غلاء الأسعار يريد إسقاط النظام

غلاء الأسعار يريد إسقاط النظام

الرشيد طه الافندى
[email protected]

تصاعدت الأسعار بصورة كبيرة وتعدت حدود المستطاع للسواد الأعظم من المواطنين المغلوب على أمرهم مقابل صمت وسكون حكومي غريب لا تفسير له إلا إن المسئولين لا يحسون بمعاناة المواطن ولهيب الأسعار الذي يكويه الأمر الذي يعني إن هناك فجوة بعيدة بين الحاكم والمحكوم وحلقة مفقودة وفوارق نتج عنها عدم الإحساس بالمعاناة التي طالت الغالبية العظمي من الشعب ؛ لكن كيف ومن أين يأتي لهم الإحساس وكيف لهم أن يدركوا تلك المعاناة وهم في أبراج عاجية وأبواب زجاجية يأتيهم طعامهم رغدا هنيآ واحتياجاتهم دون أن يعرفوا حتى أسعارها وقدوتنا وحبيبنا الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم كان يقول إنما إنا عبد ؛ آكل كما يأكل العبد ؛ واجلس كما يجلس العبد ؛ وكان (ص) يعود المساكين ؛ ويجالس الفقراء ؛ ويجيب دعوة العبد ؛ ويجلس بين أصحابه مختلطا بهم حيث انتهى به المجلس جلس ؛ وكان يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السحنة فيجيب وهو الذي يقول وإنما إنا بن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ؛ هذه الأمثلة لسيرة الرسول الكريم (ص) ما هي إلا محاولة تذكير للدولة والمسئولين الذين يقولون و يدعون أنهم يحكمون بما انزل الله وقال الرسول (ص) وهم في القول (فالحين) لكن شتان بين القول والفعل ؛هي أيضا أمثال نضربها فقط من باب ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وليست للمقارنة بأي حال من الأحوال لان المقارنة حتى لو كانت همسا ربما تهوى بنا إلى درك سحيق والعياذة بالله .
قصدنا من كل ذلك أن ننبه السادة المسئولين عن الرعية للنظر والالتفات أكثر إلى معاناة المواطنين والالتصاق بهم ومعايشة واقعهم والإحساس بمشاكلهم وإيجاد حلول جادة تخفف وتحد من ارتفاع الأسعار وليس على شاكلة الغالي متروك تلك الحملة (الخائبة) خائبة لأنك لا يمكن أن تدعو الناس لمقاطعة ما يقاطعونه أصلا مجبرين و هذه الحملة تؤكد ما ذكرناه سابقا بان هناك ساتر وأستار بين الأبراج العالية والكادحين المعذبون في الأرض ؛ شاهدت استطلاع في التلفزيون لأراء المواطنين عن رأيهم في حملة الغالي متروك ؛ رجل كبير في السن قال (نحن مقاطعنو لينا زمن والواحد وقت يلقي قرشيات يمشي يقيف لما الناس يمشوا يمد قروشو بخجل للجزار يقول ليهو أديني ربع كيلو شوفوا الناس البتشتري بالخمسة وستة كيلو قول ليهم قاطعوا) هذا ما قاله الرجل بلسان الكثيرين لكن ما لم يقله ونعرفه إن هناك بعض النساء (المدبرات) باجتهادهن الشخصي أصبحن يتشاركن في ربع كيلو لحمة حتي انطلقت النكات و الطرائف عن هذه الحالة المزرية التي لم تحدث من قبل ومنها تقابل ثلاثة أشخاص عند الجزار طلب اثنان ربع كيلو يقسم بينهما بينما طلب الثالث اثنين كيلو؛ نظر إليه الجزار والآخران باستغراب ودهشة رد عليهم لا تنظروا لي هكذا أنا عندي (سماية) . هل يصدق ذلك أي مسئول وهو يعيش بعيدا في برجه العاجي ؛ بالتأكيد لن يصدق (لو حلفت برب البيت) ومعه الكثيرون لكنها حقيقة وواقع معاش ومن يكذبنا عليه بسؤال الجزارين ؛ و لو كل وزير أو مدير أو مسئول في اى مرفق من المرافق من باب الإحساس بالمسئولية ومعرفة أحوال الرعية أجهد نفسه قليلا بعمل مقارنة بين الدخل والمنصرف والاحتياجات علي الحد الادني من التقشف لنفسه والعاملين معه لأدرك وفهم معني المعاناة الحقيقة التي يعيشها المواطنين ولأدرك حجم الهم الذي يحملونه في سبيل المحافظة على حياتهم وحياة من يعولوهم ؛ هذا طبعا على صعيد الذين يتقاضون مرتبات بصورة شهرية وهم أحسن حالا من غيرهم علي الأقل لديهم ما ينتظروه كثر أم قل أما أصحاب الأعمال الحرة فحدث ولا حرج فهؤلاء يخرجون من الصباح الباكر يضربون في الأرض بحثا عن أرزاقهم وما يسد رمقهم وأسرهم لكنهم يقعون بين سندان قلة سوق العمل ومطرقة مطاردة السلطات التي لا أطعمتهم ولا تركتهم يأكلون من خشاش الأرض فضلا عن جيوش من الخريجين والعطالة وأرباب المعاشات والذين تقطعت بهم السبل .
الذي يحدث الآن من غلاء الأسعار والضائقة المعيشية والمعاناة التي يعاني منها المواطنين كفيل بإسقاط أي حكومة مهما كانت ولا حرص للمواطن على حكومة غير قادرة علي أن توفر له ابسط مقومات الحياة في حدود استطاعته وعلي الحكومة أن لا تأول صمت المواطن في اتجاه تأييدها لان المواطن أيا كان موقفه من النظام سيجد نفسه في النهاية بين خيارين إما الموت جوعا أو إسقاط النظام ساعتها الخيار واحد ومعروف لأن المواطن لن ينتظر مكتوف الأيدي حتى يقضي نحبه وعلي الحكومة أن تفهم إن هذا الهدوء هو الذي يسبق العاصفة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..