نصف قرن على رحيل أب الديمقراطية معارضا لحكم العسكرتارية (2-3)!ا

نصف قرن على رحيل أب الديمقراطية معارضا لحكم العسكرتارية (2-3)!

رباح الصادق

تحدثنا عن بعض جوانب عطاء الإمام الصديق المهدي (11/3/1911-2/10/1961م)، والذي يشكل يوم الغد، الثاني من أكتوبر هذا العام، الذكرى الخمسينية لوفاته. وسوف نتحدث اليوم عن قيادته لتيار الحرية والديمقراطية بالبلاد، وفي المرة القادمة سنتحدث عن رحيله الأليم ووصيته التي جعلت الديمقراطية والشورى أصلا ومبدأ في البلاد وداخل كيان الأنصار. وبرغم ذلك لا يوجد في ذاكرة الأجيال الشابة كما يستحق. كنا ذكرنا وقوفه القوي، كرئيس لحزب الأمة، ضد انقلاب نوفمبر 1958م في مهده وهذا معلوم للقاصي والداني. ولم يكن ذلك موقفا فرديا فقد رفض مجلس إدارة الحزب الاقتراح حينما قدمه له سكرتير الحزب السيد عبد الله خليل (ورئيس الوزراء) بأغلبية ساحقة نسبتها 87% من المجلس! حتى السيد عبد الرحمن علي طه الذي أذاع بيان التأييد باسم الإمام عبد الرحمن كان معارضا بقوة (وهي المعلومة التي أكدها لي: العم صلاح إبراهيم أحمد، والوالد، والدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه بالتتابع)، ولما استدعاه الإمام أطلعه على البيان ?أي لم يصغه ? كاشفا رغبته في أن يذيعه ابنه السيد يحي (ولم يكن عضوا بمجلس إدارة الحزب أو من قادته) ولكن لم يجده فاستعاض عنه بالسيد طه (وهو ابنه كذلك فما البنوة بالجسد وحسب)، وكان الأخير على محبته وتقديره للإمام لا يقدر أن يرد طلبه. فأذاع البيان. وهو بعد بيان تأييدي، وليس البيان (رقم واحد)! كان الانقلاب قد حلّ الأحزاب وصادر دورها وعلّق إصدار الصحف وخرق الدستور مستنا السنة السيئة التي اتبعها من جاء بعده فدمروا بلادنا ومزقوها شذر مذر وتنذر الآن بالمزيد. قاد الصديق معارضة حكومة نوفمبر منذ مولدها، وقد أشرنا من قبل للطائف التاريخ إذ كانت أول مذكرة معارضة كتبها مطالبا الجيش بلزوم ثكناته بتاريخ الأربعاء 21 أكتوبر 1960م. فهي أول أربعاء رائعة، تلتها الأربعاء الرائعة الثانية في نفس اليوم من عام 1964م- والتي دقت فيها طبولنا وزوبعت الفضاء (بتعبير شاعرنا الرائع ود المكي). وبادر الصديق المهدي بتكوين الجبهة الوطنية المتحدة لمعارضة العسكرتارية. وقد اجتمع فيها كل السودانيين وزعمائهم في أحزاب الأمة والوطني الاتحادي والشيوعي والأخوان المسلمون وما شذ إلا حزب الشعب الديمقراطي المؤيد لحكم عبود من «طقطق» بيان السيد علي لـ»سلام عليكم» مذكرة كرام المواطنين عشية الثورة! وحتى هؤلاء فقد بارحهم السيد ميرغني حمزة منضما للجبهة. فكان الإمام الصديق هو (الكبانية) التي التقت عليها الوطنية السودانية لمنازلة الطغيان. وفي 29/3/1960م صلى السيد إسماعيل الأزهري وجماهير الوطني الاتحادي صلاة عيد الفطر المبارك (1379هـ) مع جماهير الأنصار، وكان لهذا اللقاء مغزى سياسي مهم أزعج العسكريين. وبينما الجبهة تناقش خطواتها التصعيدية أُعلنت زيارة الرئيس جمال عبد الناصر للسودان (15-25 نوفمبر 1960م) فكانت بمثابة هدنة أوقفت فيها المعارضة تحركاتها استعدادا لاستقبال ضيف البلاد. وحينما سمحت الحكومة للسيد علي الميرغني المقرب إليها باستقبال ناصر «كان من غير المستساغ منع زعيم الأنصار» كما قال الدكتور إبراهيم حاج موسى في كتابه (تطور نظم الحكم والديمقراطية في السودان)، وكان ذلك الاستقبال مناسبة لإظهار قوة المعارضة وتأييد الشعب لهم مما أحرج الحكومة أيما إحراج. ويروى أن عبد الناصر قال يومها للإمام الصديق: أنا أعرفك يا سيد صديق وكم لاقيتك لكنك ربما لا تتذكرني، فحينما كنت مقيما بالسودان بالأربعينات كنت آتي ضمن أفراد القوة المصرية بالسودان تلبية لدعوات والدك العظيم. بعد مغادرة ناصر وفي 29 نوفمبر تقدم قادة المعارضة لعبود وأعضاء مجلسه الأعلى بمذكرة طالبت برجوع الجيش لثكناته وتكوين حكومة انتقالية تجري انتخابات حرة تأتي بممثلي الشعب حكاما. ثم أرسل الإمام الصديق وفودا تعبوية لكردفان ودارفور. كل ذلك أزعج الحكومة فنحت للتفاوض مع الإمام الصديق قائد المعارضة الذي رحب بالحوار بشرط أن تكون المفاوضات رسمية ويكون حاضروها من الحكومة مفوضين للوصول لاتفاق، وعقدت ثلاث جلسات مطولة آخرها في 12 مارس 1961م، ولكنهم ركنوا بعدها لرجع صدى إعلامهم المضلل، وصرحوا لمراسل جريدة الديلي تلغراف بأن 85% من الشعب السوداني يؤيد حكومتهم. المراسل الذي تساءل عن صحة هذا الادعاء قال له الإمام الصديق: إن كانت هذه المقولة صحيحة فلماذا تحجم الحكومة عن مسألة إجراء انتخابات عامة؟، وأضاف: إنني أستطيع إشعال حرب تحريرية في السودان ولا يمنعني من ذلك إلا الإشفاق على البلاد من الخراب. بعد ذلك اتجهت الحكومة للبطش بالأنصار، فهمت باعتقال موفدي الإمام (السيدين الصادق وأحمد المهدي) للعزاء في الأقاليم، وأبرقهم الإمام الصديق مستنكرا: (يؤسفني أن أضطر لأحتج لديكم على الضغط والعنت الذي تلقاه مجموعة الأنصار وحدها فإنهم منعوا مثلاً من رفع أعلامهم التقليدية في دارفور وحددت إقامة السادة أبناء المهدي أحمد والصادق بغير حق، وقد أوفدا مني لمديريتي كردفان ودارفور في زيارات تقليدية ومهام دينية اجتماعية تختص بالأنصار وحدهم في الغرب وإن في هذا ما فيه من التعدي على الحريات الشخصية والمقدسات والعقائد الدينية والعلاقات والمساواة الاجتماعية، حتى لقد وصل الأمر أن تعتبر التعزية في الفقيدين الناظر عبد القادر هباني والسيد علي أبو سن خروجاً على القانون). مذكرا بأن الدكتاتورية كنظام حكم لا تناسب شعبنا وضرورة الاستجابة لمطالب الشعب. وإثر حادثة تعذيب محام في الأبيض بشكل بشع في يونيو 1961م، عقدت الجبهة اجتماعا طارئا في منزل الإمام الصديق المهدي حضره السادة عبد الله خليل وعبد الله نقد الله ومحمد أحمد محجوب وعبد الله ميرغني وأمين التوم عن حزب الأمة، وإسماعيل الأزهري ومبارك زروق ومحمد أحمد المرضي وإبراهيم جبريل عن الحزب الوطني الاتحادي، وعبد الخالق محجوب وأحمد سليمان عن الحزب الشيوعي، والسيد ميرغني حمزة وآخرون، وأرسلت الجبهة تلغرافا ناريا في يوليو يقول (إن كل ضمير حي ليثور من أعماقه لهذه الأعمال الوحشية التي لن يسكت عليها الشعب الذي اصطكت مسامعه واهتز وجدانه لهذه الأنباء وهو قادر لأن يضع حداً لهذا العهد البغيض الذي قام على إرادة حفنة صغيرة تدفعها الضغائن وتحركها الأحقاد ونحن بوصفنا ممثلين لهذا الشعب ننذركم بأننا سنكشف كلما يدور للرأي العام العالمي والمحلي ونحملكم قضية هذه الأعمال التي أرجعتم بها البلاد إلى عهود الظلام والبدائية المتوحشة). فاعتقل العسكريون كل الزعماء المشاركين في الاجتماع الذي صاغ المذكرة ولم يستثن إلا الإمام الصديق والسيد ميرغني حمزة ويقول البعض إن ذلك كان بطلب من السيد علي الميرغني الذي تربطه بعبود (ختمي الجذور) علاقة وطيدة. وأرسل العساكر (لفت نظر) للإمام الصديق لكيلا يقوم (بما يخالف القانون مستقبلاً) مع هجمة إعلامية قوية على (الحزبية) وتضييق على الأنصار وتجمعاتهم. ورد عليهم الإمام الصديق في نفس اليوم (11/7): (إننا لا نقبل أي تعد على كيان الأنصار بمفهوماته وشعائره المعروفة. إن الجيش الثنائي الذي انبرى لكيان الأنصار بقوته وجبروته فأعمل فيه الضرب والهدم والتحريق ما لبث أن وجد أشلاء ذلك الكيان تتجمع مستمدة قوتها من عقيدتها الثورية التي تنطح كل عائق فرأى رجال الحكم الثنائي نشأة الكيان الشهيد مرة أخرى بقيادة الإمام عبد الرحمن الذي دفع بالحكمة والتي هي أحسن حتى أصبحت تلك القوة المعنوية الكامنة سبب الدفع نحو استقلال البلاد والذود عنه. إنني لا أذكر هذا للمفاخرة وإنما أذكره للتأسف على الظروف التي جعلت حكماً وطنياً يعالج الأمور بأساليب الجيش الثنائي، إن نشاط الأنصار وحريتهم لأداء شعائرهم الدينية حقوق وليست منح وأنا ومن معي أمناؤها وحراسها بالمال والنفس والولد). ورجاهم أن ينظروا في عواقب أعمالهم ويعدلوا عنها. في تلك الظروف كتب الإمام الصديق للأنصار منشورا موجهاً يؤكد أن العنت الذي لاقاه الأنصار على يدي المحتل لم يفلح في اجتثاثهم، وأن العنت الذي يلاقونه اليوم لن يفت من عضدهم. ويوصيهم بالحفاظ على العقيدة والراتب وتنظيم شباب الأنصار. ملحوظة صغيرة: قصص هذا الكيان، لماذا تتكرر؟ من غير المحتمل أن يظل التاريخ يكرر نفسه أو أن تكون جدلياته صاعدة إلى الأعلى ولكن في المحن! ملحوظة كبيرة: لماذا لا يذكر الناس اليوم الصديق إلا قلة قليلة؟ فلو كانت الثورات تولد لكان هو الأب الذي غرس بذرتها في رحم هذا الشعب، وظلت من بعده تكبر، وحتى ولو تساقطت أوراقها بالهجير وأحاطت بها الأعاصير، فكما يقول أهلنا: (لو سلم العود، اللحا بعود).
نواصل بإذن الله وليبق ما بيننا

الرأي العام

تعليق واحد

  1. يل اختى ال المهدى سبب مصائب هذا البلد ال المهدى ليس لهم سوى جدهم المهدى الذى لم يكن المهدى المنتظر انما انسان عادى استغل بساطة السودانيين فى محاربة اخر دوله اسلاميه هى الدوله العثمانيه ممثله فى محمد على باشا اذن دولته قامت على الباطل فما بنى على باطل فهو باطل
    اتى باسوا رجل عرفه السودان هو التعايشى الذى مارس كل انواع القتل و سفك الدماء و كانت مجاعة سنة سته نتاج لسياساته الخرقاء التى اكملها بارسال ود النجومى لفتح مصر بجيش قوامه 4000 مقاتل كانه ذاهب فى مناسبه تشريفيه لفتح مستشفى
    اخر دعوتهم كانت القشه التى قصمت ظهر البعير عندما نادو ان السودان للسودانيين
    كررى كانت هزيمه ليس كما يغنون كررى تحدث عن ……………بالله عليكى لا تعظمى من لا يستحق
    ال المهدى و ال الترابى و ال الميرغنى سبب نكسة هذا الوطن
    لا تنسى ان عبد الله خليل من حزب الامه هو من سلم السلطه لابراهيم عبود حقيقة تاريخهم اسود من جدهم حتى الان
    ال المهدى و ال الترابى و ال المنيرغنى و النميرى هم سبب دمار السودان الترابى من خلفه عصابة الجبهه ليعلم السيودانيين الحقيقه

  2. بسم الله الرحمن الرحيم
    الى الأخت الفاضله / رباح الصادق المهدى
    تحية طيبة وبعد،،،،
    الموضوع : نصف قرن على رحيل أب الديمقراطية معارضا لحكم العسكرتارية (2-3)!
    قرأت عمودك : " وليبق ما بيننا " بجريدة الرأي العام تحت العنوان أعلاه بتاريخ ( 01-10-2011م)
    أرجو أن تسمحى بالتعليق وأن يتسع صدرك للملاحظات التي أود سردها
    الأخت الفاضله أني أحي فيك الروح الوطنية العاليه وسعيك الدؤوب لترسيخ وتمجيد ذكرى زعماء الأمه وأبطالها الذين من أجل بلادهم قاموا بالتضحيات لتبقى خالده في أذهان الشباب مثلى ومثل غيري من الشباب الذين يعلمون القليل القليل عن تاريخ أجدادهم وزعماء أمتهم العظماء المعروفون منهم والمجهولون ، ومثل ما بقول المثل الشعبي ( النسى قديمه تاه).
    كما أود أن أتقدم لك بالشكر الجزيل على إثراء معرفتنا بتاريخ السيد الصديق المهدي (أب الديمقراطية) كما تسميه. ومواقفه التاريخية أتجاه الديموقراطية والعسكرتارية.
    إختي الفاضله، في الحقيقة أنا لست بسياسي ولا أحب السياسة بالرغم من أني نشأت وترعرعت في بيت سياسي حتى النخاع وهو نفس البيت الذي إحتضن في كنفه التحضيرات والإجتماعات الأولى لتأسيس حزب الأمه وفيه وبفضل الله تم ميلاده وبرعاية كريمه من الإمام عبدالرحمن المهدي رحمه الله رحمة واسعة .
    درست وتعلمت حتى الثانوي العالي في مدارس حكوميه سودانية صرفة، وما درسته وتعلمته في هذه المدارس عن تاريخ السودان من المهدية إلى إستقلال السودان وحكومة الأزهري وحكومة عبدالله خليل وإلى آخره، وما سمعته من حكاوي من العم فلان والجد فلان وأحاجي عن تاريخ السودان وزعماءه وقادته، يختلف كثيراً عن ماهو موجود في المناهج التي كانت تدرس وهناك تباين كبير بينهما ومازال تاريخ أمتنا العظيمه يحكى حكاوي مثل ما نحكي حكوة النوم لأطفالنا وكل من يحكي، يحكي بحكم علاقته الخاصه بالشخصية التي يحكي عنها وهكذا….
    ولكل منا الحق في مدح أجداده وتمجيد ذكراهم أينما عملوا فالوطنية والبطولات لاتكون من خلال العمل السياسي فقط فمن جده معلم أو طبيب أو مهندس فهو فخور به وبما قام به من أعمال لاتخلوا من الوطنية ولكن في تقديري لا يكون تمجيد الأجداد بتشويه وظلم الآخرين ولأكون أكثر موضوعيه فإن من حق زعماء أمتنا علينا أن تكون ذكراهم بالصدق والأمانه إن أصابوا أو أخطأؤ وأن لا نتحدث عن رموز هذا الوطن كأباء أو أجداد كأنما أمرهم يخصنا فقط بل كزعماء أمه كاملة أفنوا حياتهم لرفعة هذا البلد وحين ننتقدهم يجب أن يكون النقد بناء وذو فائدة للجميع ومبني على حقائق ووثائق موثقة لا على أقاويل وحكاوى تحكى وتقال في دواوين البيوت، وفي تقديري أن من يريد أن يؤرخ لزعماء هذه الأمه وقادتها ومن صنعوا تاريخ هذا الوطن فلابد أن يكون متخصص في التاريخ فضلاً عن أن يكون سياسياً حتى لا يكون الهدف من وراء ذلك مكاسب سياسية أوشخصية أوليسهم في تأسيس المؤسسات المتخصصة في التاريخ مثل جمعية إعادة قراءة التاريخ وغيرها من المؤسسات العلمية المتخصصة بالصوره الصحيحه دون الحكم علي التاريخ، أي بمعنى أن تذكر الحقائق التاريخيه والظروف المحيطة بها كاملة كما هي دون أن تحكم مسبقاً على ما أقدم عليه هذا أو ذاك وهل كان هذا خطأ أم كان ذاك صواب وتترك الحكم للمتلقي أوالقارئ ودون أن يكون هناك صلة دم أو قربى عن الشخصية التاريخية التي يؤرخون لها حتى لاتكون شهادتهم التاريخية مجروحه حتى ولوكانت نقلاً عن أشخاص مشهود لهم بالصدق والأمانه فشهادة الإبن لأبيه وجده مجروحه بحكم القرابه.
    أما إذا أردنا أن نقوم بتحليل سياسي عن فترة زمنية محددة ففي تقديري يعتمد هذا التحليل على عدد من المعطيات التي يجب توفرها وأهمها (مصدر المعلومات ومدى مصداقيتها) هذا بالإضافة إلى الأسئلة المطلوب الإجابة عليها حتى نصل إلى نتائج التحليل.
    وكما هو معلوم للقاصي والداني أن الفترة التي سبقت إنقلاب نوفمبر 1958م كان السودان يمر بأزمة سياسية وصراعات حزبية كان ضحيتها المواطن السوداني الذي إستنفذ صبره وضاقت معيشته حيث بلغت الصراعات الحزبية لدرجة بلغت قيام أحد الأحزاب السياسية بالتحالف مع دوله مجاورة والتأمر معها لإعلان الوحدة معها لإسقاط حكومة الإئتلاف الوزاري بين حزب الأمة و حزب الشعب الديمقراطي اللذان كانا يمثلان الأغلبية في البرلمان برئاسة عبدالله خليل سكرتير عام حزب الأمه (في زمن الديمقراطيه)، وإخضاع السودان تحت سيطرتها في الوقت الذي كان فيه الإمام عبدالرحمن المهدي (أب الإستقلال) راعيا لحزب الأمه وكان شعاره (لا شيع، لا طوائف، لا أحزاب، ديننا الإسلام ووطننا السودان) والسودان للسودانيين. وحسب فهمي البسيط جداً وجدت الجيوش والعسكرتارية لحماية البلاد والعباد من أي مهدد داخلي كان أم خارجي.
    السؤال الذي يفرض نفسه
    إذا سلمنا بأن عبدالله خليل قام بتسليم الحكومه (وهي حكومه إئتلافيه ) بصفته رئيس الوزاراء المنتخب للقائد العام لقوات الدفاع (العسكر) لتجنيب البلاد النزاعات والفتنه والوقوع تحت حكم دوله مجاورة وإذا إفترضنا أن هذا كان رأي عبدالله خليل ومؤيده ال 13% فقط داخل حزب الأمه حسب ماورد في مقالك.
    فما هو الحل الذي تبناه الطرف الثاني؟؟؟! داخل حزب الأمه ال 87% للتعامل مع هذه المعطيات والحقائق التي يعلمها القاصي والداني خلال تلك الفترة وتحت نفس الشعار للحزب (السودان للسودانيين) خاصةً وأن الديمقراطية قد أثبتت فشلها تماماً في تلك الحقبة من التاريخ.
    هذا السؤال لم أجد له إجابه حتى الآن وكثيراً ما أقراءة في الصحف تقريباً كل عام جميع الصحف تكتب عن 17 نوفمبر 1958م وما قام به عبدالله خليل وعن بعض التصريحات التي تتهمه بالخيانة والإنقلاب على حزبه أو بمصلحة تيار على الآخر داخل الحزب وتحميل عبدالله خليل وحده فشل الديمقراطية في السودان علماً أن إنقلاب نوفمبر جاء أساساً بسبب فشل الديموقراطية وغيرها وغيرها من المقالات والتحليلات السياسية الموجهة، وما يؤسفني أن تطال إتهامات الخيانة والتأمر شخص بقامة عبدالله بك خليل أحد أبرز مؤسسي حزب الأمه وأول سكرتيرعام له وما يزيدني أسفاً أن جميع هذه الإتهامات والمقالات صادرة عن أشخاص ينتمون إلى الحزب، ولكن وبالرغم من هذه الإتهامات الباطلات عن الزعيم الراحل الخالد في قلوبنا الأميرلآي عبدالله بك خليل رحمه الله رحمة واسعة لم أقرأ أو أسمع عن ما هي خطة الطرف الثاني (التيار الثاني داخل الحزب) أو رؤيته لحل الأزمة التي كانت تمر بها البلاد خلال الفترة التي سبقت إنقلاب نوفمبر 1958م أو حتى لا أستطيع أن أتصور كيف لحزب مثل حزب الأمه يتمتع بقاعدة عريضة وبمؤسسية وأعضاء مجلس إدارة وأعضاء مكتب سياسي ذو قامات ساميه ومرموقه ولم يستطيعوا أن يردوا عبدالله خليل عن قدومه بتسليم السلطة بإفتراض أن عبدالله خليل وحده هو المسؤل عن إنقلاب نوفمبر 1958م. وكل ما نسمعه عن الطرف الثاني الـ(87%) هو معارضته للإنقلاب منذ مهده الأول والدفاع عن الديمقراطيه قولاً لا فعلاً.
    فإذا كان رجل بمقام السيد عبد الرحمن علي طه وعلى حسب تعبيرك ومنطقك لمحبته وتقديره للإمام عبدالرحمن المهدي لايرد له طلباً فلما لا يكون عبدالله خليل وأعضاء المكتب السياسي للحزب لايردون للإمام طلباً وهو معلوم للجميع المكانة المرموقة التي كان يتمتع بها عبدالله خليل عند الإمام رحمة الله عليه.
    الأخت الفاضله رباح إذا كان هناك إنقلاب على الديموقراطية أو خيانه فالجميع مشترك فيها……..
    أو ليس إعلان السيدين الإمام عبدالرحمن المهدي وعلى الميرغني تأييدهم المكتوب لتحرك الجيش وقد أزيع هذا التأييد من إزاعة أمدرمان بدليل.

    وجميع الوثائق تقول كل ما ذكر بعد أنقلاب نوفمبر 1958م كان مؤيداً ومؤكداً على أنه المخرج الوحيد للبلاد. والآن تروي لنا السيدة/ رباح الصادق المهدي بأن حتى بيان الإمام عبدالرحمن المهدي رحمه الله رحمة واسعة كان بالرغم عن إرادته وتستدل بذلك أنه لم يكن البيان رقم واحد وأنه لم يصغه لا بل تذهب إلى أبعد من ذلك لتقول أن من أذاع البيان كان معارضاً له !!! وهو لا يستطيع أن يرفض للإمام طلباً …. ومن؟ من محبة الإمام وقدره كان يستطيع أن يرفض للإمام طلباً …. عبدالله خليل؟!!
    عن أي أي ديمقراطيه أنت تتحدثين يا أخت رباح وأي حزب أنت تمثلين أهو نفس الحزب الذي كان من أبرز مؤسسيه وقادته عبدالله خليل وأنتخب أول سكرتيرعام له. ولماذا لم أسمعك تتحدثين عن رجال قادوا مسيرة هذا الحزب منذ تأسيسه وحتى الآن ولهم من البطولات والتضحيات والمواقف الوطنيه ما لا يقل عن ما قدمه الأمام الصديق أو الأمام الصادق، عن أي ديمقراطيه تلك التي تمجد الأجداد والأنساب وتجحف في حق الآخرين في هذا الوطن وفي تاريخهم المشرف والحافل بالبطولات والمواقف العظيمة أولا يُعرفون الرجال بمواقفهم.
    في ختام ملاحظاتي المتواضعه هذه أحي كل وطني شريف غيور على بلاده وتاريخها المجيد ومثل ما ذكرت في بداية حديثي (النسى قديمه تاه) وكل التقدير والإحترام لكل من قدم ماهو غالي ونفيس من دماء وتضحيات في سبيل الوطن، وأناشد كل من شهد على هذه الحقبة من التاريخ أن يتقدم بشهادته وأن كل من يمتلك في معيته وثائق ومستندات خاصة بإنقلاب 17 نوفمبر 1958م فليملكها للشعب السوداني للحقيقة والتاريخ أفلا حان الوقت أن تظهر الحقائق وينكشف المستور وليعرف شباب اليوم أن السودان بلداً زاخراً بالرجال والأبطال والزعماء ولا ينحصر تاريخه على أشخاص يعدو بأصابع اليد الواحده.
    إبراهيم أمير عبدالله خليل

  3. يا أختى لا تحاولى تمجيد أجدادك و لا آبائك فالتاريخ سيحكم لهم أو عليهم، و فى رأيئ أن جميع الأحزاب الأمة و الاتحادى الديمقراطى و المؤتمر الشعبى و غيرها لم تثبت جدواها و لا فعاليتها فكل زعمائها طلاب سلطة ليس الا، و كلها أحزاب ضعيفة متهالكة و زعمائها متشبثون برئاستها و لا يتيحون أى فرصة لدماء شابة لتحل محلهم الا اذا كانت دماء أبنائهم، و هى بوضعها الراهن لا تصلح لادارة أي دولة و لا لإدارة حتى مدينة واحدة. لقد استغلت هذه الأحزاب بساطة السودانيين من الجيل القديم و استغلتهم ايما استغلال و سخرتهم لخدمتها و قد اضفوا على زعمائها هالة من القداسة حتى كان البسطاء يتسابقون على أخذ التراب من تحت عجلات سيارة الصادق المهدى للتبرك به عندما يزور بعض المناطق فى كردفان و يقتتلون للظفر بجرعة من ماء وضوئه ليمسحوا بها وجوههم و هو مرتاح لذلك و لم ينههم عن ذلك و قد ذكر لى مهندس كهرباء التقيت به فى الدمازين و هو من كسلا انه هو و اخوته عندما كانوا صغارا كانت والدته تطلب منهم أن يمدوا أيديهم باتجاه قبة آل الميرغنى و يحلفوا حتى تستيقن من صدق قولهم بشأن مسألة من المسائل. هذه هى أحزابنا و استغلالها للبسطاء من الجيل القديم و لكن الجيل الجديد من الشباب لا يعرف هذه الأحزاب و لا زعمائها و لن يضفى هالة من القداسة الكاذبة على زعمائها و لكن سيحكم عليها من خلال انجازاتها فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..