صناعة اللحوم في السودان… الحاضر والمستقبل

الخرطوم : رجاء كامل : الثروة الحيوانية ميزة للاقتصاد السوداني ويمتلك السودان ثروة حيوانية تربو على اكثر من 140 مليون رأس من الماشية، وتعتبر صناعة اللحوم ومنتاجتها احدث انواع الاستثمار الذي دخل السودان، وبرأس مال وطني ووسائل تصنيع حديثة لمنتجات اللحوم. وتشير الدراسات الى انه يوجد بالبلاد 14 منشأة صناعية عاملة فى مجال صناعة منتجات اللحوم.
و فيما كانت صناعة وتجارة اللحوم أكثر إزدهاراً فى بعض دول الجوار «مصر، الأردن، لبنان، سوريا، الخليج» نلاحظ أن صناعة اللحوم فى السودان بدأت بخطى شبه بدائية ومتأخرة.
شهدت الخرطوم وبواسطة رائد صناعة اللحوم السودانى حسن قنجــارى إنشاء أول سوبر ماركت ملحق به معمل لتصنيع وتجميع وعرض منتجات اللحوم المختلفة على غرار ما هو معمول به فى أوروبا وأمريكا باسم مكسيم سوبرماركت.
ويقول عماد ابورجيلة رئيس غرفة صناعة اللحوم «للصحافة» ان بداية صناعة اللحوم كانت اوائل السبعينات من خلال شركة قنجارى وهى احدى الشركات الافريقية الرائدة فى تصدير اللحوم حيث قامت بانشاء محطات للحوم فى اليمن ومصر ودول افريقيا والشرق الاوسط والخليج من مختلف مناطق السودان ثم تحولت الى التصنيع من خلال مكسيم بيرغر اضافة الى الجزارين الذين كانوا يقيمون بعض الصناعات الخفيفة والمتمثلة فى السجق والكفتة وفى بداية الثمنينات بدأت تظهر اهتمامات بصناعة اللحوم وحتى العام 2001م لم يكن هناك اكثر من ثلاثة مصانع بالمفهوم التجارى مشيرا الى انه حدث تسارع فى نمو المصانع وحسب رئيس غرفة اللحوم وصل الان عدد المصانع العاملة فى مجال تصنيع اللحوم الى 14 مصنعا اضافة الى اكثر من 30 معملا صغيرا غير مسجلة وهناك 6 مصانع كبيرة وتقدر حجم العمالة فى المصنع الواحد منها ما بين 200 الى 300 عامل اضافة الى مصانع متوسطة وصغيرة وتصل حجم العمالة فى المصنع ما بين 50 الى 70 عاملا مؤكدا ان كل مصانع اللحوم تخضع تحت مظلة رقابية مكونة من وزارة الصحة متمثلة فى ادارة صحة الاطعمة والاغذية فى المحليات المختلفة مبينا انها الجهه المانحة للترخيص الصحى والذى بموجبه تعطى التراخيص بجانب هيئة المواصفات والمقاييس السودانية وهى الجهة الرقابية التى تقوم بتسجيل اى منتج قبل ولوجه الى السوق وتحدد معاييرالجودة و مكونات المنتج حسب المواصفة القياسية السودانية وتشرف عليها من خلال لجان متخصصة تضم لجنة اللحوم ولجنة المضافات الغذائية وهناك ادارى التفتيش الصناعى بوزارة الصناعة وهى الجهة المانحة للترخيص الصناعى كمنشآت صناعية- غذائية تحويلية مبينا ان كل المصانع تخضع لتفتيش من قبل الجهات الصحية ونطمح ان تكون مع الرقابة نوع من التشجيع والدعم لهذا القطاع للوصول الى المعايير العالمية. واكد ابورجيلة رئيس غرفة اللحوم ان هناك تنسيقا مع وزارة الثروة الحيوانية فيما يخص مصدر اللحوم «المسالخ» التى تقوم على رقابتها الوزارة، وقالت الدراسات الخاصة التى تحصلت الصحافة عليها من اتحاد الغرف الصناعية ان فرص الاستثمار في القطاع الحيواني بالسودان تعد جيدة للغاية لأن السودان يتمتع بامكانات وقدرات كبرى تؤهله لاستيعاب نهضة زراعية ضخمة يلعب الحيوان فيها دورا رئيسا من خلال مشاريع الإنتاج الحيواني مشيرا الى ان حجم الاستثمار فى مجال صناعة اللحوم وصل فوق الـ100 مليون دولار وستشهد نموا كبيرا خلال الاعوام القادمة وان غرفة مصنعى منتجات اللحوم هى الحلقة الاخيرة فى القيمة المضافة للمنتج اللحوم تبذل جهودا لاستقطاب دعم الدولة لهذا القطاع موضحا انه يمكن تحقيق ايرادات كبيرة اذا ما تم تسويق منتجات اللحوم فى الاسواق العالمية ونوعية اللحوم السودانية لها ميزاتها ومن أهم ما يميز اللحوم والمنتجات الحيوانية السودانية بأنها ذات جودة عالية وخالية من المواد الكيماوية ذلك لاعتمادها على المراعي الطبيعية التي تخلو تماما من أي مركبات مرتبطة بالأعلاف التي تقوم على المواد العضوية ومركباتها فالسهول الشاسعة والأقاليم المناخية المتباينة تعطى ميزة بنسبة كبيرة لتربية الحيوانات ما جعلها خالية من أمراض الحيوان الوبائية كافة هذا بالإضافة إلى العناية الصحية والمحجرية التي تقوم بها السلطات المختصة بوزارة الثروة الحيوانية السودانية، مشيرا الى ان الإنتاج الحيواني بأنواعه المختلفة يعتبر من اكبر المجالات الجاذبة للاستثمار سواء على مستوى القطاع الخاص أو الاستثمار المشترك ويرجع ذلك إلى الثروة الحيوانية الهائلة بالسودان من أبقار، ماعز، ضأن، جمال إذ تبلغ حوالي 130 مليون رأس هي المصدر الرئيس لانتاج اللحوم الحمراء، وتأتى الميزة الثالثة بوفرة المراعى الطبيعية والأعلاف المائية المركزة والخدمات البيطرية، لهذه الأسباب فان مجال الصادر يعتبر غير محدود وتشير الإحصاءات السنوية إلى أن معظم الدول المجاورة في العالم العربي والشمال الأفريقي تحتاج إلى كميات كبيرة من اللحوم الحمراء. وفى الوقت الراهن فان السودان يصدر الضأن والماعز والجمال الحية واللحوم.
ولفت ابورجيلة الى ان هناك محاولة من المصانع المنتجة فى ان تتبع بروتوكولات السلامة الغذائية العالمية حتى تستطيع الوصول الى اعلى مقاييس الجودة والسلامة الغذائية ونتمكن بذلك من ولوج الاسواق الاخرى العالمية خاصة فى الصادر لدول المنطقة العربية.
وفيما يختص بتنوع منتجات اللحوم السودانية بالاسواق اشار عماد ابورجيلة الى انها غير شاهد على تطور القطاع وقال لدينا اكثر من 36 صنفا مختلفا من اللحوم المصنعة فى السودان مبينا ما حدث خلال الأعوام «2006 ـ2011 م» من تطور فى هذه الصناعة يعتبره طفرة حيث أصبحت المصانع السودانية تصنع منتجات مشابهة لتلك التى تصنعها الدول الأوروبية والأمريكية والدول العربية حيث أُدخلت صناعة المنتجات منتجات اللحوم غير التقليدية ممثلة فى المورتاديلا، الفرانكفورتر، الســلامى، البسطرما، البيبرونى، الشاورما، روست بيف، بيف بيكون، فخذ مطهى مدخن، الكباب، البفتيك، الإستيك، الكستوليتة، والقطعيات مثل الفلتو، البيانكو، الإنتركوت، ومنتجات الدواجن ومكونة من مورتاديلا، فرانكفورتر، شاورما، ناجتس، تشكن روست، سلامى، قطعيات مطهى مدخن، والفيليه.
بجانب ذلك التطور الكبير الذى حدث فى مجال التغليف ومواكبته للعالمية حيث حدث تطور فى التغليف حتى فى الخامات نفسها وتسجيل البيانات الخاصة بكل منتج «الصلاحية، المكونات، طرق الطهى ….الخ» وبخط واضح وألوان جذابة اضافة لكل منتج التعبئة والتغليف المناسب اللذب يلائمه «مجمداً كان أو مبردا» مع نظام التغليف بتفريغ الهواء.
مؤكدا ان الاهتمام بالتعبئة والتغليف ضرورى وهو يساعد على الاحتفاظ بالجودة واطالة العمر التخزينى، كما يلائم التجميد الأغلفة عديمة النفاذية للاكسجين والماء لتلافى الجفاف السطحى وأكسدة الدهون.
شهد تطور فى مجال التصنيع شمل الماكنات حيث أصبحت عمليات التصنيع تنفذ آلياً وتقلص التجهيز اليدوى للمنتجات، وادخل نظام المنتجات المطهية «مورتاديلا ، فرانكفورتر ، سلامى ….الخ» بأفران تعمل بالكهرباء ويسجل كمبيوتر هذه الأفران كل خطوات الطهى.
ولكن هناك فى المقابل مشاكل وعقبات تواجه هذا القطاع تتمثل فى ارتفاع كلفة المنتج السودانى بدءا من مدخلات الانتاج التى تحمل اعباء كبيرة من جمارك ورسوم وجبايات تزيد من كلفة المنتج النهائى وقدرته التنافسية مقارنة بنفس المنتج بالاسواق الاخرى وشدد ابورجيلة على النظر فى الاعفاءات والسياسات التشجيعية التى تجعل من المنتج السودانى اقل كلفة واكثر تنافسية فى الاسواق الخارجية وكشف رئيس غرفة اللحوم ان الدولة تعكف على وضع مصفوفة سياسات واجراءات لتطوير صادر اللحوم وتشمل سياسة تشجيعية متوسطة وطويلة المدى لدعم قطاع صناعة اللحوم وتطويرها ومن العقبات التى تقف فى تطوير الصناعة تذبذب اسعار المواشى والحالة الاقتصادية العامة التى تمر بها البلاد وهى تؤثر تأثير مباشرا مشيرا الى ان السودان يملك خمس اضعاف الثروة الحيوانية الموجودة فى استراليا وهى ثالث دولة للتصدير اللحوم الحية والمذبوحة فى العالم ويصل حجم تجارة اللحوم الاسترالية الى 12 مليار دولار فى العام والسودان اذا انتهج سياسة وخطة على مدى المتوسط لتطوير قطاع اللحوم يمكن ان يصل الى تجارة بحجم لايقل عن 3 مليار دولار سنويا من صناعة وتجارة اللحوم والمواشى اضافة الى تعظيم القيمة المضافة لصناعة اللحوم التى تعطى فائدة لقيمة مضافة عالية لمنتج اللحوم السودانية ودعا رئيس غرفة صناعة اللحوم كل الجهات المختصة الى الاهتمام بهذا القطاع ودعمه حتى يصل الى الاسواق العالمية.

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..