أمين حسن عمر : لا أعتقد أن هناك أشخاصاً في الحزب الشيوعي السوداني ملحدون..وهذا هو شكل الزي الرسمي لدى الاخوان المسلمين

حوار ? صلاح حبيب

} وأنت بالحزب الشيوعي هل اطلعت على كتب الشيوعيين؟
– اطلعت على الكتب الرائجة وقتها أو على ترجمات الكتب الرائجة، وعلى بعض الكتب الانجليزية.
} هل كنت مقتنعاً بالفكر الشيوعي؟
– أقول ليك حاجة في الجانب العقائدي كل الشيوعيين يتحاشون على المستوى الشخصي أن يصلوا بين قناعاتهم الشخصية وبين النظرية، لأن النظرية تطبق فقط على الصعيد الاجتماعي ولا تطبق على الصعيد الشخصي.
} وما هو السبب؟
– السبب أن التربية والثقافة السائدة لا تسمحان للإنسان أن يؤمن على الصعيد الفردي (لا إله والحياة مادة)، وأن التطور في الحياة البشرية هو انعكاس للتطور في وسائل الإنتاج هذا إن كان يصلح للحديث العام على أساس المجتمع، فعندما يطبق على عقيدة الفرد يخلق أزمة، ولذلك الحزب نفسه لا يركز رغم أنه يستخدم أدوات الماركسية ولكنه لا يطالب الآخرين، فبعض المتشددين من هؤلاء المدعين يبدون مقتنعين بالماركسية كعقيدة وكرؤية فلسفية تحليلية يتظاهرون بهذا، وأعتقد أنهم كاذبون لأن الحزب يظهر في إشارات كثيرة من سلوكهم، وبعضهم كان يدعي هذا حتى الحلف حينما يقول (وشرفي الماركسي) وهو لا يحلف بالله ويظن أنه يستبدل الحليفة بالشرف الماركسي، لأن حلف اليمين هي فكرة دينية ولا يمكن أن تنتقل الفكرة إلى فكرة لا دينية، ويستبدل الرمز التعبدي إلى رمز لا يؤمن بالدين.
} هل الشيوعيون السودانيون ملحدون؟
– لا أعتقد أن هناك أشخاصاً في الحزب الشيوعي السوداني ملحدون.
} يغلب على حياة أفراد الحزب الشيوعي الفقر والتقشف ويوصفون بأنهم (بلوتاريا).. ما صحة ذلك؟
– هذا ليس صحيحاً، فمعظم أهل السودان كانوا فقراء، فنحن كنا أبناء موظفين فكنا فقراء وحتى أبناء كبار الموظفين أيضاً فقراء، فاقتناء سيارة خاصة كان نادراً، فالسيارات كانت سيارات الحكومة، واقتناء وسائل الحياة الأخرى والرفاهية مثل الثلاجة أيضاً لم تكن متوفرة، لذا استطيع أن أقول إن هؤلاء لو وجدوا طريقة للغنى لاغتنوا.
} هل يوجد بينهم أغنياء أو يعيشون حياة رغدة؟
– هناك نخبة من الشيوعيين تعيش حياة الرفاهية وهنا لا أريد أن اسمي، فهناك أسماء كبيرة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي يبالغون في الحياة البرجوازية، وألف “صلاح أحمد إبراهيم” كتاباً أسماه (البرجوازية الصغيرة) تحدث فيه عن محامٍ من قيادات الحزب الشيوعي اسمه البرجوازي الصغير، تحدث عن سلوكه البرجوازي، فهذا موجود في الحزب الشيوعي فبعضهم كانوا يعيشون حياة طبقية، وهناك عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي متزوج من امرأة أجنبية لها صلة بإحدى السفارات الكبرى رغم أنه عضو باللجنة المركزية. وهناك أشخاص أتيحت لهم مثل هذه الحياة ولكنهم تواضعوا.
} مثل من؟
– “عابدين إسماعيل” و”الشفيع أحمد الشيخ” وهؤلاء كانوا ممدوحين بالتواضع.
} كيف كانت الحياة داخل الحزب الشيوعي؟
– عادية.
} علاقاتكم مع القوى السياسية الأخرى؟
– وقتها لم تكن هناك قطيعة سياسية كما هو الآن، فعندما كنا محسوبين على اليسار كانت لنا صداقات مع الإخوان المسلمين.
} هل تذكر بعضاً منهم خاصة الإخوان؟
– أذكر الأخ “عبد الرحمن عامر” وهو من قيادات الإخوان ونحن في عطبرة الثانوية، والأخ “هاشم أبو بكر” و”محمد العقيد” فلم تكن هناك حالة قطيعة.
} كم من الزمن أمضيت مع (الحزب الشيوعي)؟
– حتى السنة الثالثة وأنا بـ(جامعة الخرطوم).
} وكيف تحولت للاتجاه الإسلامي؟
– لم يكن انتقالي من دار إلى دار، فقد انتقلت بعد فترة قصيرة، فكانت هناك علاقات اجتماعية ونشاط مشترك بين الإخوان والشيوعيين خاصة في الجمعيات مثل (جمعية تطوير الريف) التي تضم إخوان وشيوعيين والجمعية الواحدة يتنافس على قيادتها الإخوان والشيوعيون، وكانت هناك جمعية تسمى بـ(الجمعية الجدلية debated society) أيضاً تضم تيارات مختلفة وتنظم نشاطاً اجتماعياً مشتركاً، ولكن من المؤسف له الآن أصبح هناك كما يقولون وفقاً للمصطلح demonizing شيطنة في السياسة، وهذا السلوك غير ديمقراطي لأن الديمقراطية قائمة على قيمة التفاعل، وإذا كنت بتفتكر أن الآخر شيطان، فأنت لن تستطيع التفاعل معه، فالشيوعيون (يشيطنون) الإخوان المسلمين والإخوان (يشيطنون) الشيوعيين وحزب الأمة يشيطن غيره، فهذا دليل على فقر السياسة الديمقراطية، لأن الثقافة الديمقراطية التي لا تفسح مجالاً للتفاعل لا يمكن أن تنمو وتزدهر لأن فكرة الديمقراطية قائمة على فكرة التميز والعمل المشترك في إطار العمل السياسي مع الآخرين، وحتى المصلح الانجليزي لكلمة Pluralism تترجم ترجمة دقيقة بالجمعية، والجمعية تعني أن هناك أفراداً يجتمعون وهناك تعدد مجتمع، وفي ثقافتنا الاجتماعية التركيز على غير المجتمع، وهناك تركيز لا يجتمع وإذا لم يجتمع التعدد فلن تكون هناك ديمقراطية، وإذا لم يجتمع التعدد سيكون هناك نزاع وستنمو أحزاب لا دستورية لا تعترف بالدولة إلا إذا كانت هي التي تدير الدولة، وإذا أصبحت لا تديرها لا تعترف بها لأنه ليس هناك مشتركات بينها وبين الآخرين، وهذه واحدة من العيوب الكبرى في الفكرة الديمقراطية أو في سلوكنا الديمقراطي، لذلك إذا لم يتغير هذا الواقع وإذا لم يدرك السياسيون والمفكرون أن هذا جوهر الأزمة وجوهر الأزمة تعددية بلا اتصال وكل تنظيم أو نظام ليس فيه اتصال هو مجرد بعثرة، وهذه البعثرة التي نراها حالة طبيعية في الفكر السياسي السائد في وجداننا، فحينما استمع إلى القيادات التي تقود الحزب الشيوعي لا أجد في حديثها أية مصطلحات ولا أية أفكار ماركسية بالعكس أجد الأفكار المناقضة للفكر الماركسي، وما يعلن عنه الآن الخطاب السياسي للحزب الشيوعي هو مجرد حزب سياسي لا ديني، حزب يساري معارض لواقع الحال ويتبنى مواقف انتهازية حتى ولو قادته هذه المواقف الانتهازية إلى أحضان الأم الرؤوم التي هي الامبريالية.
} ما هي وجهة نظرك حول بعض القيادات الشيوعية السابقة؟
– مقاطعاً.. أنا لا أريد أن أتحدث عن الأشخاص لأني لو تحدثت بسوء فهم مضوا إلى الله إلا حديثاً عن جوانب متعلقة بالفكر والتنظيم، فلا شك أن “عبد الخالق محجوب” له قدرات تنظيمية عالية واستطاع أن يعبر بالحزب في أخطر انقسام يشهده (الحزب الشيوعي) في السودان، فاللجنة المركزية للحزب انقسمت عام 1970م إلى قسمين متساويين اثني عشر لكل طرف المنشفيك والبلشفيك، واستطاع أن يعيد بناء الحزب خلال أشهر قليلة.
} و”الشفيع أحمد الشيخ”؟
– “الشفيع” كان قائداً عمالياً مرموقاً لا شك في ذلك، وكان يعينه على ذلك أنه شخص محبب للكثير من الناس بسلوكه الاجتماعي المقبول.
} لكن هناك من انتحر من (الحزب الشيوعي).. ما هي الأسباب؟
– أنت تتحدث عن “شيبون” فأنا لا أتحدث عن الأشخاص.
} هل تقلدت مواقع داخل الحزب؟
– أنا لا أريد التحدث عن التفاصيل، قد تقودنا إلى أشياء أخرى دعنا في العموميات.
} وأنت طالب بـ(جامعة الخرطوم) حتى السنة الثالثة في صفوف الحزب الشيوعي، ما الذي دفعك للالتحاق بالاتجاه الإسلامي ومن الذي أثر فيك؟
– الأمر متعلق بفكرة النضج، فعندما يكبر الإنسان يصبح أكثر نضجاً، بالإضافة إلى عامل التربية الدينية والأخلاقية التي تلقيناها في المنزل والتي جعلت حالة من عدم التوافق بين طبيعة الالتزام الذي التزم به وطبيعة الحياة الاجتماعية المرتبطة بهذا الالتزام، وبين ما يتوقع مني في الأسرة الصغيرة والكبيرة، لذلك المعارفة كانت ذات طابع اجتماعي أولاً ثم فكري ثانياً.
} يقال إن أهل بيتك ينتمون لحركة الإخوان المسلمين منذ وقت مبكر ألم يكن لهم أثر في هذا التحول من المعسكر الاشتراكي إلى الاتجاه الإسلامي؟
– كل أخواتي ينتمين إلى حركة الاتجاه الإسلامي وكذلك أزواجهن، فشقيقتي الكبرى “مريم” كانت من الأخوات منذ مطلع الستينيات وكذلك زوجها وأصدقائها و(دار الميثاق الإسلامي) بجوارنا، وعاشرنا بعض الإخوان الذين كانوا يسكنون فيها بعد أن تحولت إلى (دار النشاط الإسلامي) مثل “القاضي عبد الرحمن” الذي أُلقي القبض عليه في انقلاب “حسن حسين”، فعلاقاتنا الاجتماعية بيننا وبينهم متصلة ولم تكن هناك قطيعة.
} وقتها.. هل كنت متمرداً؟
– كنت مراهقاً مثلي ومثل كثير من المراهقين الآخرين، والتمرد ثمة من سمات المراهقة وهي ضرورية لفك الارتباط بينك وبين الأسرة حتى تكون صاحب شخصية مستقلة، فإذا كان هناك تمرد فيكون بسبب السن العمرية ليس أكثر أو أقل.
} وهذا دفعك للاشتراكية؟
– الاشتراكية كانت بسبب تأثير المناخ السياسي العام في السودان من خلال الإعلام والدعاية للناصرية وحركة (التحرر الأفريقي) والحديث عن حركة (الانحياز) وتمجيد قياداتها مثل “تيتو”، “نهرو”، “عبد الناصر”، “نيريري” و”بن بيلا”، فالمناخ كان مشحوناً بالاتجاهات الاشتراكية واليسارية، لذلك التحول سببه شعور اجتماعي بعدم الرضا من طبيعة الحياة الاجتماعية التي كنت أعيشها، وعندما بدأت حالة المفارقة كان لدى عدد من الأصدقاء من الإخوان المسلمين مثل الأخ “عبد الرحمن عامر” و”حسن مكي” و”محمد عثمان محجوب” و”بابكر حنين”، فقد صادقتهم قبل أن أكون ملتزماً في صفوف الاتجاه الإسلامي.. وأذكر أنني أصبحت مديراً لجريدة الجامعة قبل التزامي الإسلامي، وكان السكرتير الثقافي في الاتحاد الأخ “حسن مكي”، فحينما طلب أن أكون مديراً للجريدة قلت له ولكنني لست معكم في حزبكم، قال لي وماذا يعني أنت طالب بالجامعة، فهذا أمر عجيب فنحن في (الحزب الشيوعي) لا يمكن أن نأتي بشخص ليس له التزام، ولا أعتقد أن الإخوان يفعلون ذلك، وهذا فعل لا يفعله إلا “حسن مكي” فقط، لذا البعض اعتقد أنني موالٍ لهذا الاتجاه وأُدرج اسمي ضمن المرشحين في الانتخابات، فذهبت وسحبت ترشيحي وقلت لهم أنا لست ملتزماً.
} كيف كانت ردة فعل الإخوان؟
– الإخوان كان لهم انتقاء للعضوية، وأذكر زارني قبل أيام الأخ “سيد الزبير” وهو من أخواننا المحس وكان من كبار الإخوان في الجامعة وكان حريصاً على ضمي إلى صفوف الإخوان، بينما كان الأخ “مكاوي محمد عوض” مدير عام السكة الحديد الآن من الرافضين انضمامي.
} وما هو السبب؟
– السبب أن لبسي وشعري وشكلي ما كان يتناسب مع الاتجاه الإسلامي آنذاك.
} وهل الإخوان لهم لبس خاص؟
– نعم، فالزي الرسمي بالنسبة لهم عدم إتباع الموضات، لابد أن تكون في البنطلون طيه، وإذا لم توجد يكون هذا خروجاً عن المألوف والألوان المشجرة غير مقبولة وكذلك الصارخة، فالقميص لابد أن يكون أبيض أو بيج أو أزرق فاتح، والقميص لابد أن يكون كم طويل وبأزرار، ويجب عدم طي أطرافه والحذاء عادي ويغلق بسحاب من الجانب.. وكل الموضات في اللبس مستنكرة عند الاتجاه الإسلامي، لذلك عندما كان ينظر إلى لبسي كنت مخالفاً وغير محتمل.

} ما هو شعور الإخوان وهم يشاهدونك لابس بنطلون شارلستون وشعر كثيف وقمصان ملونة؟
– طبعاً كان هناك استنكار، لأن شكلي بالنسبة لهم غير مقبول، بل البعض كان يندهش، ولكن بعد أن أصبحت ملتزماً في صفوف الإخوان، كلفت من قبل مسئول الثانويات آنذاك الأخ “سيد الزبير” بالذهاب إلى عطبرة للقيام بنشاط سياسي وتجنيدي، فالتقيت بالأخ “الزبير أحمد الحسن” ومجموعة من الطلبة، وسبق أن أخطروا بأن مبعوثاً من الجامعة سيأتي إليهم.
} كيف كان شعورهم عندما قابلوك؟
– عندما جئت لم يعرفونني ولم يصدقوا، فجلست معهم في مسجد صغير وتحدثت إليهم بالطريقة التي يتحدث بها الإخوان المسلمون، ومن الأشياء التي أعانتني على ذلك أنني كنت مهتماً بقراءة أدبيات الإخوان المسلمين، فكنت أقرأ “لسيد قطب” و”حسن البنا” و”محمد قطب” و”الشيخ الغزالي”، فعندما كنت في صفوف الحزب الشيوعي كنا نناظرهم من خلال كتبهم، كما ساعدني في ذلك مكتبة الوالد التي كانت تشتمل على العديد من الكتب الفكرية والصوفية والسمانية، فكنت محباً للقراءة خاصة في مجال الأدب والشعر، فكان عندي رصيد من الثقافة لذلك لم أجد صعوبة في الاندماج سريعاً مع الإخوان من الناحية الفكرية والتعبير، لذلك دخلت المكتب التنفيذي للحركة الإسلامية ولم أمضِ تسعة أشهر من انضمامي في صفوف الحركة الإسلامية.
} وكيف تم قبولك بالشكل الذي كنت عليه؟
– لقد تحمل وزر ذلك شخصية جريئة وهو الأخ “محمد خير فقيري”، وكان أمير الجماعة وقتها، وهو الذي أصر على دخولي المكتب التنفيذي، فقد نافح بقوة داخل مجلس الشورى حتى أجيز اسمي، فقد استنكر بعض الناس كيف أقبل بهذا الشكل وهذا السلوك.
} هل كنت جريئاً وقتها؟
– جرأة لا يقدم عليها كثير من الإخوان.
} كيف؟
– كنت أقف وأتحدث مع أخت من الأخوات داخل الجامعة، وهذا سلوك لا يتجرأ عليه أحد من الإخوان، حتى ولو كانت الأخت قريبة أو أخت ذلك الشخص، فكثير من سلوكي كانت فيه جرأة غير مقبولة، ولكن أن يتجرأ أمير بالجامعة ويرشح اسمي لدخول المكتب التنفيذي، كانت فيه مجازفة ولكن استوعبت بسرعة الطريقة التي يتحدث بها الإخوان.
} في عهد من دخلت المكتب التنفيذي؟
– كان في عهد “محمد حسن الباهي”، وأثناء ذلك اعتقلنا وأمضينا سنتين بالسجن.
} هل هذه أول مرة تعتقل فيها؟
– لا أريد أن أتحدث عن المرة الأولى.
} إذن الثانية متى كانت؟
– اعتقلنا بعد انقلاب “حسن حسين”، وظللنا بالسجن حتى إعلان المصالحة الوطنية في 17 /7/ 1977.
} هل تذكر من كانوا معك في السجن؟
– كان معي عدد كبير وأترحم على آخر من توفى منهم “عبد الحميد الترابي” ومهما اختلفنا سياسياً فلم تنقطع الوشائج، فثقافة القطيعة سيئة، فالوشائج بيننا لم تنقطع أبدا، لأنها علاقة سجن، وقيل إذا أردت أن تعرف شخصاً فسافر معه فكيف إذا جلست معه في السجن لسنتين، فعلاقة السجن وثيقة وفيها كثير من الروح الإنسانية حتى مع الفقراء. وكانت هناك رابطة تضامن السجناء حتى مع المجرمين وليس السياسيين، فإذا أسئ معاملة مجرم أو ضرب، وكان يحدث غضب واحتجاج كبير وسط السياسيين، وكانت بيننا وبين المحكومين بالإعدام صداقات، فتجربة السجن فيها كثير من الجوانب الإنسانية، وصورة الشخص الذي يقتل تظل صورة قاتمة وكئيبة، ولكن المعايشة اللصيقة تضئ لك جوانب من النفس الإنسانية، ففيها نوع من الإشراق رغم كل تلك الظلمة.
} ما الذي استفدته من السجن؟
– التفكير العميق وتطوير العقلية النقدية، فدخلنا السجن ونحن تكريريون، بمعنى أننا نكرر ما نحفظ من عبارات، وعندما خرجنا كنا أكثر قدرة على نقد فكرنا وأشخاصنا ونقد لممارستنا، رغم أن في الثقافة الدينية يعتقدون أن النقد إذا تناول الأشخاص والهيئات سيخالف الدين فهذا غير صحيح، فالنقد إذا تناول الأشخاص والهيئات بصورة موضوعية ولم يراد به إلا الإصلاح فهو من جوهر الدين وليس شيئاً مخالف الدين، وهذا من الأمور التي ينبغي أن تعمل الحركات الإسلامية على تربية أفرادها على الفكر النقدي وعدم تقديس الذات، لا الذات الفردية ولا الجماعية.
} كيف تنظر إلى الحركة الإسلامية بين الماضي والحاضر؟
– الحركة الإسلامية تطورت كثيراً من حيث الأفكار والممارسات، ولكنها أيضاً تراجعت في بعض الأفكار وبعض الممارسات ولكنها أيضاً في حالة تقدم أكثر منها حالة تأخر. والسودان بمكوناته الفكرية والسياسية لم يتخلف وهو ليس في حالة أدنى عما كان عليه، ولكن ربما كان تقدمه نحو الأمام أقل من الفرص التي أتيحت له، وأقل مما كان ينبغي أن تستفيد منه الموارد البشرية المادية لتعزيز مكاسبها في التقدم والترقي الاجتماعي، وهذا ما يلام عليه أهل السودان جميعاً وتلام الحركات السياسية، ولكننا لا نستطيع أن نقول إن الحركات السياسية الآن أكثر تخلفاً عما كانت عليه، فهذه حالة حنين للماضي حتى ثقافتنا تأثرت، نعيد سيرتها الأولى، وكأنما سيرتها الأولى هي المثال، فالسيرة منصة للقفز نحو المستقبل وكل ماضٍ ينبغي أن يكون منصة قفز نحو المستقبل.
} يلاحظ أن الاستقطاب للحركة الإسلامية الآن أقل عما كان عليه في الماضي ما هو السبب؟
– لقد ضعفت الرغبة في كسب الولاء للحركة الإسلامية لأسباب عديدة، فالآن الناس يحبون القوى ويحبون أن يوالوا القوي.. لكن الموالاة بسبب القناعة الفكرية فنحن كنا نفرق ما بين التجنيد والاستيعاب، فهناك مرحلتان مرحلة التجنيد وهو أن تأخذ مواقف الشخص أن يدخل معنا، ومرحلة الاستيعاب أن تحول أفكاره وسلوكه وطريقة تعبيره وقيمه إلى نفس القيم التي تؤمن بها، أما الآن فينتهي عند كسب العضوية للشخص، ولا أقول في كل الأحوال ولكن في غالب الحال الإنسان يسعى لاستيعاب البيئة الجديدة وليست البيئة هي التي تسعى نحو الاستيعاب، ففي الماضي كانت البيئة الإخوانية هي التي تستقبل الفرد الجديد وتستوعبه، الآن له الخيار إن أراد أن يستوعب هذه البيئة الجديدة أو أراد أن يقف على مرحلة الإعلان للولاء فقط.
} ولكن في الماضي لم تكن هنالك مصالح مثل الآن فمن يحاول ولوج الحركة الإسلامية الآن يكون وراء هدف؟
– أنا هنا لا أحدث عن نوايا الناس، أنا أتحدث عن الظاهرة التي ترى وتحس وتقاس، فمن كانت هجرته لامرأة ينكحها أو دنيا يصيبها فهجرته لما هاجر إليه، فهذا موجود ولكن لا يمكن أن نعين شخصاً معيناً بهذا ونقول بأن هذا الشخص جاء بغرض المصلحة، فالشبهة ستظل أكبر عندما تقبل الدنيا عليك وعندما يأتيك الناس من أجل طلب هذه الدنيا، ولكنها لا تتجاوز حد الشبهة فستظل شبهة لا أكثر ولا أقل.
} هل تعتقد أن الإخوان ما قبل الثورة يختلفون عمَّا بعدها؟
– هذا ليس صحيحاً، هناك تفاوت والدليل على ذلك أن عدداً كبيراً من الشهداء جندوا في الثورة، فقاتلوا وقتلوا وعدد كبير منهم جند بعد الثورة والتعميم في ذلك يكون تعميماً خاطئاً.
} ولكن البعض آثر السلطة والمال؟
– لا استطيع أن أتحدث عن أحد بعينه كما قلت لك، فآثر أو لم يؤثر فهذا حكم متعلق بالنوايا ما لم يرتبط بظواهر معينة في سلوك الشخص وفي طبيعة حياته، فلن نستطيع أن نحكم عليه ولكن الناس يقبلون على صاحب الدنيا وإنهم إنما جاءوا للدنيا وربما يكون هذا موجوداً، وربما يكون غالباً أحياناً، ولكن لا نستطيع أن نعين شخصا ًبعينه ولن نستطيع أن نجزم أنه جاء لدنيا يطلبها ولم يأتِ للفكرة وللمبدأ.
} البعض يصفك بأنك مسيخ؟
– أنا أتحدث بما أعتقد أنه صحيح، وربما يكون أكثر دقة أنني غير مجامل تلك المجاملة التي اعتاد عليها السودانيون في التعبير، واعتقد أن أصدقائي يعرفون أنني لست مسيخاً.
} هل أنت محسود؟
– إذا كنت فعلاً محسوداً استغرب على ماذا أحسد، ولا أعتقد أنني محسود على شيء، فإذا كان هناك شخص يحسدني على شيء، فأنا لا أحسده على هذه المشاعر.
} كيف تقرأ وفي أي المجالات؟
– أقرأ في الأدب وفي الشعر وأقرأ بدون تحفظ في الروايات الفكرية في مذكرات السياسيين، وهذه مكتبة صغيرة أنقلها للمكتب وتجد كل أنواع الكتب فيها موجودة فأحياناً أكمل الكتاب وأحياناً لا أكمله.
} هل لديك ساعات محددة للقراءة؟
– أنا لا أقيد نفسي بساعة محددة فأحياناً أقرأ ساعات طوال وأحياناً أقرأ دقائق قليلة، فهذا (الآيباد) يمكن أن تقرأ فيه أكثر من مادة فتجد عدداً من الصفحات مقفولة لأنني أقرأ في أشياء مختلفة.

المجهر

تعليق واحد

  1. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ .
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ

  2. هعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعهعههعهع
    قال تربيتنا دينية من الاساس لمان لقيت النهب فى الشيويه ممنوع
    جيت هنا للمغتية بالدين دى مش كده تافه حقير ذليل مقطع عديم
    اخلاق تربية معرجن وهنتوشى تفو عليك الف مره

  3. ياسلام عليك ياولد اهو الشغل والكلام الفى الصميم
    رجاء حسن خليفة امينة امانة المراة بالمؤتمر الوطنى
    والراعى والوصى الحصرى لسحسوس اتبرا امين حسن عمر
    المربى بباسطتا وهريستا الحلوة الطاعمة اللذيذة

  4. قال المصلحجي غير الامين :
    :”هذا دليل على فقر السياسة الديمقراطية، لأن الثقافة الديمقراطية التي لا تفسح مجالاً للتفاعل لا يمكن أن تنمو وتزدهر لأن فكرة الديمقراطية قائمة على فكرة التميز والعمل المشترك في إطار العمل السياسي مع الآخرين، ،،”

    اسال نفسك بينك وبينا
    عن ديمقرطيتنا الوليده …من هدمها واقام عليها زباله اسمها الانقاذ
    جعلتك تاكل راتب حرام ل 24 سنه؟

    بطل كذب يمخترق قوانين الخدمه المدنيه..يا ” اسالو خالي”

  5. لم يكن الانضمام الى تنظيمك هذا بمشكلة أمام أحد فنحن كلنا يا أمين نتاج للتربية السودانية ونظام التعليم السوداني الذي تتكلم عنه وكأنه لم ينتج غيرك.تنظيمك هذا هو الوحيد الذي كان يقبل الشواذ ضمن عضويته وهؤلاء صعدوا معكم الى أعلى الهرم. واحد أمه تشد عرقي هو الان من كبار اعلامييكم وهلم جرا با عبادي با بطل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..