“رابعة” وعبد الظاهر وأبو تريكة ..الإشارات السياسية في ملاعب الكرة !

بقلم : عزالدين الكلاوي

■■ قامت الدنيا ولم تقعد في القاهرة على إثر ما تم تفسيره بإتيان أحمد عبد الظاهر مهاجم النادي الأهلي بإشارة “رابعة ” عقب تسجيله الهدف الثاني للأهلي في مرمى أورلاندو بايرتس الجنوب افريقي في نهائي دوري أبطال افريقيا والذي إنتهى بفوز الاهلي بهدفين نظيفين وإحرازه لقب البطولة للمرة الثامنة في تاريخه .
وبداية أنا بالتأكيد ضد الإتيان بإشارات سياسية أو طائفية أو عنصرية في الملاعب الرياضية وبخاصة ملاعب كرة القدم في المباريات الكبرى التي يتابعها الملايين عبر التليفزيون وباقي وسائل الإعلام، وهذه الإشارات قد تكون بأي جزء من الجسم أو بجمل مكتوبة على قميص داخلي أو شيء مكتوب ومخفي في جوارب اللاعب أو تحت ملابسه ، وكثيراً ما شاهدنا مثل هذه الأمور في ملاعب الكرة ولا ننسى اللاعب الغاني “الأهطل” جون بانسيل الذي أخرج من جوربه خلال مونديال 2006 علم صغير لدولة الكيان الصهيوني وأخذ يلوح به بعد تسجيل فريقه لهدف لم يسجله هو بنفسه خلال مباراة في المونديال، وذلك على سبيل الدعاية لهذه الدولة الغاصبة لأرضنا العربية في فلسطين ، وقد ضايق تصرفه الأرعن هذا كل الجماهير العربية .. وقد واجهته شخصياً في حوار أجريته معه بعد ذلك عام 2008 في العاصمة الغانية ، وإكتشفت أنه أهطل وقليل الوعي مضحوك عليه ولم يكن يعرف مدى الورطة التي وضع نفسه فيها ، عندما لقنوه أن هذا السلوك تعبير عن إمتنانه لكرم أهل هذه الدولة معه عندما كان يلعب في أحد أنديتها ، والمهم أن الفيفا إكتفى بتحذيره أو عاقبه بغرامة تافهة .

■■ واغلب من يقومون بهذه الأمور في ملاعب كرة القدم ، يكونوا مجرد مقلدين أو راغبين في شهرة أو بريق إعلامي أو أنهم يعانون من ضعف وعي، أوقلة ثقافة، أونقص خبرة بشؤون الحياة، وأتذكر لاعباً مصرياً شهيراً ، قام عدة مرات أمام كاميرات التليفزيون بعمل حركة تمثل الصلاة المسيحية بعد تسجيله أحد الأهداف كتقليد أعمى للمهاجمين الأجانب في اوروبا والبرازيل ، رغم أن هذا اللاعب مسلم ، والتفسير أنه كان مجرد مقلد ويريد الإستعراض وتقليد الأجانب ، وعندما تمت توعيته ، إمتنع بالفعل عن هذا السلوك .

■■ و لا أدري لماذا أصبحت حركة الإشارة “رابعة” تمثل حساسية كبيرة في الأوساط السياسية بل والشعبية المصرية ، رغم أنها لاتمثل سوى جزء من عشرات أومئات المآسي الدرامية التي وقعت في الكثير من الشوارع والميادين المصرية إبان فترة الربيع المصري منذ يناير 2011 ، ومثلما كان هناك شهداء وضحايا ومآسي في رابعة ، كان هناك أيضا في التحرير ومحمد محمود وما سبيرو والحرس الجمهوري والإتحادية ورمسيس وإمبابة وشبرا والعباسية وستاد بورسعيد وغيرها .. لماذا لم يخترع كل فصيل إشارة خاصة بالشارع والميدان الذي يرمز لمأساته ويلوح ويشير بها حتى تتساوى الرؤوس وتهدأ الفتن ونتفرغ لحل المشاكل ومداوة الجراح، دون البحث عن الإدانة وتعقب آخرين، ربما منهم الأبرياء وغير الفاهمين .

■■ وأعود لما أقدم عليه عبد الظاهر في مباراة الأهلي ، وأؤكد أن تحليل الصورة يثبت أنه كان متردداً ومرتبكاً ويشعر بالخجل والحرج .. والدليل أنه لم يرفع يده بوضوح وعالياً ليظهر الإشارة بشكل لا لبس فيه ولم يتجه نحو الكاميرات ولم يرتدي فانلة عليها الإشارة المقصودة ، والمؤكد أن عبد الظاهر لم يدري أبعاد الأمر، ولم يفهم ماذا يقصد، ولماذا فعل ذلك، وما علاقته شخصياً بهذا الأمر.. ولهذا أرجو ألا يتم المبالغة في تعقبه وتعنيفه ومعاقبته .. والأولى أن يتم تحذيره وفرض عقوبة خفيفة عليه ونصحه بالإعتذار بعد أن يفهم ضرورة عدم الخلط بين السياسة والرياضة وبالذات في الملاعب وأمام الكاميرات .. رجاء أن يتم التعامل بحكمة مع عبد الظاهر وأيضا بطلي الكونغو فو الذين تورطوا في نفس التصرف وعدم تصعيد وتضخيم مثل هذه الامور وإعطائها أهمية أكبر من حجمها ، حتى لا يتم التمادي وفتح باب الفتن الذي يجب إغلاقه في كل مكان وخاصة الرياضات الجماهيرية وكرة القدم .

■■ وفي الختام عندما يتم التساؤل عن غموض سلوك النجم محمد أبو تريكة وذهابه المتكرر نحو جماهير الالتراس بعد الهدف او بعد المباراة حاملاً الكأس وتعمده الغياب عن إستلام ميداليته الذهبية ، أقول أن عبد الظاهر رغم خطأه وقلة وعيه وإرتباكه ، إلا أنه أكثر شجاعة وجرأة ووضوحاً من أبو تريكة ، وإذا كان عبد الظاهر قد وجه رسالة حتى ولو كان مخطئاً فيها ، فإن أبو تريكة يوجه رسائله بشكل يغلب عليه الخبث والغموض أكثر من الحيطة والحذر ، وبدون أن يدري أو هو في غالب الظن يدري ، يخطف الأضواء وتعاطف الجماهير من زملائه ، مع أنهم جميعاً شركاء في الإنجاز واللقب ،فالكرة لعبة جماعية ولولا بسالة المدافعين والحارس وجهد لاعبي الوسط وباقي المهاجمين في الفريق، لما تهادت الكرة أمام أبو تريكة ليسجل منها الهدف ، ويذهب بالمجد وحده !

كووورة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..