكل اقاليم السودان، و تلبية مطالبها العادلة في الثروة والسلطة والحكم الذاتي والتنمية المتوازنة وتوفير الإحتياجات الأساسية في التعليم والصحة والخدمات..الخ، وتكوين مجلس رئاسي يمثل كل اقاليم السودان: الجنوب، دارفور، الشرق، كردفان، الأوسط، الشماليةواكد علي أن الحل الشامل هو الذي يحقن الدماء بدلا من الحلول الجزئية التي تعيد إنتاج الأزمة مثال لذلك انفصال الجنوب وعودة الحرب بعد الفشل في تنفيذ جوهر الاتفاقية الذي يتمثل في التحول الديمقراطي والتنمية وتحسين الأوضاع المعيشية، وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، بحيث يكون خيار الوحدة هو الجاذب في الاستفتاء على تقرير المصير،

كما أبدي ملاحظاته علي اتفاق الدوحة الأخيرمبيناً أنه تجاهل مطالب موضوعية لأهل دارفور مثل: وحدة الاقليم واغراقها في استفتاء تكون نتيجته معروفة سلفا في ظل نظام الانقاذ الحالي، وطبيعة الدستور والقوانين التي تحكم البلاد والحقوق الأساسية للمواطنين، في ظل حالة الطوارئ والقوانين المقيدة للحريات، إضافة إلى عدم وجود ضمانات لتنفيذ الاتفاقية. إضافة إلى أن التعويضات غير مجزية، هذا إضافة إلى أن نظام الانقاذ افرغ دستور 2005م من محتواه، وأصبحت وثيقة الحقوق حبرا على ورق بسبب وجود القوانين المقيدة للحريات، مثل قانون الأمن والصحافة..الخ، وبالتالي فإن الحاجة لدستور ديمقراطي جديد يكفل الحقوق والحريات الديمقراطية والتعددية الثقافية والدينية والعرقية وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات والتداول الديمقراطي للسلطة، واستقلال القضاء وحكم القانون وقومية التعليم والخدمة المدنية والقوات النظامية . في هذه الحلقة الثانية والأخيرة يتناول المهام العاجلة لحل الأزمة.

الوضع في دارفور معقد ولا يصح اختزاله، كما يصور نظام الانقاذ، في نزاع أو خصومة عرقية بين العرب والافارقة، فمجتمع دارفور هو نتاج تطور تاريخي طويل تمازجت وتصاهرت فيه قبائلها وشعوبها، ولكن سياسة الانقاذ هي التي اذكت وأثارت الفتنة العرقية التي كانت نائمة. كما أن أهل دارفور قادرون على حل مشاكلهم اذا كانت قبلية أو عرقية أو حول حواكير..الخ، ولكن المشكلة سياسية وقومية ، وتحل في إطار مشاكل السودان ككل، والتي تتطلب بعد انفصال الجنوب اسقاط نظام الانقاذ الحالي الذي يعني استمراره المزيد من تمزيق ماتبقى من وحدة الوطن، وتكوين حكومة انتقالية تنجز التحول الديمقراطي وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وحل قضايا مابعد الانفصال وجنوب النيل الأزرق، ووقف الحرب في جنوب كردفان وحل قضية ابيي، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع وتفتح الطريق لإعادة توحيد الوطن، ودستور ديمقراطي يكفل الديمقراطية التعددية والتنوع الديني والثقافي واللغوي، وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

وبالتالي، فإن مصلحة قبائل وشعوب دارفور( عربية وافريقية) في التحول الديمقراطي والتنمية والحكم الذاتي والتعايش السلمي بينها.

*كما أنه من المهم دراسة الخلفية الاجتماعية والتاريخية للمنطقة التي تساعد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ننشدها للاقليم، أن تأخذ في الإعتبار خصوصية الاقليم وتاريخه وواقعه في الإعتبار، ولابد من الاستناد إلى الاعراف والتقاليد الايجابية المتوارثة من عهود سلاطين دارفور في حل النزاعات القبلية وتنظيم حركة الرعي والمراحيل وحسب ما توصلت مؤتمرات الصلح السابقة مثل مؤتمر صلح 1989م. وكذلك احترام حق الجميع في الإستفادة من الحواكير، بإعتبار ذلك هو الضمان للاستقرار وحل النزاعات التي هزت الاقليم، وضرورة التعايش السلمي لكل القبائل في الاقليم، ونبذ محاولات الاقصاء العرقي الضار بوحدة الاقليم ونسيجه الاجتماعي، كما أنه لابد من إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في هذا الاقليم ذو التاريخ التليد، وتوفير خدمات التعليم والصحة والعناية البيطرية للحيوانات، وتحقيق التعايش السلمي بين قبائل الاقليم المختلفة، وإزالة آثار الجفاف والتصحر باحياء عملية نشر الغطاء النباتي، هذا فضلا عن أن بالاقليم إمكانيات هائلة كامنة للفائض الاقتصادي في القطاعين الزراعي والحيواني، واذا ما تم الاهتمام بهما يمكن أن يكونا مصدرين مهمين لنهضة وتطور الاقليم والبلاد، حيث لا تقل الثروة الزراعية والحيوانية أهمية عن البترول ، إضافة لثروات الاقليم الأخرى من بترول ومعادن وغيرها. ويبقى من المهم الوقف السريع لإطلاق النار وعودة اللاجئين إلى اراضيهم الزراعية ومراعيهم، والتعويض العادل عن الخسائر الناجمة ومحاكمة مجرمي الحرب ونزع السلاح، ونزع سلاح الجنجويد.

إن عودة اللاجئين إلى اراضييهم ومواطنهم الأصلية، يعني تخليص شعب دارفور من مذلة الإعتماد على الإغاثات مع تقديرنا للمجتمع الدولي التي وفرها عند الشدة، ويعني ايضا عودة شعب دارفور إلى وضعه الطبيعي كشعب منتج، كان مكتفيا ذاتيا من حيث توفير الغذاء لنفسه منذ عهود السلاطين، وبالتالي يرجع إلى وضعه الطبيعي عزيزا مكرما بعيدا عن مذلة وهوان الإغاثات.

لقد اكد تطور الأحداث ضرورة حل قضية دارفور في إطار قومي شامل، وضرورة قيام مؤتمر جامع تشارك فيه كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وحل القضية عبر الحوار الجاد والوسائل السلمية بين الحكومة واطراف الحركات المعارضة، بما يؤدي إلى وقف الحرب والاقتتال وتحقيق التنمية في الاقليم، ومعالجة جذور المشكلة. وتحقيق التحول الديمقراطي بإعتباره مفتاح الحل للازمة في دارفور، وعود النازحين إلى قراهم في أسرع ما يمكن والتعويض العادل عن الاضرار التي لحقت بهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..