أخبار السودان

النفط في برقيات «ويكيليكس»

وليد خدوري *

شكّلت برقيات موقع «ويكيليكس» حدثاً سياسياً وإعلامياً فريداً من نوعه، فهي الأولى تاريخياً التي كشفت هذا الكم الهائل (نحو 250 ألف وثيقة) من البرقيات الديبلوماسية الحديثة لسفارات دولة كبرى. وعلى رغم أن جزءاً يسيراً فقط من هذه البرقيات نُشر قبل نهاية عام 2010، سنحاول هنا ان نستعرض «البرقيات النفطية»، مع الأخذ في الحسبان ان البرقيات المنشورة في الموقع حتى الآن لا تشكل صورة وافية عن الصناعة النفطية، بل لمحات من بعض أحداثها.

من واقع الصناعة النفطية، وغيرها من الصناعات، المنافسة الشديدة بين الشركات. في هذا المجال، تشير البرقيات إلى دور شركة «شل» الواسع في نيجيريا، خصوصاً مخاوف الشركة من ولوج الشركات الصينية والروسية القطاع النفطي النيجيري. وأشارت إلى هذا الأمر آن بيكارد، نائب رئيس الشركة في أفريفيا جنوب الصحراء الكبرى سابقاً، إذ أخبرت ديبلوماسيين أميركيين «ان شل أعارت موظفين إلى أهم الوزارات النيجيرية، ومن ثم فهي على علم بكل ما يجرى في هذه الوزارات». والإشارة هنا إلى تخوف «شل» من محاولات الشركات النفطية الروسية والصينية التنقيب عن النفط في البلاد.

وتشير البرقيات إلى المدى الذي تذهب إليه بعض الشركات في الحصول على العقود. ففي أوغندا، مثلاً، حيث المسوح الجيولوجية الحديثة المشجعة، يتبين ان كبار المسؤولين الأوغنديين نالوا «تعويضات» كي يساندوا بيع حقوق شركة «هيرتاج» إلى شركة «إيني»، بحسب برقية مؤرخة في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2009. ويتضح أن المعلومة هذه وصلت إلى الديبلوماسيين الأميركيين من شركة منافسة، إذ ابلغهم مسؤول في شركة «تولاو» كيف ان «ايني» حولت الأموال من طريق حسابات خارجية للمسؤولين الأوغنديين. وطالب المسؤول في «تولاو» المساعدة الأميركية في المحافظة على شفافية الصناعة النفطية في أحدث دولة نفطية أفريقية.

وتشير البرقيات إلى بعض التحديات التي تواجهها الشركات النفطية في العراق، إذ اشتكت شركات النفط من التكاليف المرتفعة لشركات الأمن في محافظة البصرة، على رغم ان الحال الأمنية مستقرة أكثر نسبياً من السنوات الماضية. ويذكر جون نانلاند، المسؤول عن الفريق الأميركي الموقت لإعمار البصرة، في برقية له بتاريخ 23 كانون الثاني (يناير) 2010 «ان المسؤولين عن شركات النفط العالمية احتجوا على التكاليف الباهظة للشركات الأمنية على رغم ان الأوضاع الأمنية تحسنت عام 2008». ويضيف نانلاند: «تدّعي الشركات الأمنية ان تكاليفها باهظة بسبب شراء السيارات المصفحة والأسلحة، إضافة إلى رواتب لرجال متمرسين في أعمالهم». وبحسب نولاند، فإن تكلفة مرافقة مسؤول نفطي لأربع ساعات حول مدينة البصرة تبلغ نحو ستة آلاف دولار، بينما تكلف مرافقة مسؤولين نفطيين ليوم كامل من البصرة إلى ميناء أم قصر فالبصرة نحو 12 ألف دولار. ويُذكر أن عدد موظفي الشركات في هذه المرحلة الأولية لا تزال قليلة جداً، مقارنة بما ستصل إليه الأعداد في مراحل الاستكشاف والتنقيب والتطوير إذ يمكن ان ترتفع الأعداد إلى المئات بل الآلاف، لترتفع من ثم التكاليف الباهظة الحقيقية للمحافظة على أمن الموظفين وسلامتهم.

وتدل البرقيات إلى الأهمية التي تعيرها الصين إلى وصول إمدادات الطاقة إليها من دون انقطاع، كما إلى الاهتمام الذي تبديه بالاستثمارات. وتدل البرقيات في هذا المجال عن محاولات لوقف الدعم الصيني للرئيس السوداني عمر البشير. وتشير برقية إلى نقاش ما بين المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، لويس مورينو – أوكامبو وديبلوماسيين أميركيين في آذار (مارس) 2009، واقتراحه ان الصين ممكن ان توقف تأييدها للرئيس السوداني في حال اقتناعها بأنه يزعزع الاستقرار، في مقابل ضمان تدفق النفط إليها مستقبلاً. وتؤكد البرقية «ان أوكامبو يعتقد ان الصين، إذا اقتنعت ان البشير أصبح عاملاً مزعزعاً للاستقرار، فهي ستؤيد إقصاءه في مقابل ضمان ان الشخص الذي سيخلفه سيؤمّن مصالح الصين الاقتصادية». وتشير مصادر إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى ان إنتاج السودان من النفط بلغ نحو 485 ألف برميل يومياً في 2009، وأن حصة الشركات الصينية من هذا الإنتاج تساوي نحو 250 ألف برميل يومياً، ما يشكل نحو 65 في المئة من الصادرات النفطية السودانية ونحو ستة في المئة من الواردات النفطية الصينية. وزعم أوكامبو في حديثه ان ثروة البشير تُقدر بـ «تسعة بلايين دولار»، واقترح استخدام هذا الأمر في توسيع الفجوة ما بين البشير والرأي العام السوداني.

وفي مجال ضمان إمدادات الطاقة إلى الصين، يذكر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، في برقية، نقلاً عن مسؤول سعودي رفيع المستوى، «ان السعودية تتفهم قلق الصين من انقطاع إمدادات الطاقة لها من قبل إيران، وأن الصين تحاول استقطاب مزيد من التجارة والاستثمارات. وتحرص السعودية على ضمان هذه الأمور للصين، لكن فقط في مقابل خطوات صينية ملموسة بخصوص وضع حدود للبرنامج النووي الإيراني». وتؤكد البرقية ان «أي صفقة محددة لم تُناقش في هذا الخصوص».

والأمر المثير في البرقيات النفطية هو الكشف عن محاولة شركة أميركية نفطية كبرى العمل في إيران على رغم العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن ضد طهران. فتكشف إحدى البرقيات ان «شيفرون» تفاوض طهران على تطوير حقل نفطي مشترك ما بين إيران والعراق على رغم الحصار الاقتصادي. وأبلغ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هذه المعلومة إلى القائمة بالأعمال الأميركية في بغداد في 19 آذار (مارس) 2009. وتضيف البرقية: «بالنسبة إلى الهيدروكربون، تساءل رئيس الوزراء عن موقف الولايات المتحدة من مفاوضات مباشرة ما بين شركات أميركية وطهران، وموقف الحكومة الأميركية من شركات أميركية تطور حقولاً مشتركة ما بين العراق وإيران، ومن ثم العمل في الأراضي الإيرانية». ويضيف المالكي: «نحن في مفاوضات مباشرة الآن مع شيفرون لتطوير حقل نفطي عراقي – إيراني مشترك». وقال ان «شيفرون» «أعلمته أنها اتصلت بطهران حول هذا الأمر. ولم تذكر البرقية اسم الحقل المشترك، كما لا تشارك «شيفرون» في تطوير أي حقل عراقي حالياً على رغم ثلاث مناقصات.

وثمة أمر خطير أيضاً يتمثل في الكشف عن نفوذ الشركات النفطية في بعض الدول، وكيف ان في استطاعتها منع نشر بعض المعلومات، على رغم أهميتها. وتدل البرقيات في هذا الصدد إلى انفجار في منصة بحرية لشركة «بي بي» في حقل ببحر قزوين تابع لأذربيجان قبل نحو 18 شهراً من انفجار «ماكوندو» في خليج المكسيك، واستطاعت الشركة الالتفاف على الخبر وعدم نشره في حينه.

* كاتب متخصص في شؤون الطاقة
دار الحياة

تعليق واحد

  1. واقترح استخدام هذا الأمر في توسيع الفجوة ما بين البشير والرأي العام السوداني.

    يا خنزير اقول ليك حاجه؟؟ قووووووووم لف بس

  2. ولسع ياما في الجراب ياحاوي باذنك يااحد حتبان كل المتخبي وياريت الناس الطويلي اللسان شويه يدخلو في اوكارهم ويسمعو الاخبار من الراديو ياريت تكون من (الحره)سودان اصلن دي اخبارها 100ميه:lool: ولسسسسسسسسسع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..